«الشعب» تجوّلت في نقاط البيع بشرق العاصمة

الآثار الاقتصادية للجائحة تُلقي بظلالها على أسواق المواشي

فتيحة كلواز

 خسائر المرّبين كبيرة بسبب غلق المطاعم و«تجميد» الأعراس

أجمع الباعة والزبائن على خصوصية عيد الأضحى هذه السنة بسبب جائحة فيروس كورونا المستجد، التي أثرت على القدرة الشرائية للمواطن بسبب توقف النشاط التجاري لأشهر بعد إقرار الحجر الجزئي المنزلي، ما انعكس على عملية اقتناء الأضاحي، رغم استحداث طريقة البيع عن طريق الأنترنيت التي لم تلق رواجا كبيرا بين المواطنين، فيما كان الأطفال الغائب الأكبر بسبب الإجراءات الوقائية والتدابير الاحترازية التي حالت دون تنقلهم.«الشعب» تجوّلت في مختلف نقاط البيع بشرق العاصمة لتنقل لكم هذه الآراء.

أول وجهة لـ«الشعب» كانت «البرايدية» بهراوة بعين طاية، حيث وجدنا الموالين ينتظرون الزبائن الذين فضل الكثير منهم عدم شراء الأضحية بسبب الآثار الاقتصادية للأزمة الصحية الاستثنائية التي تعيشها الجزائر، منذ ما يقارب الخمسة أشهر.
 وفي هذا الصدد، قال محمد –موال- عن عملية اقتناء الأضاحي: «انخفض إقبال المواطنين على شراء الأضاحي بشكل ملحوظ مقارنة بالسنوات الماضية، بسبب ما انجر عن الحجر الصحي الذي توقفت فيه كل الأنشطة الاقتصادية ولعله السبب الرئيسي لامتناع الكثير منهم عن شرائها، رغم أن الأسعار في متناول الجميع، تتراوح ما بين 40 و70 ألف دج فحتى المربين أيضا تكبدوا خسائر اقتصادية كبيرة بسبب غلق المطاعم، وتوقف حفلات الأعراس والختان وكذا منع التنقل بين الولايات وهو ما زاد من تعقيد الوضع بالنسبة لنا، لذلك كان لا بد من وضع هذه الأسعار التي يراها بعض المواطنين مرتفعة نظرا للظرف الاستثنائي الذي نعيشه».
وعن كيفية بيعه للأضاحي، قال محمد:
«أملك مزرعة في بودواو لتربية الأغنام والأبقار في كل سنة استأجر مستودعا بهذا المكان لبيع الأضاحي، هذه السنة كان الأمر صعبا جدا خاصة مع المراقبة المستمرة لرجال الأمن، لكن استطعنا البقاء هنا مع احترام إجراءات الوقاية ولو ظاهريا لتفادي الحجز على أغنامي، لكن تبقى الحيطة والحذر ضروريين لمواصلة عملية البيع التي تأثرت كثيرا بالجائحة المستجدة».
أما رياض الذي وجدناه يتفحص بعض الأضاحي، فقال عن سعرها: «هي مرتفعة فلا يمكن لشخص يشتري كبشا بـ50 ألف دج وهو يعلم أن سعره الحقيقي أقل بكثير من ذلك، حقيقة أن الموالون والمربون تأثروا بالجائحة لكن المواطن كانت خسائره أكبر خاصة محدودي الدخل، فحتى الإدارة اقتطعت منها بعض المنح ما جعلنا نتقاضى نصفه، تخيلوا شخص يتقاضى أجرا يساوي 30 ألف دج كيف يستطيع شراء أضحية وراتبه لم يتعد 20 ألف دج بعد اقتطاع المنح منه، بالإضافة إلى أننا كمجتمع فقدنا علاقاتنا الإنسانية فرغم ان الجميع يمر بظروف استثنائية لم يتساهل الموالون في السعر بل يطمحون الى تعويض خسائرهم على حساب المواطن البسيط الذي استنزفتهالأزمة الصحية التي بدأت بوادر أثارها الاقتصادية تظهر بوضوح».
واستطرد رياض قائلا: «في السنوات الماضية كنت أتقاسم ثمن الأضحية مع أخي الذي كان يعمل بائعا في السوق الموازية حيث يعتمد نشاطه على التجارة الموسمية، وبسبب الحجر الصحي توقف نشاطه ولم يعمل منذ مارس الماضي ما أثر على ميزانية الأسرة، أما الأضحية، فلا أظن أنني مقتنيها، اللّهم إلا إذا تقاسمت ثمنها مع أحد الجيران،... جئت اليوم الى هنا كي أعاين الأضاحي وأسعارها رغم علمي أنني عاجز عن شرائها».
 تخوّف من البيع الإلكتروني
وجدنا في أحياء برج البحري، درقانة ورويبة، باعة غير مرخص لهم يبيعون الماشية بطريقة ملتوية وصل ببعضهم الى وضعها داخل مستودع لا تخرج منه إلا عند شرائها، لكن أجمع الكل على أن الإقبال ضعيف بسبب العجز المالي الذي يعانيه المواطن بسبب الظروف الصحية الاستثنائية.
 في هذا السياق، قال عمر: «في كل سنة أقتني أغناما من الجلفة أو تيارت لأبيعها هنا في الجزائر العاصمة، لكن لم استطع فعل ذلك هذه السنة بسبب المراقبة الصارمة على حدود الولاية، فكثير من أصدقائي تم الحجز على الأغنام التي اشتروها لبيعها دون ترخيص، لكن لم يمنع البعض من المغامرة وبيعها بسرية تامة دون علم المصالح المختصة، لكن رغم ذلك الإقبال قليل مقارنة بالسنوات الماضية لأسباب متعددة منها الخوف من العدوى وكذا ضعف القدرة الشرائية التي تدهورت بعد الحجر الصحي الذي دام ثلاثة أشهر كاملة، ليصبح المواطن أمام وضع صعب، لذلك كان خيار الأضحية للكثير منهم بعيد المنال».
وعن اقتناء الأضاحي عن طريق الأنترنت، أوضح جمال أنه» بسبب الظروف الصحية وإجراءات الحجر الجزئي لجأ بعض الموالين الى عملية البيع عن طريق الأنترنت حيث يرسل صورا لأغنام مع سعرها وطبعا تكون مرفوقة برقم الهاتف والخدمات المقدمة كالتوصيل وإمكانية ترك الأضحية عنده الى غاية ليلة العيد، الى جانب خدمات أخرى كالقيام بشعيرة النحر وكل ما تستدعيه العملية من سلخ، وغسل وتقطيع، لكن لا يرى في ذلك جدوى لأن أغلب المواطنين لا يثقون في العملية كلها، لذلك يفضل الكثيرون الشراء بالطريقة التقليدية مع أخذ الاحتياطات اللازمة من ارتداء القناع الواقي والتعقيم المتكرر لليدين لمنع أوالحد من العدوى، مع تفادي وقت ذروة البيع.
ولاحظ جمال في ذات السياق، أن الأطفال هم الغائب الأكبر هذه السنة عن أسواق المواشي بسبب إمتناع أهاليهم عن مرافقتهم إليها بسبب الأزمة الصحية الاستثنائية خوفا من إصابتهم بالعدوى، وبسبب صعوبة التحكم بهم داخل نقاط البيع لرغبتهم الشديدة في لمس الأضاحي واللعب معها، مؤكدا أن جائحة كورونا المستجدة سرقت من المناسبات الدينية بُعدها الاجتماعي، لكنها في الوقت نفسه كشفت عن الكثير من العيوب في العلاقات الإنسانية التي تربط الأفراد فيما بينهم، ما اعتبره فرصه لإصلاح الذات من اجل الارتقاء بالمجتمع.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19629

العدد 19629

الجمعة 22 نوفمبر 2024
العدد 19628

العدد 19628

الأربعاء 20 نوفمبر 2024
العدد 19627

العدد 19627

الثلاثاء 19 نوفمبر 2024
العدد 19626

العدد 19626

الثلاثاء 19 نوفمبر 2024