حاولت مديرية المصالح الفلاحية لولاية بومرداس بالتنسيق مع السلطات الولائية والمحلية بالبلديات والمصالح البيطرية ضبط قائمة رسمية لنقاط بيع أضحية العيد شملت 86 نقطة معتمدة بطريقة رسمية تراعى فيها الشروط الصحية والوقائية، لكنها بحسب ردود فعل الموالين والفلاحين الصغار وحتى المواطنين شملت فقط 20 بلدية من أصل 32، ما يعني بحسبهم حرمانهم من عملية البيع والشراء وتشجيع النقاط العشوائية.
حددت مديرية المصالح الفلاحية قائمة بنقاط بيع كباش العيد بعد ضغط الموالين والفلاحين من مهنيي تربية المواشي والأغنام المنتشرة بكثرة بولاية بومرداس بالخصوص في المناطق الجبلية التي ينتشر فيها هذا النشاط لدى العائلات التي ألفت تربية عدد من رؤوس الأغنام استعدادا لعيد الأضحى المبارك وتلبية حاجيات المواطنين، وبالتالي كانت هذه الفئة غير المعتمدة تقريبا لدى المديرية والغرفة الفلاحية أكثر تضررا مثلما رصدته «الشعب» مقارنة مع الموالين الكبار بسبب صعوبة بيع ماشيتهم نتيجة التدابير الصحية وصعوبة تنقل الأشخاص ما بين الولايات.
وفي هذا الموضوع بالذات عبر عدد من المربين الصغار بالقول: «إنها سنة صعبة ولم نكن ننتظر هذه الوضعية الوبائية وما صاحبها من إجراءات وقائية ومنع تنقل الأشخاص ما بين الولايات التي حرمتنا من زبائن أوفياء يأتون إلينا خلال هذا الموعد خاصة من العاصمة لاقتناء أضحية العيد بالنظر إلى ميزتها من حيث النوعية مقارنة مع الماشية المتنقلة من الولايات السهبية والجنوبية».
وبعد انتظار وإلحاح من قبل الفلاحين والموالين، وبداية انتشار نقاط بيع الكباش على الطرقات وفي الفضاءات المسيّجة وحتى داخل المستودعات عبر بلديات بومرداس، لجأت مديرية المصالح الفلاحية الى إعداد قائمة معينة بأسماء الباعة وعنوان المستثمرة أو الفضاء المخصص لعملية البيع لم تحدد فيها طريقة ممارسة النشاط عبر 12 بلدية لم يتم الإشارة إليها.
واحتوت بعض البلديات 21 نقطة بيع لكباش العيد مثل بلدية سي مصطفى قليلة العدد من حيث السكان وحتى النشاط، في حين خصصت نقطة واحدة فقط في اغلب البلديات وحتى الدوائر الكبرى على غرار بلدية خميس الخشنة التي ضمت نقطة بيع واحدة بالمستثمرة الفلاحية رقم 4 جناتي رابح ونقطتين ببلدية برج منايل، وهو القرار الذي لقي الكثير من ردود الفعل خاصة بالنسبة لبعض الموالين المعروفين الذين رغبوا في فتح فضاءات تستجيب لشروط البيع من أجل تصريف منتوجهم وتجنب الخسائر الكبيرة.
وإذا كان الأمر كذلك بالنسبة للإجراءات المتضمنة في منشور مديرية المصالح الفلاحية، الموجه لمختلف السلطات المعنية مصحوبة بحزمة من التدابير، وشروط ممارسة صارمة، تتماشى وتدابير الوقاية مع الحرص على النظافة، وتعقيم الأماكن المخصصة للبيع تحت مراقبة المصالح البيطرية، فإن الواقع في الميدان عكس ذلك تقريبا نتيجة توسع نقاط البيع غير المعتمدة بما فيها المتنقلة عبر المركبات النفعية التي تقوم يوميا بنقل الماشية وعرضها في فضاءات مفتوحة ومحاور الطرقات الرئيسية، في حين فضل البعض الآخر طريقة البيع عن طريق معارفه وأقاربه الذين يتنقلون مباشرة إلى الاصطبلات بعيدا عن أعين الرقابة لاقتناء الأضحية.
تفاوت بحسب النوعية
في جولة قادتنا إلى عدد من فضاءات بيع أضحية العيد وجدنا فضول المواطنين مركزا على واقع سوق الماشية وأسعارها المتفاوتة أكثر من الإقبال على الشراء مقارنة مع السنوات الماضية، حيث أرجع البعض هذه الوضعية الى «الظروف المادية الصعبة التي مسّت أغلب العائلات بما فيها متوسطة الدخل التي كانت تدخر جزءا يسيرا كل سنة لاقتناء الأضحية جراء جائحة كورونا وما صاحبها من توقف النشاط ومصادر الكثير من أرباب الأسر من فلاحين وعمال بالأجر اليومي».
الظروف الاقتصادية الصعبة التي أثرت على جيوب المواطنين، كان لها تأثير مباشر على بورصة سوق الماشية بحسب الباعة والموالين الذين يملكون رصيدا معرفيا وتجربة في الميدان، وبالتالي كان لها انعكاسا أيضا على سعر الأضحية الذي يتراوح ما بين 35 ألف دينار إلى 65 ألف دينار، حيث يتخوف الموالون وبعض النشطاء من تراجع البيع وتكبد خسائر كبيرة ناجمة عن قلة البيع وضعف الإقبال من طرف المواطنين وارتفاع تكاليف أعلاف الماشية التي وصلت إلى أزيد من 5 آلاف دينار للقنطار و2000 دينار لمادة «النخالة» وبلا قيمة غذائية تذكر، وبين قدسية هذه الشعيرة الدينية وعمقها الاجتماعي والصعوبات المادية للكثير من الأسر المحتاجة والمتضررة من الحجر التي وجدت عوارض في اقتناء أضحية العيد، تبقى الوقاية ضرورة في مثل هذه المناسبات التي يزداد فيها التقارب والاحتكاك بين الأفراد والجماعات، وعليه فإن حفظ النفس والمال أولى بإجماع الفقهاء.