فوبيا «كورونا» تؤثّر سلبا على نفسية المرضى
يعيش مرضى كورونا في الجزائر كابوسا يوميا بسبب الخوف الشديد الذي يشعرون به بمجرد التأكد من إصابتهم بالفيروس، فهناك من يعتقد أن حياته باتت مهدّدة بالموت، والنجاة من هذا المرض أمر صعب، في ظل عدم وجود علاج فعّال يساهم في شفاء المرضى من جهة، وارتفاع عدد الوفيات بسبب الفيروس من جهة أخرى، ما يؤثّر سلبا على نفسيتهم، في حين لم يستسلم البعض الاخر للمرض بل كافحوا وقاوموا مرارة الألم إلى آخر لحظة، فمنهم من بقى على قيد الحياة ومنهم من قضى .
«الشعب» نقلت شهادات مصابين بفيروس كورونا ومن تعافوا منه في مراحل مختلفة من العمر، حيث أكّد بعضهم أن قبل مرضهم كانوا يتعاملون معه بتراخ وتهاون كبير، ويعتقدون أنه ليس بهذه الخطورة، فاستهانوا بالوضع ولم يلتزموا بالإجراءات الوقائية بشكل جدي، ما تسبّب في إصابتهم بالعدوى ونقله لأهاليهم وأقربائهم، في حين أنّ بعض المرضى لم يسلموا من الإصابة بالمرض،بالرغم من حرصهم على التقيد بكافة التدابير الاحترازية كارتداء الكمامة، اتباع النظافة اليومية وعدم الخروج من المنازل إلا للضرورة القصوى، حيث استغربوا كيف انتقل إليهم الفيروس.
اختلفت الأعراض ولكن النتيجة واحدة الاصابة بـ «كوفيد 19»، فهناك من ظهرت عليهم علامات خفيفة نسبيا كالحمى والسعال وفقدان حاستي الشم والذوق، وآخرون لم تظهر عليهم الأعراض ولكنّهم نقلوا العدوى إلى أشخاص آخرين، في حين أن البعض لا خيار أمامه سوى الذهاب إلى المستشفى من أجل تلقي العلاج بسبب سوء حالتهم الصحية ومعاناتهم من أعراض شديدة وعدوى حادّة كضيق التنفس، علما أنّ 80 بالمائة من الأشخاص الذين يصابون بالفيروس لديهم حالة خفيفة إلى متوسطة ويتعافون دون الحاجة إلى علاج خاص.
«فايزة»..اختارت العزلة الذّاتية
اضطرّت «فايزة» وهي في العشرين من العمر، وبعد ظهور أعراض خفيفة تدل على إصابتها بكورونا، أن تبقى منعزلة في غرفة بعيدا عن أهلها لمدة 14 يوما لتجنّب نقل العدوى إلى أفراد عائلتها وخارج المنزل، وبعد التأكد من إصابتها بفحص «الفيروس» وصف لها الدواء المخصّص لعلاج المرض من قبل الطبيب المعالج، وهي الآن تخضع للعلاج في المنزل عوض المستشفى كون حالتها لا تستدعي عناية خاصة إلا إذا ساء وضعها الصحي، واستمرت الأعراض بعد فترة العلاج.
وأوضحت المريضة «فايزة» أنّها تشتغل في صيدلية خاصة وتتعامل مع الزبائن بصفة يومية، حيث تعتقد أنها أصيبت بالفيروس خلال ساعات العمل، خاصة وأن الكثير من المواطنين يدخلون الصيدلية دون ارتداء الكمامات ولا يلتزمون بإجراءات الوقاية، وهو ما تسبب ــ على حد قولها ــ في انتشار العدوى، مضيفة أنها حرصت على حماية من حولها من أقارب وزملاء بمجرد شعورها بأعراض المرض التي بدأت بآلام في الرأس وحرارة مرتفعة نوعا ما وسعال، زيادة على فقدانها لحاستي الشم والتذوق.
«أعراض غريبة لا تدل على كورونا»
«حسينة» في الستين من العمر، عاشت معاناة كبيرة مع المرض بعد أن ظهرت عليها بعض الأعراض التي وصفتها بالغريبة كونها لم تشك أبدا في فيروس كورونا، فقد شعرت بآلام على مستوى العضلات وإسهال حاد، ولم تكن لديها حرارة مرتفعة وسعال وضيق في التنفس، ولكن بعد أن أغمي عليها مرتين تم نقلها إلى المستشفى، وأثبتت نتائج الفحوصات إصابتها بكورونا، والأخطر أن الفيروس اخترق رئتيها ما جعلها تباشر العلاج بصفة استعجالية.
صارعت المريضة «حسينة» من أجل البقاء على قيد الحياة، فلم تكن تستطع المشي أو التكلم بسهولة إلا بعد إتمام فترة العلاج، ولحسن الحظ أعطى الدواء مفعوله وبدأت تتحسّن حالتها الصحية تدريجية إلى غاية خروجها من المستشفى، ولكنها انتقلت إلى منزلها لتخوض حجرا آخرا لأسبوعين لا تختلط فيه مع أحد، ولا تلتقي بعائلتها خاصة وأن زوجها يعاني من مرض مزمن، وإصابته بالفيروس قد تتسبب في مضاعفات خطيرة ، رغم تأكد شفائها من المرض.
من جهته، استطاع المدعو «حسين» من التغلب على الفيروس رغم كبر سنه، فقد انتقلت إليه العدوى من ابنه الذي أصيب بكورونا دون أن تظهر عليه الأعراض، ولكن الوالد عاش معاناة كبيرة بعد شعوره بآلام شديدة على مستوى العضلات وغثيان وتعب شديد مع فقدان حاستي الشم والتذوق، وبعد انتقاله إلى المستشفى أين مكث فيه قرابة شهر إلى غاية انتهاء فترة العلاج، حيث أكّد أنّ التأثير النفسي للمرض أكثر من الجسدي بسبب الخوف والقلق من عدم النجاة وأن تسوء حالته في الأيام القادمة، وهو يفضّل البقاء في المنزل على المستشفى.
كما أضافت مريضة أخرى قائلة: «بالرغم من التزامي بجميع شروط الوقاية ولكني لم أسلم من الإصابة بالفيروس، كنت لا أنسى ارتداء الكمامة وأخرج إلى الشارع إلا للضرورة القصوى، فلا أعلم لحد الآن كيف انتقلت لي العدوى، في البداية شعرت بآلام حادة على مستوى الرأس والعضلات وتعب شديد، وبعدها أصبت بإسهال حاد جعلني لا أقوى على المشي اضطررت إلى التوجه إلى المستشفى».
معاناة نفسية تضاف لآلام عضوية
تجربة أخرى عاشتها «مفيدة ــ ط» في الثلاثين من العمر، فلم يكن الأمر سهلا بالنسبة لها بعد أن ظهرت عليها أعراض الفيروس، حيث قالت إن العلامات بدأت بآلام في الحلق والرأس والإسهال الشديد، واستمرت إلى شعورها بضيق في التنفس، وهو ما جعلها تتوجّه إلى أقرب مستشفى أين احتاجت إلى الأوكسجين لمدة ثلاثة أيام، مضيفة أن نتائج التحاليل أثبتت إصابتها بفيروس كورونا بنسبة 45 بالمائة، خاصة وأنها تعاني من فقر الدم ما أثر على مناعة جسمها.
وتابعت أنّها تخضع إلى غاية اليوم للعلاج، حيث مكثت في المستشفى 12 يوما والآن تستمر في أخذ الدواء في المنزل، مشيرة إلى أنّها تشعر بتحسّن تدريجي جسديا، ولكنها ما تزال مريضة نفسيا نظرا للخوف الذي تعيشه يوميا من إمكانية أن تسوء حالتها مجددا أو أن تتسبب في نقل العدوى إلى أهلها، حيث أصبح الأمر بمثابة كابوس ينغص حياتها، مضيفة أنّ أفكارا سوداء تراودها بسبب هذا الفيروس الغامض، الذي لا يمكن التأكد من الشفاء منه تماما، زيادة على أن المتعافين من المرض يشعرون بقلق كبير نظرا لتحذيرات الأطباء من احتمال الإصابة بأكثر حدة في حال التقاط العدوى مجددا.