من بين الأساليب الخبيثة التي يستعملها الدمويون لتنفيذ عملياتهم الإرهابية، الهجومات الانتحارية التي ترمي إلى مباغتة الآمنين من الناس وقتل أكبر عدد منهم، وطبعا يرهن منفّذها حياته ويضحّي بها تنفيذا لأوامر من قام بتجنيده إما طواعية أو كرها بعد اختطافه كما يحصل في نيجيريا من طرف مجموعة بوكو حرام الإرهابية، التي تلجأ في كلّ مرّة الى خطف تلميذات المدارس لتحويلهنّ إماّ الى وسيلة إشباع جنسي أو الى قنابل بشرية تفجّر في مناطق تعجّ بالناس.
تنفيذ العمليات الانتحارية يتمّ في الغالب عبر لفّ المهاجم لحزام ناسف حول خصره أو عبر امتطائه مركبة محشوة بكميات كبيرة من المتفجرات، وهي طريقة مفضلة بالنسبة لمدبّريها لأسباب عديدة منها: تكلفتها القليلة، سهولة اختيار الوقت والمكان المناسبين لها، تحقيق أكبر الخسائر المادية والبشرية، ثم انتشارها الواسع عبر وسائل الإعلام، ما يزرع الخوف والرعب في نفوس الناس وهو الهدف الذي يسعى اليه الأرهابيون.
وتعدّ جماعة «بوكوحرام» النيجيرية، إحدى الجماعات الإرهابية التي تملك خبرة قوية في تنفيذ العمليات الانتحارية، فمند إنشائها على يد محمد يوسف، مؤسس القاعدة في أفغانستان عام 2002، ثم مبايعتها لتنظيم الدولة الإسلامية الدموي، وتمديد نشاطها الى الجوار، خاصة الى النيجر، تشاد والكاميرون، وهي حريصة على أسلوب التفجيرات الإرهابية ليرتفع رقم ضحاياها وفقاً لتقارير الأمم المتحدة ما بين 2009 إلى 2017، الى أكثر من 000 20 شخص وشردت أكثر من مليونين آخرين.
«بوكوحرم» هي أول جماعة إرهابية في التاريخ تستخدم النساء والأطفال بدلاً عن الرجال في العمليات الانتحارية، لأنها تؤمن بأنهم يمكن أن يحققوا أهدافا يصعب على الرجل تحقيقها، ذلك لأنهم لا يتعرضون إلى التفتيش في الحواجز الأمنية، حيث يخفون القنابل في ملابسهم أوحقائبهم المدرسية ويعبرون نقاط التفتيش بكل سهولة، بالإضافة إلى ذلك، تعدّ النساء والأطفال أكثر رضوخا لتعاليم الجماعة الدموية من الرجال.
وزاد استغلال النساء في الهجمات الانتحارية بنيجيريا بين عامي 2014 و2015، حيث نفذت العملية الانتحارية الأولى في 8 جويلية 2014، من قبل امرأة في منتصف العمر بمدينة غومبي، سقط خلالها عشرات القتلى من رجال الشرطة، ومن بين أكثر العمليات الانتحارية دموية، تلك التي وقعت في 27 نوفمبر 2014، بسوق مايدوغوري من تنفيذ امرأتين، وخلفت مقتل 78 شخصاً وإصابة العشرات.
إرهابي عمره 7 سنوات
توصّلت دراسة أجراها كل من مركز مكافحة الإرهاب في وست بوينت وجامعة ييل الأمريكية، أن أغلبية الانتحاريين الذين تستخدمهم جماعة بوكوحرام الإرهابية، هم نساء وأطفال.
ووجد الباحثون في تحليل الهجمات التي نفذها ارهابيوهذه الجماعة مند 2011، أن ما لا يقل عن 244 هجوماً من أصل 338 شنته نساء، ومن 11 أفريل 2011 إلى 30 جوان 2017، أرسلت 434 انتحارياً ليفجروا أنفسهم في 247 هدفاً، وكان 56 في المئة على الأقل من هؤلاء الانتحاريين نساء، و81 فرداً منهم كانوا ممن ينطبق عليهم وصف الأطفال أو المراهقين، وأصغر انتحاري تمّ التعرف عليه حتى الآن بلغ عمره 7 سنوات.
وفي السياق، أعربت المتحدثة باسم اليونيسف، ماريسي كوردرادو، عن قلقها إزاء زيادة نشاط جماعة بوكوحرام الإرهابية في القارة الإفريقية وقالت «استخدمت بوكوحرام 83 طفلاً عام 2017 في عمليات إرهابية، أغلبهم من الفتيات.
ويؤكد تقرير اليونيسف، أن أكثر من 55 فتاة كنَّ من بين الأطفال الذين تعرضوا للاستغلال بغرض تنفيذ مثل هذه الهجمات الانتحارية، وتخشى اليونيسيف أيضاً أنه بالإضافة إلى 2.6 مليون نازح حالياً في منطقة بحيرة تشاد، هناك 2.2 مليون شخص إضافي، أكثر من نصفهم من الأطفال، قد يكونون محاصرين في المناطق الخاضعة لسيطرة جماعة «بوكوحرام «الإرهابية وهم بحاجة إلى المساعدات الإنسانية.
والأكيد أن من بين الانتحاريات في نيجيريا، تلميذات شيبوك اللواتي خطفهنّ الارهابيون في ربيع 2014، دون أن يظهر لهنّ أثر.
من المؤلم جداّ أن تستمرّ معاناة العالم مع ظاهرة الإرهاب، ومن الفظاعة أن يستغلّ الدمويون، النساء والفتيات تحت طائلة الخطف والترهيب لتنفيذ عمليات انتحارية تحصد في بعض الأحيان المئات من الأبرياء.
إن هذه الوضعية المأساوية تستدعي التفاتة جادة من كبار العالم لوقف خطف الفتيات في نيجيريا وتحويل اجسادهن الطرية الى قنابل موقوتة.——