جدّدت جبهة البوليساريو الترحيب بالزّيارة التي يقوم بها المبعوث الشّخصي للأمين العام للأمم المتحدة إلى الصحراء الغربية السيد هورست كوهلر، وأكّدت استعداد الطرف الصّحراوي للتعاون البنّاء من أجل استكمال تصفية الاستعمار من آخر مستعمرة في إفريقيا، وذلك بتمكين الشّعب الصّحراوي من حقّه غير القابل للتصرف في تقرير المصير والاستقلال.
عبّرت البوليسايو بالمناسبة، عن تشبّثها بضرورة احترام الطبيعة القانونية لقضية الصحراء الغربية وتطبيق نص ورح قرارها التاريخي 1415 لسنة 1960، الخاص بمنح الاستقلال للشعوب والبلدان المستعمرة.
ومقابل الترحيب الصّحراوي بالرئيس الألماني السابق الذي عينه في أوت الماضي الأمين العام الجديد للأمم المتحدة انتونيو غوتيريس، لإحياء الوساطة بين الاحتلال المغربي وجبهة بوليساريو والخروج من حالة الجمود التي وصلتها القضية الصحراوية،
وتنفيد «الديناميكية الجديدة» التي أطلقتها الهيئة الأممية، شهدنا لامبالاة مطلقة من الجانب المغربي، الذي تجاهل إعلامه تماما الإشارة إلى هذه الجولة، معتبرا إيّاها مجرّد زيارة «بروتوكولية» لفتح خط تواصل لا أكثر ولا أقل، وبدل ذلك ينشغل هذا الاعلام بالاحتفالات التي يحضّرها المغرب للاحتفال بالذكرى الـ 42 لـ «مسيرة العار» التي أسفرت عن احتلال الأرض الصّحراوية عام 1975 بغير وجه حق، رغم أن القرارات الأممية وحكم المحكمة الدولية والحقائق التاريخية، تجزم بأنّها من حق الشّعب الصحراوي لا غير، وبأنّه لا يربطها رابط بالمحتل المغربي.
في الواقع ندرك جيّدا موقف المغرب من المبعوثين الأمميّين، ونعلم بأنه يفعل كل شيء لعرقلة مهامهم، فالتجارب أثبتت بأنه لا يتوانى حتى عن طردهم ورفض استقبالهم، كما فعل مع المبعوث السّابق كريستوفر روس، الذي اضطر لتقديم استقالته بعد مهمّة استمرت ثماني سنوات، فالمهم بالنسبة للمحتل، هو عدم تنفيذ استفتاء تقرير المصير وقتل القضية الصحراوية بالتقادم، وهو في ممارسة احتلاله وعرقلته للحلّ، يلقى تواطؤا مفضوحا من عدّة دول، تتقدّمهم فرنسا التي تحمي ظهره في مجلس الامن بواسطة ورقة «الفيتو».
وعلى هذا الأساس، يصرّ الصّحراويّون وهم يستقبلون كوهلر، أن لا تكون جولته مجرّد جولة بروتوكولية - كما يقول المحتل - بل مقدّمة لمهمّة ناجحة تضع آليات واضحة لإعادة إطلاق عملية السّلام بالصحراء الغربية تنتهي بتنظيم الاستفتاء الذي طال انتظاره، بخباراته الثلاثة «الاستقلال، الضم، الحكم الذاتي».
لاشك أنّ تعيين السيد كوهلر - كما كتب أحد المحللين السياسيين - «تعكس أنّ القضية الصّحراوية مازات في الإهتمام الدولي، وبأنّ الحق لا يزول بالتقادم ويشكل خطوة إيجابية في الإتجاه الصحيح، ولكنها بالتأكيد تحتاج إلى خطوات أخرى إهمها الصرامة والجدية ليتحول الموقف إلى فعل، وهي خطوات لايزال الصحراويون ينتظروهنا بفارغ الصبر، ويتطلعون إلى التعاطي معها كحقائق تحرك السياسات الفعلية للقوى الدولية الفاعلة، وتحديدا أعضاء مجلس الأمن والإتحاد الإفريقي، ويبقى الرهان الصعب متوقفاً على مدى إلزام المغرب بهذه الآليات، ومنع فرنسا من الإستمرار في لغة التسويف والمماطلة التي اعتادتها عبر السنوات».
المبعوثون الأمميّون إلى الصّحراء الغربية
تعاقب عدة ممثلين خاصين للأمين العام للأمم المتحدة على رئاسة بعثة المنظمة للاستفتاء بالصّحراء الغربية (المينورسو)، التي تسعى لإنجاح الجهود الأممية الرامية إلى حل سياسي لهذا النزاع الشائك والقائم منذ عام 1975، عبر استفتاء لتقرير المصير.
- 1 جوهانس مانس
دبلوماسي سويسري، عيّنه الأمين العام الأسبق للأمم المتحدة خافيير بيريز دي كوييار ممثلا له خاصا بقضية الصحراء الغربية بتاريخ 29 أفريل 1990، وظل في هذه المهمة حتى ديسمبر 1991.
- 2 صاحب زاده يعقوب خان
دبلوماسي باكستاني، عيّنه الأمين العام الأسبق للأمم المتحدة بطرس غالي في مارس 1992 ممثلا له خاصا بقضية الصحراء الغربية، وانتهت مهمته في أوت 1994
- 3 إيريك جينسن
عيّنه بطرس غالي ممثلا خاصا بالنيابة من 1994 وحتى 1997، لكنه لم يستطع حلحلة مواقف الطرفين، وإن كانت فترته شهدت بداية عملية «تحديد الهوية» لمن يستحقون المشاركة في استفتاء تقرير المصير. أصدر كتابا عن قضية الصحراء صدر عام 2005 بعنوان: «الصحراء الغربية: تشريح المأزق».
- 4 جيمس بيكر
تولّى مناصب رفيعة في الإدارة الأمريكية ما بين 1981 - 1993 توّجها بتوليه وزارة الخارجية.
عيّنه الأمين العام السابق كوفي عنان عام 1997 ممثلا له خاصا بقضية الصحراء الغربية، حيث قدّم خطة تسوية للنزاع أقرها مجلس الأمن الدولي بقراره رقم 1429 الصادر في 30 جويلية 2002.
وتقضي الخطة بإرساء حكم ذاتي في الصحراء - مع بقائها تحت الحكم المغربي - مدة خمس سنوات، ثم ينتهي بتنظيم استفتاء لتقرير المصير. وقد فشلت هذه الخطة في تسوية القضية، وكانت نقطة الخلاف الرئيسية هي من يحق لهم التصويت في الاستفتاء، وما المعايير التي تعتمد لتحديدهم.
وقد استقال جيمس بيكر من مهمته في الربع الأول من عام 2004.
- 5 بيتر فان فالسوم
دبلوماسي هولندي، عيّنه الأمين العام للأمم المتحدة كوفي عنان ممثلا له خاصا بقضية الصحراء الغربية بتاريخ جانفي 2005. وقد تميزت مهمة فالسوم بتنظيمه عام 2007 بالولايات المتحدة جولات محادثات لأول مرة بين طرفي الأزمة: المغرب وجبهة تحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب (البوليساريو)، لكنها لم تفض إلى نتائج واقعية.
وفي نهاية مهمته، قال فالسوم في أفريلن 2008 إن خيار الاستقلال الذي تطالب به البوليساريو «خيار غير واقعي»، وإن خيار استفتاء تقرير المصير الذي طـُرح سابقا «أمر تجاوزه الزمن».
تصريح فالسوم انتقدته جبهة البوليساريو معتبرة أنه يمثل «انحيازا للمغرب». لكن مجلس الأمن الدولي قال إن تصريح الممثل الخاص «يعبر عن رأيه الشخصي».
- 6 كريستوفر روس
دبلوماسي أمريكي، عمل سفيرا لبلاده في كل من الجزائر وسوريا، وعيّنه الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون ممثلا له خاصا بقضية الصحراء الغربية في جانفي 2009.
قرّرت الحكومة المغربية في 17 ماي 2012 سحب الثقة من روس، معتبرة أنه سلك أسلوبا غير متوازن ومنحازا بخصوص القضية الصحراوية، وذلك إثر تضمينه أحد تقاريره اتهاما للمغرب بـ «تعقيد عمل» البعثة الأممية. لكن جبهة بوليساريو وصفت قرار الحكومة المغربية بأنه «تعسفي وغير مؤسس».
- 7 هورست كوهلر
عيـّن الأمين العام الأممي أنطونيو غوتيريس، الرئيس الألماني الأسبق هورست كوهلر، في منصب المبعوث الشخصي الاممي في 17 أوت 2017، وتقضي مهمته إحياء المفاوضات بين المغرب وجبهة البوليساريو، وفقا لبيان للمنظمة الدولية.
يشار إلى أنّ البعثة الأممية في الصحراء الغربية تضم 264 فردا، بينهم مراقبون عسكريون وقوات من الجيش والشرطة المدنية مكلفون بالإشراف على تنظيم استفتاء تقرير المصير في الصحراء الغربية.