الأستـاذ ديـب نبيـل

الحل السياسي يفرض نفسه والسيناريو الليبي مستبعد في سوريا

حاوره: أمين بلعمري

 عرف الملف السوري في الفترة الأخيرة تطورات كبيرة تصب في اتجاه ايجاد مخرج سياسي للأزمة السورية  التي أدّت حتى الآن إلى سقوط 000 . 100 قتيل ونزوح مليون لاجئ، ناهيك عن الملايين النازحة داخليا هروبا من مناطق الاقتتال والمعارك الدائرة أمام هذا الوضع المعقد ظهرت في الأفق خطة طريق روسية ــ أمريكية تهدف إلى حل الأزمة عبر مؤتمر دولي حول سوريا، رغم تباين وجهات النظر بينهما حول بعض النقاط الخلافية. ولتسليط المزيد من الضوء على الوضع السوري وعلى المبادرة الأخيرة لحل هذه المعضلة التي أصبحت مصدر ازعاج كبير للمجتمع الدولي، كان هذا الحوار مع الأستاذ نبيل ديب أستاذ العلوم السياسية بجامعة قسنطينة (3).
❊ الشعب: هل تعتقدون أنّ الخطة الروسية ـ الأمريكية من شأنها حلّ المعضلة السورية؟
❊❊ الأستاذ ديب نبيل: أنا أنظر إليها بكثير من التفاؤل لأنّ العامل الخارجي ذو تأهيل قوي في مثل هذه النزاعات وفي هذا النزاع تجديدا، فأمام فشل أي من الطرفين في حسم المعركة على الأرض لصالحه، ازدادت نسبة القناعة بضرورة إيجاد حل عاجل يرضي القوى العظمى، روسيا من جهة والولايات المتحدة في الجانب الآخر، كما أنّ بوادر توسّع نطاق الحرب جغرافيا في البيئة المحاذية سرّع وتيرة الحل أو البحث عن هذا الحل.
❊ لنفرض أنّ هذا المؤتمر سوف لن ينجح في حل الأزمة خاصة مع وجود ما يسمى بشروط مسبقة قد تنسف المبادرة أو على الأقل تعرقلها، هل هذا السيناريو يمكن أن يؤدّي إلى تدخل عسكري في سوريا مثلما حدث في ليبيا؟
❊❊ يذكّرني سؤالكم بمقولة هنري كيسنجر منذ حوالي سنتين بأنّ “الأصمّ فقط هو الذي يسمع طبول الحرب العالمية تقرع وبأنّ أمريكا هي التي ستنتصر فيها”، هذا الطرح حسب اعتقادي يبقى واردا لكن احتمالاته ضعيفة، لأنّ حسابات الدول أكثر عقلانية وتعقيدا من مجرّد الاستعداد لشنّ حرب شاملة، فميزان القوى تغيّر بعد حربي أفغانستان والعراق على جميع الأصعدة خاصة الجيوسياسي والجيواقتصادي (الدب الروسي ـ مجموعة البريكس...إلخ)، أما الاستئناس بالتجربة الليبية غير دقيق وذلك لافتقاد نظام القذافي سابقا لحلفاء ملتزمين مثلما هو الحال بالنسبة لسوريا، كما أنّ هذه الأخيرة في إدراك القادة الروس تمثل موقعا متقدّما لإيقاف التمدد الأمريكي الليبرالي حتى لا يصل إلى موسكو، وتحوّله إلى ربيع روسي. وتحضرني في هذا الصدد مقولة أحد أعضاء مجلس “الدومة” الروسي سنة 2003 ــ أي بعد غزو العراق ــ بأنّنا أي الروس، إن لم نوقف هذا الجنون الأمريكي الذي انطلق بعد أحداث 11 / 09 / 2011 فإنّ الولايات المتحدة ستصل إلى موسكو وستفعل بنا ما فعلته بالعراق، والخلاصة شخصية التي توصلت إليها عن طريق المقارنة تتمثل في كون “الربيع العربي”، بما يمثله من تطلعات مشروعة للشعوب العربية من جهة وتنافس دولي محموم  لا مجال فيه للبعد الانساني من جهة ثانية، يمثل الموجة الثالثة من التحول نحو النظام الديمقراطي الليبرالي والاندماج فيما أسميه بالعولمة الشمولية، أو ما يطلق عليه المفكر الفرنسي “روجي غارودي” “وحدانية إله السوق” بعد الموجتين: الأولى في نهاية الثمانينيات التي أدّت إلى تفكّك الاتحاد السوفياتي (سابقا) والتحاق دول خلف وارسو بالمعسكر الغربي، والموجة الثانية التي كانت في بداية الألفية وسميت بالثورات الملوّنة وأدّت إلى محاصرة روسيا الاتحادية وطالت جورجيا وأوكرانيا.
❊ بعد التفجيرات الأخيرة في تركيا وتبادل التهم بينها وبين سوريا، هل من شأن هذه الحادثة إجهاض محاولات إيجاد حل سياسي للوضع في سوريا؟
❊❊ إنّ الاستراتيجية التركية بعد 2002 تغيّرت على مستوى الأهداف وعلى مستوى الوسائل، حيث أنّ الهدف الحالي المرتبط بالمستقبل المنظور هو بناء قوة إقليمية أكثر استقلالية في اتخاذ القرار، وتركيا حاليا تملك الوسائل لتحقيق ذلك، فالمشكلة لا تطرح على هذين المستويين وإنما على الأرضية المتحركة التي تقف عليها الدولة التركية (وجود امتدادات عرقية وطائفية)، من أجل ذلك فإنّها ستسعى في رأينا إلى إنجاح أحد السيناريوهين التاليين: نجاح المعارضة بما يشكّل ثقلا استراتيجيا لصالحها أو إقامة حكومة تكون فيها المعارضة مؤثّرة وفاعلة.
بالنسبة إلى التفجيرات فإنّها تلخص ما عبّرنا عنه بالأرضية المتحركة، وهذا بالفعل سرد تردّد الموقف التركي واقتصار دعمها للمعارضة على الجوانب الانسانية والتسليح والتدريب، وقد يدفع بصنّاع القرار الأتراك وفقا لأحد السيناريوهين.
❊ عفوا هل يعني هذا أنّ الحادثة تعرقل المبادرة الروسية الأمريكية الأخيرة؟
❊❊ نعم قد تشكّل سببا لعرقلتها إذا كان السيناريو الأرجح لا يخدم المصلحة التركية، أما إذا كان الاحتمال الأقوى يصبّ في الصالح التركي فإنّ الأتراك قد يدفعون المبادرة إلى الامام من جهة، كما أنّ التأثير التركي ضعيف بالنسبة إلى روسيا والولايات المتحدة إذا قرّرا حل الأزمة.
❊ كيف تعلّقون على الاعتداءات الاسرائيلية الأخيرة على سوريا؟
❊❊ تمثل الاعتداءات الاسرائيلية الأخيرة بقصف دمشق استمرارا للاستنزاف المسهّل لتقبّل الحلول المفروضة من طرق القوى الدولية على النظام والمعارضة كليهما.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024
العدد 19519

العدد 19519

الثلاثاء 16 جويلية 2024
العدد 19518

العدد 19518

الإثنين 15 جويلية 2024