المقاربة السياسية لحل النزاعات الخيار الحتمي
قال فهيم خليفة الخبير في المسائل الدولية، أن الدبلوماسية الجزائرية أثبتت في العديد من المحطات والأزمات السياسية والأمنية والاقتصادية فعاليتها في تقريب وجهات النظر المتباعدة، وتذليل العراقيل ومواجهة التحديات إقليميا ودوليا، وتنشد باستمرار السلم متشبثة بمواقفها المحايدة وعدم تدخلها في شؤون الغير وحرصها على الإلتزام والعمل بالمواثيق الدولية، ورصد العديد من الحقائق والتوقعات بخصوص القضية الفلسطينية والملفين الليبي والسوري..
«الشعب»: مازالت الجزائر تواصل دورها الدبلوماسي الرائد في حلّ النزاعات والقضاء على التوترات، التي تشهدها عدة مناطق بما فيها دول في الجوار.. إلى أي مدى يمكنها أن تخفّف التوتر وتجنب المنطقة النزاعات المسلحة؟
فهيم خليفة: دون شك، الجزائر معروفة بمواقفها المحايدة وعدم تدخلها في شؤون الغير وحرصها على الالتزام والعمل بالمواثيق الدولية، وذلك لم يمنعها من لعب أدوار هامة في حل العديد من النزاعات والخلافات، خاصة منها المعقدة دوليا وإقليميا، بفضل دبلوماسيتها الحكيمة، التي ورثتها عن مبادئ ثورة التحرير المجيدة، شأنها شأن الجيش الوطني الشعبي سليل جيش التحرير، ولا يخفى أن الجزائر سوف تبقى قوة دبلوماسية فعالة، يستعان بها ويلجأ إليها وهذا ما أثبتته على مر السنوات، بل وحتى على الصعيد الأمني، بعد أن حقّقت نجاحا كبيرا في تخطيها للامتحانات الصعبة في صدارتها مكافحة الإرهاب في ظرف قياسي، ولذلك أعتقد انه من الحتمي اللجوء إلى الجزائر والأخذ بآرائها ومواقفها عند العديد من الأزمات السياسية أو الأمنية خاصة تلك المحيطة بها أو القريبة بحكم الجوار.
الترتيبات لتفادي أي انزلا قات في ليبيا
تعد الأزمة الليبية إحدى الملفات الأمنية، التي تكتسي خطورة وتتطلّب التعجيل بحلّها، علما أن الجزائر تباشر وساطتها..كيف تقيمون الجهود..؟.. وماذا تتوقعون من خلال كل ما بذل لاستعادة الاستقرار الأمني الليبي؟
فيما يتعلق بالأزمة الليبية، أعتقد أن الجزائر المعنية الأولى بها، ولذلك يجب أن تُبقي ملفها بين أيديها وتبقى على اطلاع دائم بما يجري مهما كان الوضع، بحكم الجوار أولا، وبالنظر إلى عمق العلاقات التاريخية بين البلدين ، كما أرى كذلك أن الجزائر على اطلاع كبير ودراية بالملف الليبي، وليست غافلة عن كل ما يجري في ليبيا، علما أن الجزائر وضعت كل الترتيبات من أجل تفادي أي انزلا قات خطيرة في ليبيا ، وهناك من يرى أنه لولا الجزائر ودورها الريادي لكان الوضع في ليبيا قد تأزّم أكثر ، علما أن ليبيا لا زال شعبها موحدا ولم تفرقه أي نزاعات عرقية رغم طابعه القبلي ، واعتقد أن هذا وحده كافي لتجنب أي صراعات قد تتسبب في هزّ وحدة تراب ليبيا ، والجزائر أيضا لعبت وتلعب دورا هاما بخصوص ليبيا من أجل سلامة ووحدتها وكذا استتباب الأمن بهذا البلد ، وفوق ذلك تقود الجزائر وساطات وإن كانت غير ظاهرية بين أهم مكوّنات الشعب الليبي، وهنا أقصد القبائل المؤثرة في المشهد هناك.
تحقيق الاستقرار واستتاب الأمن والسلم في منطقة الساحل غاية منشودة ، ومازالت إستراتجية الجزائر في مالي تعدّ من الاستراتجيات الناجحة.. ما المطلوب لضمان استمرارية الاستقرار؟
أكيد أن المطلوب دائما الحوار والحلول السلمية، وهذا مبدأ من مبادئ الجزائر سواء على المستوى الداخلي أو في حلّ النزاعات الخارجية، التي تطلب حضورها ، كما يجب التفريق بين الإرهاب والتمرد والشعوب الساعية للتحرر ، لذلك وجب قراءتها بتأني وفهم الآخر أصبح أكثر من ضروري.
أكيد أن القضية الصحراوية حقّقت مكاسبا في الآونة الأخيرة، رغم المحاولات المغربية بالعرقلة.. كيف تتوقّعون تطورات هذه القضية على المدى القريب؟
حسب قناعتي وعلى ضوء متابعتي لتطورات القضية، أعتقد أنها حبيسة أدراج مجلس الأمن والأمم المتحدة ، وأستغرب في من يقحم الجزائر ويتهمها بعرقلة إنهاء القضية الصحراوية ، لذا لا يمكن إخفاء وجود جهات مستفيدة من بقاء هذا الملف حبيس أدراج الأمم المتحدة ومجلس الأمن . رغم أن القضية تصفية استعمار باعتراف المواثيق واللوائح الأممية.
الانفراج بسوريا آت
إن المقاربة الجزائرية التي تقوم على الحل السلمي وتستبعد الحل العسكري، أثبتت نجاعتها والمثال على ذلك أن حل الأزمة السورية، يتجّه نحو التسوية السياسية.. ما هي قراءتكم لذلك؟
بالفعل وأخيرا انتهى المطاف في القطر السوري الجريح واستقر على ضرورة اللجوء إلى الحلول السلمية وتعدّ المقاربة الجزائرية الناجعة التي نادت بها واقترحتها، وكان يمكن العمل بها منذ بداية الأزمة في سوريا وكان يمكن أن تتجنب سوريا كل ذلك الدمار الذي شهدته، خاصة خسائرها البشرية والمادية.
صادق مجلس الأمن على قرار وقف الاستيطان، ووُصف بالقرار الشجاع.. هل هناك بوادر لتجسيده على أرض الواقع؟
رغم أن هذا القرار كان قرارا شجاعا إلا أنه غير مستجاب، من جانب الكيان الصهيوني ، وربما ستكون له تداعيات خطيرة يتحمّلها الشعب الفلسطيني الأعزل، الذي سيجد نفسه وحيدا في التصدي للخروقات الصهيونية لهذا القرار طبعا، في غياب مجلس الأمن، الذي أصدر وصادق على القرار، بمعنى أن القرار سيشعل النار بين الصهاينة والفلسطينيين.
كيف تتوقّعون مواقف ترامب تجاه القضية الفلسطينية؟
لست متشائما إذا صبت توقعاتي حول ترقب أن سياسة ترامب القادمة سوف تكون سلبية ومنحازة للكيان الصهيوني بخصوص قضيتنا الجوهرية والمتمثلة في القضية الفلسطينية، وأتمنى أن يحدث العكس..
فهيم خليفة الخبير في المسائل الدولية لـ «الشعب»
للجزائر دور ريادي في تسوية الأزمة الليبية واستقرار المنطقة
حاورته: فضيلة بودريش
شوهد:869 مرة