سنة أخرى ترخي سدولها، طاوية بين سطور فصولها أحداثاً هامة بحلوها ومرها، سنة كانت سياسية بامتياز، حيث استحوذت الانتخابات الأمريكية على أغلب محطاتها، لكنها لم تخلُ من منعرج اقتصادي غيَّر خريطة أوروبا وآخر منح متنفسا للبلدان المصدرة للنفط، ناهيك عن مسلسل العنف والإرهاب الدموي الذي لا يزال يفتك بالكثير من الأبرياء خاصة ببلدان “الربيع الدموي” التي تدخل عامها السادس من الفوضى الأمنية والتيه السياسي.
العام 2016، سيمضي بعد أربعة أيام، والكثير من أحداثه لن ترحل معه بل تأثيرها سيمتد للسنة الجديدة. لهذا من المنتظر أن يشهد العام 2017 على تداعيات بعض الأحداث التاريخية الضخمة التي عاشها العالم في السنة التي نعيش آخر أيامها.
انتخاب ترامب رئيساً لأمريكا
الرئيس الأمريكي المنتخب، دونالد ترامب، كان حديث العام والخاص منذ مطلع السنة بتصريحاته النارية المثيرة للجدل، لدرجة أنه افتك لقب شخصية العام، كيف لا وهو الذي هزم كل استطلاعات الرأي ليصبح بذلك الرئيس الـ45 للولايات المتحدة الأميركية، بعد تفوقه على منافسته الديمقراطية، هيلاري كلينتون، عقب السباق الطويل والمضني نحو البيت الأبيض.
وما زال ترامب مشغولاً حتى الآن في تعيين إدارته، ومع أدائه القسم في مطلع العام المقبل، ستأخذ سياساته الخارجية شكلها النهائي، والتي ستظهر تداعياتها على العالم بأسره.
رحيل زعيم الثورة الكوبية فيدال كاسترو
الموت غيّب االزعيم الكوبي فيدال كاسترو الذي قاد ثورة 1959، وحكم كوبا 49 عاماً.
وعرف فيدال كاسترو، الذي توفي يوم الجمعة 25 نوفمبر 2016 عن 90 عاماً، بأنه الرجل الذي تحدى الولايات المتحدة الأميركية وحصارها الجائر لقرابة نصف القرن، معاصراً 11 رئيساً أميركياً.
رغم كبر سنّه ظلّ كاسترو يقود ويدبر أوضاع بلاده إلى أن تنحى في عام 2006، لأخيه الأصغر راؤول كاسترو البالغ من العمر الآن 85 عاماً، وأعقبها بعامين إعلان استقالته رسميا من رئاسة كوبا.
خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي
في المشهد الاقتصادي كان القرار التاريخي القاضي بخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي الحدث الأبرز في السنة المودعة، بتداعياته على الاتحاد نفسه وعلى السياسة البريطانية الداخلية، وذلك بعد 43 عاماً من العضوية.
وقد صوّت 51.9% من الناخبين البريطانيين لصالح خروج المملكة المتحدة من الاتحاد في جوان الماضي، مقابل 48.1 % عبّروا عن تأييدهم للبقاء فيه.
وودعت بريطانيا رئيس وزرائها ديفيد كاميرون الذي قدم استقالته، تاركاً منصبه لوزيرة الداخلية، تيريزا ماي، بعد أن فازت بزعامة حزب المحافظين، فيما اعتبر أول خطوة في التغييرات التي فرضت نفسها سياسياً بموجب متطلبات الخروج من الاتحاد الأوروبي.
وبعد التصويت على الانسحاب، عاشت بريطانيا أشهراً من التخبط الإقتصادي الذي سيستمر إلى حين الإعلان عن خطة الانسحاب في شهر مارس المقبل، وحتى ما بعد الإنسحاب الرسمي. وبالإضافة إلى انعكاس هذا الحدث التاريخي على الإقتصاد البريطاني، فقد تنعكس أيضاً على الاتحاد الأوروبي الذي يعاني بالفعل من الأزمات الإقتصادية، وتشقّق هذا التحالف الذي بدأ من بريطانيا وقد يتكرّر مجدداً في تصويت إيطاليا خلال الشهر المقبل للانسحاب من الاتحاد الأوروبي.
الإعلان عن قانون جاستا
لن تتوقف تداعيات قانون جاستا الذي اقرته امريكا في 28 سبتمبر الماضي عند السماح للمتضررين من أحداث 11 سبتمبر بمحاكمة المملكة العربية السعودية، ففي العام المقبل سنشهد تطور هذه القضية وتأثيرها على العلاقات الإقتصادية والسياسية بين البلدين.
إتفاق أوبك التاريخي
يعتبر إتفاق الأوبك لتخفيض انتاج النفط من أهم التطورات التي شهدها سوق النفط خلال السنتين الماضيتين بل هو حدث تاريخي بأتمّ معنى الكلمة وسيبدأ تأثيره بالظهور بشكل ملموس على موازنات الدول المصدرة للنفط مع بداية العام الجديد، وعلى السياسات التقشفية التي اعتمدتها الدول النفطية منذ مطلع العام 2016، ومعدلات النمو فيها بشكل عام.
رفع العقوبات عن إيران
تمّ رفع العقوبات جزئياً عن إيران مع بداية العام 2016، ومنذ ذلك الحين بدأت إيران بجذب الاستثمارات الخارجية، وقد كان الإعلان الأكبر والأبرز خلال هذه السنة، توقيع اتفاقية مع شركة بوينغ لشراء 80 طائرة للركاب بقيمة 16.6 مليار دولار، بينما ينتظر الإعلان عن اتفاقية أخرى مع شركة ايرباس.
والمتوقع أن تتوالى الاستثمارات في إيران وأن يشهد العام المقبل المزيد من الإتفاقيات الضخمة، ما لم يتأثر قرار رفع العقوبات عن إيران باستلام ترامب لرئاسة أمريكا.
الانقلاب الفاشل في تركيا
من الأيام التي ستخلدها على الأقل تركيا يوم 15 جويلية 2016، وقتها تفاجأ العالم بخبر عاجل يفيد بنجاح محاولة انقلاب على النظام الحاكم بتركيا، وعقب ساعات قليلة ظهرت المذيعة ذاتها لتعلن فشل المحاولة بعد أن نجحت القوات الموالية للحكومة في استعادة السيطرة على الوضع بالمحطة التلفزيونية.
الأنظار وقتها كانت شاخصة تنتظر ظهور الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ليطلّ في سابقة من نوعها عبر أحد تطبيقات التواصل الخاصة بشركة أبل وهو فايس تايم، اتهم من خلاله ما سمّاه بالكيان الموازي قاصداً رجل الدين فتح الله غولن الذي يتخذ من الولايات المتحدة الأمريكية مقراً له، بالوقوف وراء محاولة الانقلاب.
كما دعا أردوغان الشعب التركي إلى هَبّة حاشدة في الشوارع والميادين للاعتراض على ما حدث، وفعلا فشل الانقلاب وعاد أردوغان أقوى.
تسريبات باناما
كشفت تسريبات باناما عن الثغرات القانونية التي تجعل عمليات التهرب الضريبي قانونية، وقد كشفت عن فساد العديد من الشخصيات السياسية والاقتصادية وارتباطها بالشركات الوهمية المرتبطة بتبييض الأموال وتمويل الإرهاب. من المحتم أن يمتد تأثير هذه المستندات لتطوير القوانين، والعمل على تعزيز الشفافية وأهميتها داخل المؤسسات والشركات الخاصة.
طحن بائع السمك يثير احتجاجات ضخمة بالمغرب
شهدت المدن المغربية في الأشهر الأخيرة موجة غضب عارمة متبوعة باحتجاجات امتدت إلى عدة مدن استنكارا للجريمة الشنعاء التي راح ضحيتها بائع للسمك.
مقتل بائع السمك محسن فكري الذي طحنته شاحنة نفايات في مدينة الحسيمة في 28 أكتوبر الماضي خلال محاولته منع عناصر أمنية من مصادرة بضاعته، عرّت وضع حقوق الانسان بالمغرب وتدني الوضع الاجتماعي لأغلبية المغاربة حيث ردّدوا في احتجاجاتهم هتافات تطالب بالحرية والعدالة والكرامة الاجتماعية.
وقد كانت موجة الغضب التي صاحبت المقتل الرهيب لمحسن فكري، الأكبر من نوعها منذ حراك “حركة 20 فبراير” الشبابية التي خرجت للمطالبة بالحرية والكرامة الاجتماعية في أعقاب انطلاق “الربيع الدموي” عام 2011 وعرّت الواقع الاجتماعي المغربي الذي يتهرب العرش من معالجته بإصراره على احتلال الصحراء الغربية، وتوجهه نحو القارة السمراء.
انتخاب ميشال عون رئيسا للبنان
انتخب النواب اللبنانيون في 31 أكتوبر الماضي وبعد 46 محاولة انتخاب فاشلة، الزعيم المسيحي ميشال عون رئيسا للجمهورية، ليكون بذلك الرئيس الـ13 في لبنان، ولتنهي هذه الخطوة سنتين ونصف السنة من الشغور في منصب الرئاسة.
وانعكس الشغور في منصب الرئاسة شللا في المؤسسات الرسمية وتصعيدا في الخطاب السياسي والطائفي، وتراجعا في النمو الاقتصادي في بلد صغير ذي إمكانات محدودة وتحت وطأة وجود أكثر من مليون لاجئ سوري.
وقد تجاوز اللبنانيون أزمة انتخاب الرئيس، بعد أن أبدى خصمه السياسي سعد الحريري لأول مرة موافقته على أن يجلس عون في الكرسي الشاغر بقصر بعبدا، ليتولى بدوره رئاسة الحكومة.