بين روسيا والولايات المتّحدة

متى تستغل فرص الحل؟

جمال أوكيلي

 هل ضاعت التّسوية للأزمة الأمنية في سوريا في خضم كل هذا الزّخم من النّوايا السياسية الصّادرة تارة عن روسيا وتارة أخرى عن الولايات المتّحدة؟ ما أدّى إلى هذا الإنسداد التّام هو عدم القدرة على إيجاد آلية لوقف إطلاق النّار والقصف خاصة لأنّ ما وراء ذلك لا يعطي صورة واضحة للافروف تجاه مرحلة ما بعد إنجاز الهدنة ما دام لم   يتلق الرد الشّافي من كيري بخصوص جبهة النصرة، كل ما ذكره في هذا الشّأن «أنّنا لا نفرّق بين المسلّحين في الميدان».
هذه الرّسالة واضحة بالنّسبة للروس الذين تأكّد لديهم بأنّ الحل ليس غدا، وما عليه إلاّ مواصلة محو حلب من الخارطة وسحق مواقعها من خلال تكثيف رمي القنابل على أي شيء يتحرّك في هذه البلدة التي لا تحتمل أكثر ممّا أفرغته الطّائرات الحربية الرّوسية.
والتحوّل الذي طرأ على هذا النّزاع، هو ما أورده الأمريكيّون بأنّهم يبحثون عن خيارات عسكرية مناسبة لأحداث التّوازن في معادلة هذه الحرب، هذا لم يعجب الرّوس الذين أبدوا تخوّفاتهم من ضرب مواقع لعساكرهم في هذا البلد. ونحن اليوم في هذا المنعرج المتّسم بالتّصعيد الخفي الذي تجهل خلفياته وآثاره المباشرة نظرا لوجود اتّفاق ثنائي بين الطّرفين لم يكشف عنه إلى يومنا، كونه تضمن التزامات معيّنة، وهذا نزولا عند رغبة الأمريكيّين الذين تملّصوا من  العمل به، في الوقت الذي دخل حيّز التّنفيذ، وهكذا أظهر الرّوس موقفا متساوقا مع رغبة الأمريكيّين بعدم اطّلاع الرّأي العام عليه.
وإن انتقلت المعركة إلى مجلس الأمن، فإنّ الرّوس رفضوا رفضا قاطعا لمشروع القرار الفرنسي، معتبرين إيّاه بأنّه يخدم المسلّحين لا أكثر ولا أقل ويقيهم شرّ القصف.
وهكذا فإنّ الرّوس أدخلوا الولايات المتّحدة وفرنسا وبريطانيا في ورطة، وهذا بإلهائهم بمسألة وقف إطلاق النّار وحصر مطالبهم في هذا الجزء، في حين أنّهم أُبعدوا عن الإصرار تجاه إلحاحات أخرى، منها المرحلة الإنتقالية في سوريا، هذا المطلب لم يعد مطروحا وحتى مقبولا لدى روسيا والسّوريّين، وتدحرج في سلم الأولويات، لأنّ الميدان اليوم ليس لصالح هؤلاء بل في يد الرّوس، ومن الصّعوبة بمكان توقّع أي شيء ماعدا رد الفعل الأمريكي لفكّ الحصار عن رؤية للأحداث هناك، وإعادة تحريك الوضع بما يراه مناسبا في الوقت الرّاهن، بتجريد الروس من مبادرة إدارة هذا الوضع كما يحلو لهم بعد شعور الأمريكيّين بإقصائهم من الحل المرتقب والمفروض عليهم قصد اتّباعه فقط، وهذا ما يرفضونه جملة وتفصيلا بعد قولهم بأنّهم غير قادرين على التّفريق بين الإرهابيّين في مواقعهم على أنّهم متمسّكون بخطّهم السياسي تجاه هذه الأزمة.

 

 

 

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19629

العدد 19629

الجمعة 22 نوفمبر 2024
العدد 19628

العدد 19628

الأربعاء 20 نوفمبر 2024
العدد 19627

العدد 19627

الثلاثاء 19 نوفمبر 2024
العدد 19626

العدد 19626

الثلاثاء 19 نوفمبر 2024