أخذت الأزمة السورية منذ بدايتها قبل عامين، في السير من السيئ إلى أسوأ، رغم الجهود العربية والأممية لإيجاد مخرج مناسب يوقف حمام الدم وتساقط الأرواح واتسمت اغلب مقترحات الحلول بالانحياز إلى طرف على حساب آخر، الأمر الذي زاد من تعميق الشرخ وزيادة حدة العنف وإطالة معاناة الشعب السوري، الذي وجد نفسه لاجئا ومشردا في المخيمات، ولا تحمل له الأيام القريبة القادمة أي بوادر ايجابية تنهي الاقتتال الدائم وتعيد الاستقرار والأمن لبلده.
إن ما تحمله المؤشرات اليومية، التي تصنعها المعارك الضارية القوات النظامية والمعارضة المسلحة التي اندست وسطها التنظيمات الإرهابية، ، أو ما تنتهي إليه المؤتمرات التي تعقد في مختلف العواصم لمناقشة الأزمة من قبل من يقولون أنهم أصدقاء الشعب السوري، محبطة للغاية، وتظهر غياب النية الصادقة لهؤلاء لإيقاف الاقتتال والتناحر، ولا تزيد إلا في صب الزيت على نار مستعيرة، تغذيها الخطابات العدائية والتهم المتبادلة بين النظام والمعارضة، عبر وسائل إعلامية، تسير وفق أجندات مضبوطة، غيبت الثقة وزادت من التعتيم على حقيقة ما يجري على الأرض.
متابعة مسار الأزمة السورية، منذ اندلاعها، تفضي إلى القول بأن التحذيرات التي أطلقت من بعض الأطراف الراعية لما يسمى بالربيع العربي، من إمكانية تحول سوريا إلى ساحة قتال إقليمية، ومقصدا للجماعات الإرهابية المتطرفة، ماهي في واقع الأمر إلا أهداف مسطرة، تم العمل على تحقيقها، من خلال تكوين أجنحة مسلحة للمعارضة، وتزويدها بالسلاح، وبذل كامل الجهود من اجل إبعاد فرص الحل السياسي، وإعلاء مصلحة سوريا من خلال طاولة المفاوضات والحوار البناء.
وليس من منطق حل النزاعات الداخلية، على مستوى الهيئات الدولية الرسمية، عقد الاجتماعات وتنظيم اللقاءات من اجل غاية واحدة، وهي تزويد المعارضة بالأسلحة “غير الفتاكة” خشية من أن تصوب فيما بعد إلى صدر الاحتلال الإسرائيلي، وتكون فتاكة فقط في حرب الشوارع ونصب الكمائن والسيارات المفخخة في المساجد والساحات العمومية، وقتل المئات من الأبرياء، ثم يتولى الإعلام الموالي مهمة تغليط الرأي العام بشان الفاعل الرئيسي، غرابة المواقف الدولية تكمن في تراخيها المفضوح في دعم الحل السياسي، رغم أن المبعوث الاممي والعربي إلى سوريا الأخضر الإبراهيمي، قد حذر مرارا من “صوملة سوريا “ وسقوطها في يد الميلشيات المسلحة، وتصبح بذلك خطرا يهدد امن الشرق الأوسط، لكن فرنسا وبريطانيا، ضربتا بهذه التحذيرات عرض الحائط وتجهران بضرورة دعم المعارضة بالسلاح.
إن الغد القريب لسوريا في ظل هذا التحيز نحو العنف، وعدم قدرة الجامعة العربية على الدفع بالخيار السلمي لتسوية الأزمة، سيكون داميا وربما أكثر سوادا، وينبغي على قمة الرؤساء والقادة العرب المنعقدة في الدوحة، إبعاد كل ما يغذي العنف، وجمع الفرقاء على طاولة الحوار.
الحوار السياسي لإنقاذ بلاد الشام
حمزة محصول
شوهد:1300 مرة