في ماي من السنة الماضية طلب المغرب من الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون إنهاء مهمة المبعوث الدولي لتسوية القضية »الصحراوية« »كريستوفر روس« بتهمة الإنحياز وعدم الموضوعية والمهنية المطلوبة لعمل المبعوث ومهمته .وقد جاء طرد المملكة لروس على خلفية إصدار هذا الأخير لتقرير لا يصب في جعبتها، بل ويدين العراقيل التي تضعها في طريقة قصد إفشال مهمته ومنع الشعب الصحراوي من استعادة حقوقه.
وظلت المساعي الأممية في الصحراء الغربية متوقفة إلى أن تراجع العرش المغربي عن موقفه وقبل إستئناف كريستوفر روس« لمهمته ، حيث يقوم هذه الأيام بجولة في المنطقة بدأها في 20 مارس ويختتمها في الثالث من أفريل القادم، بهدف، إستئناف المحادثات المباشرة بين طرفي الصراع، جبهة البوليزاريو والإحتلال المغربي لايجاد حل سياسي مقبول يقضي إلى تقرير مصير الشعب الصحراوي بعد 37 عاما من الإنتظار والإنكسار.
ورغم أن المتشائمين لا ينتظرون الكثير من هذه الجولة التى تتم في ظل تعتيم مقصود، ووسط أجواء من اللامبالاة من طرف المجموعة الدولية،
ويعتقدون بأن التواطؤ الدولي مع الإحتلال المغربي سيظل يعرقل أي محاولات جادة لتسوية القضية الصحراوية التي أدخلتها سياسية اللاحرب واللا سلم في حالة من الجهود، ويجزمون بأن إستمرار هذا الوضع سيفضي إلى ترسيخ مغربة الإقليم بالتقادم، فإن المتفائلين بالمقابل، يقولون بأن المبعوث الدولي الذي تحدى العراقيل المغربية واستأنف مهامه، إختار الوقت والظرف المناسبين لإحياء مهمته، إذ أنه اتخذ من الأزمة في مالي وتطوراتها أو تداعياتها على المنطقة سندا لإنجاح جولته هذه، فالوضع الخطير في مالي والحرب المعلنة ضد الجماعات الإرهابية والخوف من أن تفر هذه الأخيرة إلى الإقليم، كلها عوامل ستدفع بطرفي النزاع إلى التجاوب مع الجهود الأممية الرامية إلى إعادة البوليزاريو والمغرب إلى آلية المفاوضات المباشرة، بعد أربع سنوات عرفت تسع جولات من المفاوضات غير المباشرة والتي أخفقت كلها في إختراق جهود العملية السلمية، أوفي إحراز أي تقدم . فمنذ وقف إطلاق النار عام 1991، والقضية الصحراوية تراوح مكانها، وكل الجهود والتحركات الرامية إلى إقرار حق تقرير المصير للشعب الصحراوي كانت تصطدم بصخرة التعنت المغربي الذي يصرعلى إقصاء على كل خيارات الحل وفي المقابل يتمسك بمبادرة الحكم الذاتي التي طرحها عام 2007 والتي يعتبرها المخرج الوحيد للإنسداد الذي يفرضه على القضية.
وهذاالموقف المتعنت هو الذي يدفع بجبهة البوليزاريو وقيادتها إلى التهديد في كل مرة بالعودة إلى العمليات العسكرية واستئناف القتال الذي سيلهب المنطقة النائمة على برميل بارود في حال وقوعه .
جولة »روس« مازالت متواصلة وستشمل الجزائر وموريتانيا أيضا، وهي تسبق الدورة السنوية لمجلس الأمن الدولي حول النزاع الصحراوي التي تعقد سنويا في منتصف شهر أفريل القادم لمناقشة تطورات القضية وتسويتها وإصدار قرار جديد يكون بالتوافق وتمديد ولاية البعثة الأممية المنتشرة بالمنطقة ( المينورسو )في إنتظار ما ستفضي إليه جولة المبعوث الأممي والتي نتمناها أن لا تكون مخيبة للآمال خاصة وأن صبر الصحراويين بدأ ينفذ، يراهن الإحتلال المغربي على كسب المعركة الدبلوماسية وذلك من خلال حصد المزيد من الأصوات المساندة له ولطرحه الإحتلالي، وتحفيز عدد من الدول على سحب اعترافها با لجمهورية الصحراوية .
وفي هذا الإطار إختار الملك المغربي أن يقوم بجولة إلى افريقيا بالتزامن مع زيارة » كريستوفر روس« إلى بلاده، في رسالة تعكس بوضوح إصراره على الضرب بجهود الحل السلمي عرض الحائط، بل وتعكس لا مبالاته با لجهود الدولية من الأساس، على اعتبار أنه حسب أعتقاده - حسم مسألة مغربة الإقليم الصحراوي ولا يرغب الا في تزكية من البوليزاريو ودول الجوار على وجه الخصوص .
لكن غاب على الإحتلال المغربي أن جبهة البوليزاريو، ومن منطلق أنها صاحبة حق، فهي الأخرى تراهن كثيرا على ربح المعركة الدبلوماسية من خلال توسيع علاقاتها خاصة في القارة الافريقية وأمريكا اللاتينية، وحصد مزيد من الإعترافات با لجمهورية الصحراوية،
وقد سجلت البوليزاريو مؤخرا إنتصارا تاريخيا في معركتها الدبلوماسية عندما دشن الرئيس الفنزويلي المؤقت » نيكولاس مادورو« نشاطه الدبلوماسي باستقبال سفير جمهورية الصحراء الغربية في كراكاس .
كما إستقبل وزير خارجية المكسيك قبل أيام وزير خارجية الجمهورية العربية الصحراوية محمد سالم ولد السالك وبحث معه علاقات البلدين .....
جولة »روس« لا زالت متواصلة، وحل القضية الصحراوية يتطلب أكثر من تقرير ينقله هذا الأخير إلى الأمم المتحدة .
الحل يستدعي نزاهة المجتمع الدولي والتزام الهيئة الدولية بتنفيذ قراراتها وعلى رأسها تنظيم استفتاء حر ونزيه يقرر من خلاله الصحراويون مستقبلهم إما بالإستقلال أو الحكم الذاتي تحت سلطة العرش المغربي، أو الإنضمام والذوبان في المغرب ...
حل القضية الصحراوية في كل الأحوال لن يتم في ظل سياسة الكيل بمكيالين، والتواطؤ مع الطرف الغاصب على حساب صاحب الحق .
لهذا يحذر الشعب الصحراوي من إستئناف القتال مادام العالم لم ينصفه، وعملية السلام لم تفض إلى نتيجة.