الكاتب والمحلل السياسي فهيم خليفة لـ «الشعب»

المسألة الأمنية أكبر تحديات تواجه ليبيا التواقة للانفراج

أجرت الحوار: فضيلة بودريش

يتحدث فهيم خليفة الكاتب الصحفي والمحلل السياسي الجزائري المهتم بالوضع العربي في حوار خصّ به «الشعب» عن تطورات الوضع في ليبيا شارحا أبعاد الأزمة الأمنية ومشخصا تداعياتها، فينظر تارة في الحلول المتاحة ليتجاوز الشعب الليبي والمنطقة بنجاح التهديدات الإرهابية الشرسة، ويرصد تارة أخرى السيناريوهات المحتملة حتى يتم تجاوز السلبية منها،  وفوق كل ذلك سلّط الضوء على الدور الذي يمكن أن تلعبه الجزائر كدولة محورية وصاحبة التجربة المحنّكة، وباعتبارها أول دولة شدّدت على رفض التدخل العسكري، ورافعت مطولا للمقاربة السلمية. 
 الشعب: ألا تبدو لكم ملامح الانفراج في ليبيا اليوم أكثر وضوحا، خاصة بعد أن تسلمت حكومة الوفاق الوطني السلطة، في وقت تلقى فيه دعما دوليا كبيرا؟
- المحلل السياسي فهيم خليفة: للأسف يبدو ذلك لمن هو غير مطلع  على الوضع الحقيقي وليس على دراية بعمق الأزمة الليبية، وإذا قلت يصعب تحديد ملامح للانفراج في ليبيا على الأقل  في الوقت الحالي، فذلك لا يعني إني أدعو الى التشاؤم وفقدان الأمل للظفر ببصيص أمل يخرج اشقائنا في ليبيا من دوامة العنف وتحقيق الاستقرار، ولعلّ الأمل خيط يشدّ إلى البقاء والاستمرار، على اعتبار أن القبلية تعتبر لدى الاشقاء في ليبيا عقيدة مقدسة، فكل القبائل ترغب في ان يكون لها دور في بناء و قيادة البلاد كما للاشخاص رغبته في ذلك، يعني بهذا الطرح ان ليبيا سيقودها الملايين بعدد سكانها وهذا لن يتحقّق وغير ذلك يمدّد في عمر الأزمة الليبية وهذا ما لا نتمناه طبعا، وأتمنى ان اكون مخطئا في تحليلي حتى تستعيد ليبيا استقرارها وأمنها في أقرب وقت.
أحذّر من التدخل العسكري الغربي
 بالرغم من الدعم الخارجي، مازالت حكومة الوفاق الوطني تنتظر أن يمنحها «برلمان طبرق» الثقة، فهل تتوقعون أن يطول الانتظار، وفي حال الرفض فما هو والمخرج؟  
 برأيي على رئيس حكومة الوفاق فايز السراج أخذ المبادرة والتوجه إلى الشرق الليبي وعقد لقاءات مع برلمان طبرق على الأقل، يمكن القول إن السراج ينتظر أن يبادر برلمان طبرق والعكس، وهذا لا يعني أن التواصل بين الجانبين مازال صعبا، وبالفعل توجد اتصالات وحتى وساطات مازالت لم تسفر عن نتائج بعد، ولا يجب غض الطرف عن بعض الجهات التي تسعى لإفشال العديد من المساعي وهذا ما يجب أن يتصدى له الليبيون.
 تواجه ليبيا تحديات على جميع الأصعدة، في صدارتها التحدي الأمني، وما يفرضه تنظيم «داعش» الدموي من تهديد وتمدّد، فما هي السبل لحل المعضلة؟
 فعلا التحدي الأمني هو من بين اكبر التحديات التي تواجه ليبيا وتعرقل الخطوات والمساعي في اغلب الأحيان، خاصة وان تنظيم داعش الدموي وجد الأرض الخصبة في ليبيا، ويمكن التأكيد أن الارهاب في ليبيا خلال هذه المرحلة يستغل الوضع والزمن لتحقيق مخططاته وتجسيد غايته تماما مثلما هو الحال في العراق، فزيادة عن الثروة أصبح يحاول التأثير على أفكار الشباب، أما عن الحلول فمعروف عن الإرهاب إنه يقول «أنا وبعدي الطوفان» فلا حل إلا بقطع دابر أخطبوط الإرهاب الدموي.
 يبدو أن حكومة الوفاق ترفض أي تدخل عسكري خارجي، ومحاربة الإرهاب حتما يتطلب دعما دوليا، فكيف سيكون هذا الدعم وأين ستكون حدوده؟      
 أقترح أن لا يكون تدخلا أجنبيا غربيا بل في شكل حماية تقوم بها قوات افريقية أو عربية أن وجدت فهي التي يمكنها أن تحقق الاستقرار، وغير ذلك يزيد من تأجيج الوضع في ليبيا وأقصد التدخل الأجنبي الغربي، ففكرة دعم تقدّمه قوات افريقية أو عربية مقبولة وتتناسب مع عقلية المواطن الليبي، على أن تكون مهام تلك القوات هو فرض الأمن بين أطراف النزاع ومساعدة القوات الحكومية الليبية على مواجهة الإرهابيين والمتطرفين و»مسك العقد»  ما يعني حراسة كل الأماكن المحررة من طرف القوات الحكومية الليبية.  
 من المؤكد أن الاستقرار في ليبيا بحاجة إلى بعث جسور المصالحة بين الفرقاء، فكيف ستكون هذه المهمة؟
 بالفعل يجب بعث جسور مصالحة، لكن هذه المصالحة تكون بين أبناء الشعب الليبي، وليس بين عدد من الأشخاص الطارئين الذين يشغلون مناصب قيادية وضعوا أنفسهم فيها، وللأسف هذه الظاهرة مستفحلة في بعض البلدان التي تشهد أو تعيش نزاعات داخلية.
 تحتاج ليبيا إلى قوة عسكرية حكومية  
* دون شك للأزمة الليبية تداعيات على المنطقة، فكيف يمكن لدول الجوار أن تساهم في دعم استقرار هذا البلد، وبالتحديد ما هو دور الجزائر التي تعد أول دولة شدّدت على رفض التدخل العسكري، ورافعت للمقاربة السلمية؟
 ربما الجزائر من بين أكثر الدول ضررا بما يجري داخل ليبيا وهي تواجه بحزم تداعياتها، أولها ظاهرة تهريب السلاح عبر الحدود رغم التشديد الأمني المفروض من طرف الجيش الوطني، غير أن وقفة الجيش ويقظته حالات دون تسرب العناصر الإرهابية وهذه الأخيرة تعلم وتدرك جيدا مدى يقظة واحترافية الجيش الجزائري وباعه الطويل في مواجهة التطرف والإرهاب، فلا أعتقد أن تلك الجماعات قد تغامر غير ما سجل من بعض المناورات اليائسة، لكن كل ما يقوم به الجيش الجزائري على الحدود لا يكفي وحده إذ يجب التنسيق مع بعض القوات الحكومية الليبية، خاصة المتواجدة على الجنوب الغربي الليبي من مدينة «غات» الليبية إلى «غدامس» وحتى «مرزق» بها رجال وطنيين، وتتمثل هذه الأخيرة في المناطق الصحراوية المفتوحة ونقاط عبور مهمة بالنسبة للمسلحين وعصابات الاتجار بالسلاح، أما عن سعي الجزائر إلى مقاربة سلمية، فلنجاح هذه المساعي تحتاج ليبيا إلى قوة عسكرية حكومية «تمسك العقد» يمكن الرجوع إليها، كون  للجزائر تجربة رائدة على الصعيد الدولي في هذا المجال، لكن لا يجب أن يغفل أن الجزائر كان بها جيش قوي  لعب دور الفاصل، وتمكن من حماية حقوق الجميع قبل وبعد المصالحة الوطنية.  
 ما هي السناريوهات المحتملة في ليبيا على المديين القريب والمتوسط.. هل يمكن أن تكون إيجابية أم مازالت غامضة؟
 للأسف الوضع في ليبيا مازال صعبا والكثير من السيناريوهات تبقى محتملة، وبعيدا عن أي غموض يمكن إقرار أن الجميع يدرك أنه إذا لم يسارع كل الفاعلين في إنقاذ بلدهم وخاصة أبناء ليبيا الوطنيين، فإن الوضع مرشح للتردي في ظلّ وجود أصحاب المكائد الذين يعبثون ويحملون نوايا سيئة للإضرار بليبيا وهذا ما لا نتمناه.

 

 

 

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024
العدد 19519

العدد 19519

الثلاثاء 16 جويلية 2024
العدد 19518

العدد 19518

الإثنين 15 جويلية 2024