الإنترنت المظلمة والإرهاب العالمي

شبكـــات رقميــة.. مصـــايد لاستقطاب الشبـاب وتنفيـذ جرائم عابرة للحدود

الإرهاب الإلكتروني هو استخدام التقنيات الرقمية لإخافة وإخضاع الآخرين، أو هو القيام بمهاجمة نظم المعلومات على خلفية دوافع سياسية أو عرقية أو دينية.

الإرهاب يعني في اللغة الإخافة والتفزيع والترويع، أما إصطلاحا فلقد تعددت تعاريفه واختلفت وتباينت في شأنه الاجتهادات، ولم يصل المجتمع الدولي حتى الآن إلى تعريف جامع مانع متفق عليه، ويرجع ذلك إلى تنوع أشكاله ومظاهره، وتعدد أساليبه وأنماطه، واختلاف وجهات النظر الدولية والاتجاهات السياسية حوله، وتباين العقائد والأيديولوجيات التي تعتنقنها الدول تجاهه، فما يراه البعض إرهاباً يراه الآخر عملاً مشروعا. بالنسبة للاتفاقية العربية لمكافحته فإنها عرفت الإرهاب بأنه: (كل فعل من أفعال العنف أو التهديد به أياً كانت دوافعه أو أغراضه يقع تنفيذاً لمشروع إجرامي فردي أو جماعي ويهدف إلى إلقاء الرعب بين الناس أو ترويعهم بإيذائهم أو تعريض حياتهم أو حرياتهم أو أمنهم للخطر أو إلحاق الضرر بالبيئة أو بأحد المرافق أو الأملاك العامة أو الخاصة أو احتلالها أو الاستيلاء عليها أو تعريض الموارد الوطنية للخطر). كما عرفت الاتفاقية الدولية لمكافحة الإرهاب في جنيف عام 1937م الإرهاب بأنه: (الأفعال الإجرامية الموجهة ضد إحدى الدول، والتي يكون هدفها أو من شأنها إثارة الفزع أو الرعب لدى شخصيات معينة أو جماعات من الناس أو لدى العامة).
ماهية الإرهاب الرقمي

هذا بالنسبة لتعريف الإرهاب بصورة عامة، أما مصطلح «الإرهاب الإلكتروني» فقد ظهر وشاع استخدامه عقب الطفرة الكبيرة التي حققتها تكنولوجيا المعلومات واستخدامات الحواسيب الآلية والإنترنت تحديداً في إدارة معظم الأنشطة الحياتية، وهو الأمر الذي دعا 30 دولة إلى التوقيع على «الإتفاقية الدولية الأولى لمكافحة الإجرام عبر الإنترنت»، في بودابست، عام 2001، والذي يعد وبحق من أخطر أنواع الجرائم التي ترتكب عبر شبكة الإنترنت ويتضح هذا جليا من خلال النظر إلى فداحة الخسائر التي يمكن أن تسببها عملية ناجحة واحدة تندرج تحت مفهومه.
ولكي ينعت شخصا ما بأنه إرهابياً على الإنترنت وليس فقط مخترقاً، فلا بد وأن تؤدي الهجمات التي يشنها إلى عنف ضد الأشخاص أو الممتلكات، أو على الأقل تحدث أذى كافياً من أجل نشر الخوف والرعب.
والإرهاب والإنترنت مرتبطان بطريقتين: الأولي ممارسة الأعمال التخريبية لشبكات الحاسوب والإنترنت، والثانية أن الإنترنت أصبحت منبرا للجماعات والأفراد لنشر رسائل الكراهية والعنف وحتى الإرهاب.

استخدام الإنترنت من قبل التنظيمات الإرهابية

لقد تغيّر تعريف الإرهاب الإلكتروني، فبعدما كان منحصرا في الأعمال التخريبية، توسّع ليشمل أنشطة أكثرة خطورة باستغلال الانترنت من قبل المنظمات الإرهابية لتنظيم وتنسيق عملياتها الدموية عبر مختلف أنحاء العالم.
والمواقع الإلكترونية التي تديرها التنظيمات الدموية والتي تغير إسماءها ومواقعها في كل ّحين، لا تخاطب أعوانها ومموليها فحسب بل توجه رسائلها أيضاً للإعلام والجمهور قصد ترويعها وإرهابها وشن حملات نفسية ضدها، فهي تعرض أفلاما مرعبة للرهائن والأسري أثناء إعدامهم. ومن أهم العناصر الأساسية لاستخدام الإنترنت في أغراض إرهابية: التنقيب عن المعلومات: إن شبكة الانترنت في حد ذاتها تعتبر مكتبة إلكترونية هائلة الحجم، وتكتظ بالمعلومات الحساسة التي يسعى الإرهابيون للحصول عليها مثل أماكن المنشآت النووية، والمطارات الدولية، والمعلومات المختصة بسبل مكافحة الإرهاب، وبذلك يكون 80 % من مخزونهم المعلوماتي معتمداً في الأساس على مواقع إلكترونية متاحة للكل، دون خرق لأي قوانين أو بروتوكولات الشبكة. الاتصالات: تساعد شبكة الانترنت المنظمات الإرهابية المتفرقة في الاتصال ببعضها البعض والتنسيق فيما بينها.
التعبئة وتجنيد إرهابيين جدد: إن استقدام عناصر جديدة داخل المنظمات الإرهابية، يحافظ على بقائها واستمرارها، وهم يستغلون تعاطف الآخرين من مستخدمي الانترنت مع قضاياهم، ويجتذبون هؤلاء السذج بعبارات براقة وحماسية من خلال غرف الدردشة الإلكترونية. التخطيط والتنسيق: تعتبر شبكة الانترنت وسيلة للاتصال بالغة الأهمية بالنسبية للمنظمات الإرهابية، حيث تتيح لهم حرية التنسيق الدقيق لشن هجمات إرهابية محددة.
الحصول على التمويل: يستعين الإرهابيون ببيانات إحصائية سكانية موجودة على المواقع الإلكترونية للتعرف على الأشخاص ذوي القلوب الرحيمة ومن ثم يتم استجداؤهم لدفع تبرعات مالية لأشخاص اعتباريين، يمثلون واجهة لهؤلاء الإرهابيين، وذلك بواسطة البريد الالكتروني بطريقة ماكرة لا يشك فيها المتبرع بأنه يساعد إحدى المنظمات الإرهابية.
شبابنا في المصيدة
أثبتت التحقيقات الأمنية تزايد عدد الشباب الذي يتم استقطابه عن طريق المواقع الالكترونية التي تدعو إلى ما تسميه الجهاد وهو في واقع الأمر إرهاب، ما يشكل خطرا حقيقيا على هذه الفئة خاصة التي تشكو من مشاكل اجتماعية واقتصادية نتيجة الفقر والبطالة ونقص التنمية أو مشاكل نفسية ذات علاقة بالتنشئة الاجتماعية الأمر الذي يجعلها فريسة سهلة لهذه المواقع.
وتقسم هذه المواقع إلى صنفين، صنف أول يروج لطرق صنع القنابل اليدوية وأساليب التفخيخ والتفجير وصنف ثان يتم عبره ترويج الأفكار الدعوية المتطرفة والفكر التكفيري.
استقطاب الكفاءات
 ما يقارب نصف ممن تستقطبهم مواقع الجماعات الإرهابية هم الطلبة والتلاميذ المتفوقين الذين تتراوح أعمارهم بين 17 و28 سنة والذين يدرسون في الاختصاصات العلمية مثل الطب والهندسة والفيزياء والكيمياء. وبيّن خبراء أن هذه الكفاءات العلمية التي يتم استهدافها يقع استثمار مهاراتها العلمية لأغراض تخريبية من خلال صنع المتفجرات أو القنابل وكل ما يساعدهم على إنجاح مخططاتهم الإرهابية ورغم صعوبة عودة هؤلاء الشباب بعد انضمامهم إلى هذه الجماعات إلا أن القلة القليلة العائدة تكون في حالة نفسية صعبة ومضطربة إذ منهم من يتغير سلوكه إلى النقيض تماما وهو ما يعكس عدم نضج هؤلاء الشباب وهشاشتهم النفسية.
فراغ تشريعي
رغم تنامي خطره يسجل غياب تشريعات تجرم الإرهاب الإلكتروني، لهذا وجب تشديد المراقبة على المواقع الإلكترونية الإرهابية والعمل على إعادة إدماج الشباب المغرّر بهم، وتفعيل تنسيق العمل الاستخباراتي. إن مقاومة الإرهاب الإلكتروني تتم أيضا عبر تنظيم حملات مناهضة للفكر المتطرف والعنيف الذي يقع نشره عبر التكنولوجيات الحديثة وشبكات التواصل الاجتماعي.

 

 

 

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19629

العدد 19629

الجمعة 22 نوفمبر 2024
العدد 19628

العدد 19628

الأربعاء 20 نوفمبر 2024
العدد 19627

العدد 19627

الثلاثاء 19 نوفمبر 2024
العدد 19626

العدد 19626

الثلاثاء 19 نوفمبر 2024