خطوة نحو التحرّر من الوصاية المالية الأجنبية

«إيكو» العملة الإفريقية الموحّدة ترى النّور عام 2020

لاحت بوادر اعتماد العملة الإفريقية الموحّدة عام 2009، وهو التاريخ الذي قررت فيه البلدان المنضوية ضمن «المنطقة النقدية لغرب إفريقيا»، صاحبة المبادرة في إطلاق واستخدام العملات الوطنية، و»الإتحاد الاقتصادي والنقدي لغرب إفريقيا»، والذي يستخدم بلدانه عملة «سيفا» (الفرنك الإفريقي)، إطلاق عملة موحّدة في 2015، تحمل اسم «إيكو»، غير أنّ مرحلتي الإطلاق والإدماج أرجئت إلى عام 2020.
خطوة إيجابية وفق خبراء الاقتصاد الذين يرون بأن العملة الجديدة ستمكّن بلدان «المنطقة النقدية في غرب إفريقيا» (غامبيا وغانا وغينيا وسيراليون ونيجيريا) ودول «الاتحاد الاقتصادي والنقدي في غرب إفريقيا» (بنين وبوركينا فاسووكوت ديفوار وغينيا بيساوومالي والسنغال وطوغو)، من منح «البنك المركزي لغرب إفريقيا» نفس الدور التعديلي الذي يضطلع به البنك المركزي الأوروبي، بما يساعد على خروج هذه البلدان من الوصاية المالية الفرنسية، خصوصا وأنّ معظم اتفاقيات التعاون النقدي تمرّ منذ 1945 عبر فرنسا.
إصرار على الانعتاق من الوصاية المالية الفرنسية
وبموجب هذه الاتفاقيات، تفرض باريس قواعدها وشروط تحويل العملة، وتنتفع من هذه السياسة النقدية التي يحكمها فرنك إفريقي تتحكم في قيمته عمليا الشركات الفرنسية المحتكرة للقطاعات الرئيسية للاقتصاد في هذه البلدان.
البنك الإفريقي للتنمية، والذي شجّع مشروع العملة الإفريقية الموحّدة، كشف في تقرير له صدر مؤخرا، عن قلقه إزاء تأخر إطلاق العملة ومدى القدرة على احترام دول المنطقة للموعد النهائي المقرّر عام 2020، لافتا إلى أنّ التأخير قد يضر بمصداقية المشروع، سيّما في ظل توفر الإرادة السياسية للدول المعنية.
وعلاوة على ما يمكن أن يمنحه مشروع العملة الإفريقية الموحدة من مزايا أبرزها الخروج من الوصاية الفرنسية على الإقتصادات الإفريقية، فإنّ «إيكو» من شأنها أن تمكّن من توفير دعم متبادل بين البلدان التي تعتمد هذه العملة، والمضي قدما وبشكل أفضل في مسار تحقيق الأهداف المشتركة والفردية، كما تمكّن أيضا من تعزيز قنوات الانتقال في ما يتعلّق بالسياسة النقدية للبلدان المعنية.
والأهمّ مما تقدّم هو أنّ إقرار عملة موحّدة من شأنه أن ييسّر حرية تنقّل البضائع والأشخاص،  ويساعد في حل معضلة «العملات غير القابلة للتحويل» و في جعل البلدان الموحدة العملة تحقّق أرباحا من التدفّق السلس للأنشطة التجارية فيها وهذا مفيد بالنسبة للمستثمرين.
مخاوف تؤخّر المشروع
 رغم الامتيازات والفوائد التي يمكن أن تقدّمها العملة الإفريقية الموحدة، فهناك الكثير من خبراء الاقتصاد من يربط تأخر إصدار «إيكو» بالتخوفات التي تسكن قادة الدول المعنية بخصوص الاستقلال النقدي وبعض الأمور المرتبطة، فتقاسم الاحتياطيات قد يشكّل عائقا وكذلك الديون الخارجية للبلدان والتي لم تعد في المستوى ذاته بمعنى أنّ تدفّقات رؤوس الأموال تختلف بحسب البلدان ولا تتعلق بالقطاعات ذاتها بالضرورة.
وعلاوة على ذلك، فإنّ عدم تنوّع الموارد الاقتصادية للبلدان النفطية قد يشكل خطرا على البلدان التي تحقق إيرادات متأتية من بيع الأسهم (الاستثمار في محفظة الأوراق المالية).
ويبقى السؤال مطروحا هل تتمكن المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا من احترام الموعد النهائي لإطلاق عملة «إيكو» في ظرف أربع سنوات؟
تعزيز الأمن الاقتصادي..ضرورة
ولئن كان تعزيز الأمن الاقتصادي هو الهدف المرجوّ من المشروع، فإن تحقيق السلام يظل مهما في المنطقة، فنفقات نيجيريا العسكرية المخصصة لمحاربة جماعة «بوكوحرام» الإرهابية،  بالإشتراك مع جيرانها المتضررين من التنظيم الدموي أيضا في تزايد مستمر. والأمر سيّان بالنسبة لمالي وبوركينا فاسو واللتان تواجهان تحديات أمنية، دون إغفال حقيقة أنّ الإستثمارات الأجنبية مرتبطة بشكل مباشر بالإستقرار الجيوسياسي والأمني والعسكري في بلدان المنطقة.

 

 

 

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19629

العدد 19629

الجمعة 22 نوفمبر 2024
العدد 19628

العدد 19628

الأربعاء 20 نوفمبر 2024
العدد 19627

العدد 19627

الثلاثاء 19 نوفمبر 2024
العدد 19626

العدد 19626

الثلاثاء 19 نوفمبر 2024