تتضارب التصريحات الآتية من جنيف الحاضنة للمفاوضات برعاية أممية ممثلة في مبعوث الأمين العام دي ميستورا بين ممثلي الحكومة السورية وجزء من وفد المعارضة التي لا ترى استمرارية للمفاوضات قبل تغير المعطيات السياسية والعسكرية على أرض الواقع بينما يرى الجزء الآخر من المعارضة أن لا مشكل في استمرار المحادثات الجادة في حين يرى الوفد الممثل للحكومة أن مطلب الجزء المنسحب من المعارضة من المفاوضات تعجيزي وخط أحمر غير قابل للنقاش.
أعلن دي ميستورا استمرارية المفاوضات شرط تدخل كل من روسيا والولايات المتحدة سريعا والضغط على طرفي النزاع للاستجابة، معتبرا أن انسحاب جزء من المعارضة من المفاوضات لا يعني عدم عودتها إليها لأن ذلك خارج عن إرادتها وقدرتها ومرتبط بالمجتمع الدولي وهي ليست لديها قوة إلزامية عليه.
والمشكلة في الأسباب التي تبرز في كل انطلاقة جديدة من المفاوضات وهذا راجع لانعدام الثقة بين الطرفين من جهة ونظرة كل طرف للآخر على أنه عدو لذود لا تحل أزمة البلد إلاّ بانعدامه ورحيله وهذا غير منطقي وغير واقعي لأن الوطن للجميع.
رغم أن وفد الهيئة العليا للمفاوضات لا يمثلون الشعب السوري برمته وربما انسحابهم يزيل عقبة كبيرة والوصول إلى حل للأزمة كما يقول الجعفري، بالإضافة إلى خروج بعض الفصائل المسلحة من الهدنة العسكرية والالتحاق بجبهة النصرة يطرح التساؤل حول جدية المعارضة المسلحة في الالتزام بالهدنة ثم العملية السياسية بغض النظر عن اختراق الهدنة من الطرفين.
فكل طرف يريد أن يطوع المفاوضات لصالحه، فالمعارضة تريد تغيير النظام السياسي بما فيها الأسد استنادا لمفهوم معين للمرحلة الانتقالية وكذلك الأمر بالنسبة للحكومة التي ترى أنها ستقضي على المعارضة سياسيا من خلال مفاوضات جنيف، ولم يدرك طرفا المفاوضات أن المعادلة السورية لا تصح فيها الرؤيتان فلا إمكانية لتغيير سياسي كلي وسريع ولا إمكانية لحسم عسكري كلي وسريع فالأزمة السورية لم تعد منذ سنوات مسألة داخلية بل تحولت إلى صراع إقليمي / دولي.
ولا شك أن المهم في المفاوضات هو المرجعية والآليات والأهداف وبدون اتفاق المجتمع الدولي حول هذه الأمور تبقى المفاوضات تراوح مكانها، ولذلك يعمل كل طرف على ترتيب المرحلة الانتقالية وفق رؤيته، فالمعارضة تسعى لإقامة هيئة حكم كاملة الصلاحيات ليتم كتابة الدستور فيما بعد وهو ما يمنح للمعارضة مع وفد دمشق صلاحيات كاملة للحل السياسي، أما القيادة في دمشق فتريد تشكيل حكومة موسعة من ثلاثة أطراف ممثلين عنها وممثلين عن المعارضة بالإضافة إلى مستقلين على أن تناط بهذه الحكومة مهمة كتابة الدستور الذي سيكون مرجعا للعملية الانتخابية مستقبلا، إنهما رؤيتان يريد كل طرف أن يلغي الآخر بعد المرحلة الانتقالية وهذا غير ممكن وعلى الطرفين التنازل ليكون الوفاق والتكامل وإمكانية إنقاذ ما يمكن إنقاذه مما تبقى من الحرب الأهلية المدمرة.
لا لقوات برية في سوريا ولا مناطق آمنة لللاجئين
قال أوباما أنه من الخطأ إرسال قوات برية وقلب نظام الأسد مشيرا إلى أن الولايات المتحدة وبريطانيا والدول الغربية المشاركة في التحالف ضد داعش لها حماس للتدخل مرتبط بعاملين الأول هو الهوس الأوروبي بمكافحة داعش والثاني هو الرغبة في وقف موجات اللاجئين إلى أوروبا، وأكد أن قوات بلاده ستواصل غاراتها على مواقع داعش وقد صار معلوما أن التدخل الأمريكي ضد التنظيم لا يقتصر على الغارات الجوية، حيث يتواجد هناك جنود أمريكيون في سوريا والعراق يقومون بعمليات عسكرية برية خاصة من حين لآخر.
وقد ذكر مسؤول أمريكي رفيع مستشار للبيت الأبيض أن بلاده سترسل 250 مدربا عسكريا إضافيا إلى سوريا لتدريب المعارضة السورية المسلحة وتقديم المشورة لها لمحاربة تنظيم «داعش» الإرهابي خاصة وأنها حققت مكاسب على الأرض، حيث تم طرد داعش من بعض المعاقل، وواشنطن ترغب في تسريع وتيرة هذا التقدم ولذلك التزمت بإرسال قوات خاصة إضافية يمكنها أن تلعب دورا مهما.
في حين رفض مجددا فكرة فرض مناطق آمنة للسكان المدنيين عبر تدخل من خارج سوريا موضحا أن هذا الرفض ليس مرتبطا بأسباب ايديولوجية بل عملية.
محادثات جنيف والمناطق الآمنة
كثير من الدول الإقليمية والدولية ترفض إقامة مناطق آمنة للاجئين بما فيها أمريكا والحكومة السورية طبعا وحتى المستشارة الألمانية ميركل ترفض إقامة مناطق آمنة تقليدية تحميها قوات أجنبية، لكنها تعتقد أن محادثات السلام في جنيف قد تتمخض عن الاتفاق على مناطق يمكن أن يشعر فيها السوريون الفارون من الحرب بأنهم في مأمن من القصف.