تنافس إنتخابي أم معضلة سياسية

الحكومة المغربية في عين الإعصار

س / ناصر

تقرير المصير بالصحراء الغربية الحل

قررت الأحزاب المنتمية إلى الائتلاف الحكومي المغربي تجاوز مشكلتها التي نشبت مؤخرا حسب ما صرح به رئيس الوزراء المغربي عبد الإله بنكيران إثر إرسال وزير الاقتصاد والمالية محمد بوسعيد برسالة إلى رؤساء فرق المعارضة في مجلس المستشارين ـ الغرفة الثانية بالبرلمان ـ، يأتي هذا التخبط بين الطاقم الحكومي في الوقت الذي تمارس فيه القوات النظامية المغربية انتهاكات لحقوق الانسان في إقليم الصحراء الغربية المحتل ضاربة بذلك القرارات واللوائح الأممية المنصفة عرض الحائط.
بدأت الأزمة المغربية الحالية بمراسلة بين وزير الإقتصاد المنتمي إلى حزب «التجمع للأحرار» ورئيسي حزبي «الأصالة والمعاصرة»والإتحاد الإشتراكي» أكد خلالها الوزير إمكان توظيف الأساتذة المتدربين في حال اتخاذ قرار حكومي بذلك، جواب الوزير هذا أشعل فتيل الأزمة حيث صب رئيس حزب العدالة والتنمية (رئيس الحكومة) جام غضبه على وزير الاقتصاد قائلا إنه لا يحق له العمل خارج إطار الحكومة التي حسمت هذا الموضوع، فكان أن دافع حزب التجمع الوطني للأحرار عن وزيره بقوة مؤكدا أن القانون المغربي يمنح الوزراء الحق في العمل من دون الرجوع إلى رئاسة الحكومة أما حزب تجمع الأحرار فقد ذهب إلى أبعد من ذلك بوصفه رد فعل بنكيران بأنه مجرد زوبعة في فنجان ويخفي وراءه صراعا سياسيا بطعم انتخابي.
ويعتبر العديد من المراقبين أن الصراع الحالي هو تنافس انتخابي سابق لأوانه بحكم قرب الإنتخابات التشريعية المقررة بعد ستة أشهر (شهر أكتوبر القادم) فالأزمة كما يرى البعض افتعلتها أحزاب المخزن بهدف عزل بنكيران وإضعاف شعبيته قبل الانتخابات وهي خطوة قد تأتي بنتائج عكسية.
حكومة الأزمات
المعروف عن حكومة الائتلاف أنها حكومة أزمات وما الأزمة السياسية الراهنة إلا حلقة من الحلقات العاصفة التي مرت بها حكومة بنكيران طيلة السنوات الماضية ما جعل الائتلاف في حالة خلاف قد يؤدي إلى التفكك، إذا كان هذا هو الوضع الداخلي للحياة السياسية في المغرب القائم على الصراع الحاد بين الأحزاب وحتى بين أعضاء الحكومة ما انعكس سلبا على سياسة المغرب الخارجية حيث أساءوا التعامل مع الوفود الزائرة لإقليم الصحراء الغربية المحتل بما فيه الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون ومحاولة تفكيك المينورسو وسجن الصحراويين وانتهاك حقوقهم المشروعة واستغلال ثرواتهم الطبيعية دون وجه حق.
تقرير مصير الصحراويين
مبدأ حق تقرير المصير مبدأ راسخ منذ فترة طويلة في القانون الدولي ويحق لشعوب الأقاليم غير المتمتعة بالحكم الذاتي، وهذا المبدأ تم تأكيد انطباقه على الصحراء الغربية من قبل الأمم المتحدة ومحكمة العدل الدولية والإتحاد الإفريقي وإجماع واسع من الأراء القانونية الدولية، وعلى الرغم من هذا فإن بعض الحلفاء الغربيين للقوة المحتلة ـ المغرب ـ قد منعت مجلس الأمن الدولي من تطبيق التزاماته بتمكين الشعب الصحراوي من ممارسة حقه في تقرير المصير وذلك بتنظيم استفتاء حر وعادل يشمل خيار الاستقلال.
وتعد وضعية حقوق الإنسان الصحراوي كارثية نتيجة الانتهاكات الجسيمة المستمرة التي تطال كل من يعارض سياسة الاحتلال ويساند حق تقرير المصير والاستقلال وقد أكد بعض الحقوقيون بأن الانتهاكات التي يمارسها النظام البوليسي المغربي في الصحراء الغربية من أسوأ الانتهاكات، كما أن النهب الممنهج للثروات الطبيعية الصحراوية من قبل النظام المغربي يعد اختراقا واضحا للقانون الدولي المتعلق بالأقاليم التي لا تزال ترزخ تحت نير الاستعمار وذلك لأن الشعب الصحراوي لا يستفيد من تلك الثروات ولم يستشر بخصوص استغلالها كون القرارات المتعلقة بذلك تتخذ بالرباط والتي لا تخدم مصلحة الشعب الصحراوي على الإطلاق. إن الشعب الصحراوي قام بالدفاع عن حقوقه المشروعة منذ وقف إطلاق النار بطرق سلمية ولم يقم بالرد على الاستفزازات المغربية المتكررة والهادفة إلى تدمير عملية السلام وإفشال مجهودات الأمم المتحدة، وعدم التصدي الأممي للعرقلة المغربية وانتهاكه للوائح الدولية لا يشجع على احترام القانون والتعاون مع الأمم المتحدة.
إن المجتمع الدولي لا يمكنه قبول احتلال المغرب للصحراء الغربية لكنه يتمادى أمام التعنت المغربي والسؤال الذي يطرح نفسه هو: إذا كان المجتمع الدولي غير قادر على تحمل مسؤولياته اتجاه قضية واضحة وعادلة فكيف يمكنه التعامل مع قضايا أكثر تعقيدا؟ وإذا كان المجتمع الدولي غير قادر على فرض تطبيق لوائحه العديدة المتعلقة بانتهاكات صارخة لميثاق الأمم المتحدة من طرف دولة عضو في الأمم المتحدة قامت باستعمار واحتلال دولة جارة فكيف يمكنه فرض احترام أحكام القانون الدولي الأخرى؟
إن الأمر لا يتعلق بمستقبل الصحراء الغربية فقط بل بمبادىء النظام الدولي التي ستطبق في القرن 21 فهل سيتم احترام حق تقرير المصير أم أن سياسة التوسع والاحتلال بالقوة ستتغلب؟ هذا ما سيطلعنا عليه المستقبل.
إن دور المجتمع المدني الغربي مهم جدا في الضغط على حكوماته وحثها على احترام مسؤولياتها القانونية حتى تفرض على المغرب الانصياع لقرارات مجلس الأمن الدولي ولوائح الأمم المتحدة لتمكين الشعب الصحراوي من ممارسة حقه في تقرير المصير والاستقلال.

 

 

 

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19631

العدد 19631

الأحد 24 نوفمبر 2024
العدد 19630

العدد 19630

السبت 23 نوفمبر 2024
العدد 19629

العدد 19629

الجمعة 22 نوفمبر 2024
العدد 19628

العدد 19628

الأربعاء 20 نوفمبر 2024