الدبلوماسية الإنسانية ..فعّالية في التخفيف من مآسي الشعوب

العمـل التضامني يتطلّب الإرادة والحياد

حاورته: آمال مرابطي

للجزائـر مكـانة مميزة في خارطة العمل التضـامني والإنساني الدولي

إذا كانت الدبلوماسيّة هي الوسيلة الأكثر جدوى لتعاطي الدول مع بعضها البعض، سواء في حالات السلم حيث تعمل على تعزيز العلاقات السياسيّة والاقتصاديّة والثقافيّة، أو في حالات النزاع والتوتّر إذ تصبح وسيلة أساسيّة للتهدئة والتسويات السلميّة، فهناك ما يعرف بالدبلوماسية الإنسانية التي يتحدّد دورها في التخفيف مما تواجهه بؤر التوتّر من مآسي وأزمات إنسانية.
وللتعرّف على ماهية النشاط الدبلوماسي الإنساني، حاورت «الشعب» السيد محمد السعيد بن غنيمة أستاذ العلوم السياسية بجامعة مولود معمري بتيزي وزو، ورئيس الجمعية الوطنية للشباب الجزائري المثقف، الذي عرج على العمل التضامني والإنساني في العالم خاصة مع تعدد بؤر التوتر وما تخلفه من مآسي في أوساط الشعوب، وأسهب في شرح مساهمة الجزائر في هذا المجال، وهذه التفاصيل.S«الشعب»: الدبلوماسية الإنسانية مصطلح يغيب معناه لدى كثيرين، فأيّ تعريف تقدّمونه لها ؟
 محمد السعيد بن غنيمة: الدبلوماسية الإنسانية كما عرفها الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر هي إقناع صانعي القرارات وأصحاب الآراء بالعمل على الدوام لما هو في مصلحة المستضعفين باحترام المبادئ الإنسانية الأساسية على وجه تام، فمن أهم مرتكزات الدبلوماسية الإنسانية هو تبني احتياجات المستضعفين بكل مسؤولية في مختلف أنحاء العالم والسعي للتأثير على صانعي القرار وإشعارهم بالمسؤولية تجاه هده الفئات وهذا الطرح نجده عند مختلف المنظمات الدولية الغير حكومية ولكن اليوم حتى الدول تمارس الدبلوماسية الإنسانية  بمؤسساتها الرسمية فالدبلوماسية الإنسانية تمارسها المنظمات الغير حكومية والدول على حد السواء ولكن كل حسب أهدافه وتوجهاته.
ما هي مجالات العمل الخيري وما الأدوار التي تقومون بها؟
مجالات العمل الخيري متعددة ومتنوعة بتنوع الجهات والمؤسسات التي تقوم بهذا العمل، لكن العمل الخيري كمفهوم، هو كل ما يقوم به الفرد أو المؤسسة أو الجمعيات من أعمال تطوعية، تهدف إلى تقديم خدمة لجهة ما بدون مقابل وبلا تحقيق ربح بل بهدف المساعدة، والعمل الخيري أصبح اليوم مرتبطا بالمجتمع المدني الذي يقدم مثل هذه الخدمات بشكل منظّم وممنهج.
ونحن كمجتمعات إسلامية يعتبر العمل الخيري جزء من ديننا الحنيف، شجّعه الإسلام وهو ما نجده في العديد من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية الشريفة التي تحث وتشجّع على العمل الخيري  الذي أصبح اليوم قيمة إنسانية عالمية ليست مرتبطة بدولة أو مؤسسة بل الجميع يشترك فيها، خاصة ونحن في عصر العولمة الذي جعل من العالم قرية صغيرة.
أما فيما يخص الأدوار التي نقوم بها، فأنا على رأس جمعية وطنية وهي الجمعية الوطنية للشباب الجزائري المثقف ولنا العديد من المبادرات في العمل الخيري بالتنسيق مع مختلف الجهات الرسمية والمنظمات.
كيف يؤثّر العمل الخيري في العلاقات الدولية؟
 للعمل الدبلوماسي الإنساني أثر في العلاقات الدولية، فاليوم وكما نلاحظ أن الكثير من المناطق بالعالم تعاني من عدم الاستقرار مما يجعل الكثير من الدول في حاجة ماسة لهذه المساعدات، وقد لاحظنا أن الدول التي تستفيد من مختلف الإعانات مواقفها الدبلوماسية في معظم الأحيان  لا تختلف مع مواقف الدول التي تقدم لها هذه الإعانات بصفة دورية، وقد تكون المساعدات في شكل مكافأة لهذه الدول نتيجة التزامها بمواقف مساندة للسياسة الخارجية للدول المانحة في مختلف المنابر الدولية أو الاصطفاف في التموقع الإقليمي في مختلف القضايا العالمية.
ما هو موقع الجزائر في خارطة التضامن الدولي؟
 بالنسبة للجزائر فهي تعتبر من بين أكثر الدول التزاما في تقديم الإعانات ومساهماتها المالية  لمختلف المنظمات الإقليمية كالاتحاد الافريقي أو جامعة الدول العربية أو المنظمات الدولية كالأمم المتحدة التي تساهم في التكفل وإيصال هذه الاحتياجات لمستحقيها في مختلف أنحاء العالم.
والجزائر أيضا كانت دوما سباقة إلى تقديم الإعانات المباشرة للدول التي تتعرض لكوارث طبيعية  والنماذج في هذا الصدد كثيرة ومتنوعة، وبالرغم من الوضع الاقتصادي الغير مريح التي تمر به الجزائر في الفترة الأخيرة إلا أنها ظلت ملتزمة بهذا النهج وهو ما أكده السيد بلقاسم بلقايد مدير الشؤون الاقتصادية والمالية الدولية بوزارة الخارجية في 06 مارس الفارط بإقامه جنان الميثاق  بمناسبة اليوم الوطني التحسيسي حول أهداف التنمية المستدامة المنظم من طرف المجلس الوطني الاقتصادي والاجتماعي، والذي كنا من بين المشاركين به، حيث أكد على»أن الجزائر ستواصل دعمها لمختلف الدول الإفريقية حيث قامت بمسح ديون تجاوزت المليار دولار لـ 14 دولة إفريقية سنة 2014 ومواصلة تقديمها الإعانات لدول مثل مالي والصومال» وهو مؤشر قوي لمكانة وقوة الدبلوماسية الإنسانية الجزائرية.
التحديات التي تواجهها الدبلوماسية الإنسانية؟
 يواجه العمل الخيري على الصعيد الدولي العديد من التحديات، أهمها هو ضمان التمويل وتقديم مساعدات عاجلة للمناطق المتضررة من الصراعات والتي تعاني من عدم الاستقرار، والدول الفقيرة  بالإضافة إلى صعوبة إقناع صانعي القرار في مختلف الدول والمنظمات الكبرى بالتعاطي السريع مع هذه الأزمات، وهو ما وقفنا عليه خلال الأزمة السورية مؤخرا حيث شكل تدفق اللاجئين  السورين أزمة بأوروبا ولم تستطيع المنظمات الدولية وضع آليات سريعة للتكفل بهم فالعمل الإنساني الدولي أصبح اليوم رهين السياسات الدولية التي تصنعها الدول والمنظمات الكبرى.
كيف ترون مستقبل العمل التضامني بالقارة الإفريقية والوطن العربي في خضم الأوضاع الإنسانية الشاذة التي نشهدها؟
 على مستوى القارة الإفريقية، الأمر معقد لأن إفريقيا تعاني من العديد من الأزمات المركبة (فقر حروب أمراض) وهي في حاجة ماسة للمساعدات الإنسانية الدائمة والمتواصلة، والتحدي المستقبلي هو ضمان استمرار هذه المساعدات وتقليص فجوة الفقر بالقارة السمراء ومحاربة الإرهاب الذي أصبح يستولي على المساعدات الإنسانية في بعض الدول الهشة، أما على مستوى الوطن العربي فالكثير من  الدول بعد ما يسمى بـ»الربيع العربي» تعاني من أزمات داخلية حادة مثل اليمن وسوريا والعراق وليبيا حيث أصبحت هذه الدول في أمسّ الحاجة للمساعدات بالرغم من أن بعضها تعتبر دولا غنية بمواردها الطبيعية مثل ليبيا والعراق فالمستقبل يقتضى توحيد الجهود بين مختلف الدول والمنظمات الفاعلة من أجل التكفل بالاحتياجات المتزايدة على مستوى إفريقيا والمنطقة العربية.

 

 

 

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19631

العدد 19631

الأحد 24 نوفمبر 2024
العدد 19630

العدد 19630

السبت 23 نوفمبر 2024
العدد 19629

العدد 19629

الجمعة 22 نوفمبر 2024
العدد 19628

العدد 19628

الأربعاء 20 نوفمبر 2024