يعتبر مجلس السلم والأمن الأفريقي من المؤسسات الطموحة التابعة للاتحاد الإفريقي، تأسّس في 25 ماي 2004، بهدف استباق الأزمات وإحلال السلام من منطلق «عدم جواز اللامبالاة » المستمد من «حق التدخل» حال وجود عنف مفرط على حقوق الإنسان في إحدى الدول الإفريقية.
وقد حلّت هذه المؤسسة الجديدة التي اجتمعت أكثر من مائتي مرة منذ إنشائها، محل هيئة «الاستباق واحتواء وتسوية الأزمات» داخل الاتحاد الإفريقي بعد أن اعتراها الضعف والاخفاق.
مهام ومسؤوليات
المهام الأساسية لمجلس السلم والأمن الافريقي تكمن في تعزيز السلام والأمن،تسوية الأزمات، إعادة الإعمار، تقديم المعونات الإنسانية، وإدارة الكوارث البيئية.
وهو يعمل وفق المبادئ المتضمنة في ميثاق الاتحاد الإفريقي المتمثلة في عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأعضاء، احترام الحدود المرسومة من عهد الاستعمار، ولكن مع الاحتفاظ بـ»حق التدخل» في حال استدعت الضرورة ذلك مثل ارتكاب جرائم حرب أو ضد الإنسانية، وذلك لتجنب تكرار ما حدث من الانتهاكات السافرة لحقوق الإنسان، كما حدث من نظام عيدي أمين في أوغندا في السبعينات، ومن جان بدييال بوكاسا في جمهورية إفريقيا الوسطى، أو الإبادة الجماعية في رواندا عام 1994.
وبعبارة أخرى، احترام مبدأ مساواة سيادة الدول الأعضاء وحدودها مع الاحتفاظ «بمسؤولية حماية « الشعوب عند الضرورة.
من تسوية النزاعات إلى محاربة الإرهاب
لكن مجلس السلم والأمن يعمل أيضا على تسوية النزاعات، احترام دولة القانون والحريات الأساسية، ويلزم الدول بإيجاد آلية سياسية للدفاع المشترك، والحرب على «الإرهاب» مع مراعاة التنسيق مع مجلس الأمن الدولي في الحفاظ على الأمن والسلام وذلك بين أديس ابابا ونيويورك.
وتتكوّن المؤسسة من 15عضوا، خمسة منهم لفترة 3 سنوات والعشرة الباقية لمدة عامين. وعدد المناصب يكون حسب كثرة الدول التي في المنطقة؛ لذا يحظى غرب إفريقيا بأربعة مناصب، وإفريقيا الوسطى بثلاثة مناصب، ونفس العدد لكل من إفريقيا الشرقية والجنوبية، بينما يرجع منصبان لشمال إفريقيا.
لا عضوية دائمة ولا فيتو
لا يوجد في مجلس السلم والأمن الافريقي أعضاء دائمون ولا حق النقض «الفيتو»، وذلك تحاشيا لتطبيق ما يراه الكثير منافيا للعدالة في مجلس الأمن الدولي، ولإرساء المساواة وتجنب إعطاء نفوذ مفرط لبعض الدول، ولضمان دوران المناصب. وميزة المجلس تتمثل في إمكانية المؤسسة أداء مهامها في مناطق الأزمات، حيث تقف على الحقائق، والتأكد من مصداقيتها. وقد أرسلت بعثات إلى العديد من مناطق الأزمات.
الحفاظ على الاستقرار السياسي
وفي نهاية فترة الرئاسة الدورية، يوجه الرئيس رسالة إلى دول الاتحاد غير الأعضاء في المجلس لإحاطتهم بسير الأعمال وطريقة العمل، وتوعيتهم بضرورة الأمن والسلم، وفي نفس السياق ينظم جلسات مفتوحة مع السلك الدبلوماسي،والمنظمات الحكومية وغير الحكومية في مقر المؤسسة بأديس ابابا، وتعرض خلالها استراتيجية محاربة «الإرهاب»، وحماية القارة من الأسلحة النووية،ودعم الإغاثة الإنسانية.
واستطاعت منذ إنشائها التدخل في العديد من القضايا المحورية، فرضت عقوبات مباشرة على الانقلابات العسكرية وسعت لعودة المؤسسات الدستورية، كما سعت ولازالت لجمع المساعدات المادية للدول التي انهارت فيها المؤسسات وصارت في قبضة المتمردين.
طموحات كبيرة وإمكانيات محدودة
إن محدودية الإمكانيات التي يعاني منها مجلس السلم والأمن الافريقي يحول دون تحقيق طموحات هذه المؤسسة القارية، وذلك لقلة الجنود والمعدات العسكرية، مما يؤثر سلبا على فعالية العمليات العسكرية الإفريقية.
وعلى الرغم من هذه الصعوبات، يظلّ مجلس السلم والأمن يعمل بنشاط، واضح، ويحاول أن يكون له تأثير حقيقي في إدارة الأزمات القارية. مما انعكس على تحسن أساليب عمله، وهناك مجموعة الحكماء، التي أنشئت في عام 2007، والمسؤولة عن الدعم والمشورة.
وتتألف هذه الهيئة من خمس شخصيات أفريقية تحظى باحترام كبير لما لها من النزاهة والاستقلال، وقد سجلت مساهمة بارزة في مجالات السلام والأمن والتنمية بالقارة السمراء ويشترط لمن يتولى هذا المنصب ألا يشغل أي منصب سياسي طوال فترة عمله كعضو في هيئة الحكماء. كما أن المجلس لديه التزام أخلاقي للبحث عن الحلول المستدامة للقضايا الإنسانية والمصيرية، للمآسي،الظلم، الفقر والتخلف التي تعاني منها القارة. ويجب عليها تكريس الجهود لتبني «القرارات الصائبة» لتسوية النزاعات للمصلحة العامة لا للمصالح الفردية الأنانية.