تنتظر الأوساط السياسية بمنطقة الشرق الأوسط بشغف الزيارة المرتقبة للرئيس الأمريكي باراك أوباما إلى فلسطين المحتلة، والتي أعلنتها البعض من المصادر في 20 مارس القادم، وهذا للاطّلاع على المواقف وكيفية الخروج من الانسداد الذي سبّبه الاسرائيليون للعملية السلمية من خلال إطلاق العنان لبناء المزيد من المستوطنات والتكالب على المبادرة الفلسطينية في الأمم المتحدة، وكذلك قتل الأسرى في زنزاناتهم.
وقبيل حلول أوباما بفلسطين المحتلة فإنّ المشهد السياسي يسير بوتيرة سريعة جدا، الفلسطينيون لهم موافق واضحة على كل ما يجري لا غبار عليها، وفي كل لحظة بإمكانهم نقل انشغالاتهم إلى الوفد الأمريكي.
في حين أنّ الاسرائيليين يخلطون حاليا ما بين أوضاعهم السياسية الداخلية وعملية السلام بمفهومها الشامل كل زعيم أو شخصية تخوض الانتخابات عندهم يدّعي بقدرته في الذهاب بعيدا بخصوص هذا الخيار، وهذا يعني ضمنيا بأنّ السّلام مع الاسرائيليين لن يكون أبدا وهم بصدد ربح الوقت والتظاهر بأنّهم حريصون على هذا المبدأ.
لا يمكن أو يستبعد أن تكون زيارة أوباما ناجحة في خضم هذا العبث الاسرائيلي المتميز أساسا بعدم الجدية في مرافقة المسعى السلمي في المنطقة أو حتى تقديم اقتراحات معيّنة ما يأملونه الأكثر ولا أقل هو تقديم المزيد من الدعم الأمريكي، هذا ما يبحثون عنه في الوقت الراهن، لأنّ هناك تردّد إسرائيلي في استئناف عملية السلالم مع طرف هو أكثر حضور على الصعيد الأممي عندما تحصّل على صفة الملاحظ في الجمعية العامة.
هنا كل الرهانات وهذا الوزن السياسي الذي يتمتّع به الفلسطينيون حاليا على الصعيد العالمي يسمح لهم بالذهاب إلى أي مفاوضات ليس كسلطة فقط...وإنّما كدولة معترف بها بشكل واسع من قبل المجموعة الدولية، وهذا ما يعني بأنّ المفاوضات تنطلق من مسافة واحدة وتصل إلى الهدف المحدد، والفلسطينيون هم أولى برؤية مطالبهم تتجسّد في الآجال القريبة.
الأمريكيون المنشغلون على هذا الملف لا يرون الأمور هكذا، بل طرحهم مرتبط بأمن إسرائيل ومدى قدرتها في التصدي لحزب اللّه، سوريا، مصر، إيران ولبنان وغيرها من البلدان التي بإمكانها إدخال التشويش النفسي على هذا الكيان، ثم تأتي مباشرة التفاصيل المتعلّقة بالسّلام في منطقة الشرق الأوسط.
وهذا الطرح الأمريكي هو الذي عطّل كل المبادرات السياسية المراد إثارتها في هذا الشأن وكل بلدان الطوق في المنطقة تشعر شعورا قويا لهذا الانحياز الأعمى لذلك لا تتوقّع أيّ تقدّم في المستقبل...وأنّ الوضعية ستزداد سوءًا ورداءة لأنّ الشعب الفلسطيني لا يستطيع أن يمهل هؤلاء أكثر ممّا منحهم من فرص لمراجعة مواقفهم والتخفيف من حدة التطرف وإعطاء الأولوية لطرف على طرف آخر، هذا ما أفسد كل مساعي السلام وأدخل الجميع في نفق مظلم لا يرون فيه أيّ أفق واعدة.
لذلك فإنّ الأمريكيين اليوم لا يستطيعون صناعة السلام الحقيقي، لا مع الحكّام ولا مع الشعوب لأنّ المشهد تغيّر تغيّرا جذريا ونعنى سقوط شخصيات وذهاب مسؤولين، كل هذا يتطلّب منه الأمر إيجاد شركاء جدد، هذا ما يعمل عليه الأمر يكون اليوم، وفي حالة عثورهم على أطراف جديدة سيكون هناك كلام آخر وحديث مختلف منه خاصة إعطاء لإسرائيل كل الضمانات التي تبحث عنها حاليا، والتي هي موجودة في عرف العلاقات مع هذا البلد، لكن أوباما أو جون كيري لم يصرّحا بها علنيا، لأنّ ملء الفراغ السياسي يعدّ أمرا حيوي بالنسبة للأمريكييين، ومن الضروري عدم تركه يزداد شرخا.
ومن جهة أخرى، فإنّ السّلام الذي يريده الأمريكيون لن يكون مع بشار الأسد، هم ينتظرون اللحظة التي يسقط فيها النظام لمعرفة شريكهم الجديد، كل هذه المؤشّرات تؤكّد بأنّ الطريق مازال طويلا، والدرب مازال شاقا ومضنيا، إنّنا في هذا الظرف نتذكّر كل شهداء فلسطين وقلوبنا تعتصر ألما لما يحدث اليوم من محاولة شطب هذه القضية ونسيانها.
السلام معطّل في الشرق الأوسط
الحسابات السياسية الأمريكية ــ الاسرائيلية الضيّقة
جمال أوكيلي
شوهد:1608 مرة