يحتفل الشعب الصحراوي الأحد القادم الموافق لـ 27 فيفري، بالذكرى الـ 40 لقيام دولته الفتية والبناء المؤسساتي نحو التحرير واستكمال السيادة، بعد أن نجحت في تجاوز مراحل النشأة وتداعيات مؤامرة التقسيم والاجتياح العسكري المغربي وتشريد شعبها وحرمانه من ممارسة حقّه في الحرية وتقرير المصير
أربعون سنة تمضي وقد تمكن الشعب الصحراوي بفضل تضحياته ووحدته الوطنية، أن يرسخ الكيان الصحراوي ويشيد مؤسساته الوطنية رغم ظروف اللجوء الصعبة وقلة الإمكانيات، لتصبح الدولة الفتية عنوان كل صحراوي ومصدر فخر له أينما حل وارتحل.
وبالمناسبة، يتذكر الصحراويون اليوم مرحلة التأسيس وبناء مؤسسات الدولة، وتلك البدايات العسيرة التي كانت أقرب إلى الحلم والمعجزة، فقد تميزت تلك المرحلة التي واجهتها أول حكومة صحراوية تشكلت في الخامس مارس 1976 بما يشبه العدمية في كل شيء أمام آلاف النازحين الذين أجبروا على ترك أرضهم بسبب الغزوالمغربي، والخوف يسكنهم وبينهم تسكن الأمراض ويحتاجون إلى السكن والقوت.
لكن إرادة الشعب الفولاذية وبفضل عطاء رجال ونساء أخلصوا لقضيتهم، استطاعوا أن يساهموا بما توفر لديهم من خبرة متواضعة في تسيير تلك المؤسسات التي تقدم خدماتها للاجئين وتخفف عنهم عبء الحياة في المنفى؛ ليصبح الكيان الذي أنشئ من أجل كل الصحراويين بعد سنوات مصدر ثقتهم واعتزازهم، كما أصبح صداه يتردد في أنحاء العالم.
تناغم البندقية والعمل الدبلوماسي
خاض الصحراويون معارك شرسة ضد الغزاة المغاربة، حيث سطّر مقاتلو جيش التحرير الشعبي الصحراوي ملاحم تاريخية، قهروا من خلالها جيش الاحتلال الذي تساندته أعتى القوى الاستعمارية، وكان العمل العسكري عاملا أساسيا في تحقيق المزيد من المكاسب على المستويين الوطني والدولي، حيث توالت الاعترافات بالجمهورية من قارات العالم ما شكّل دعما لمطالب الشعب الصحراوي الشرعية وكفاحه العادل؛ لتعترف به حوالي ثمانين دولة ما بين سنوات 1976 و2014.
عضو مؤسس للاتحاد الإفريقي
فرض كفاح الشعب الصحراوي العادل تضامنا دوليا كبيرا من قبل العديد من محبي السلام والحرية والمنظمات، وقد أخذت قضية الصحراء الغربية اهتماما خاصا من قبل الأفارقة على اعتبارها قضية تصفية استعمار من آخر مستعمرة في القارة السمراء، ولا غرابة في ذلك عندما نجد أن أغلب الدول المعترفة بالجمهورية الصحراوية هي دول إفريقية، ولكن القرار الحاسم والتاريخي هو قرار منظمة الوحدة الإفريقية قبول عضويتها سنة 1984، ما أصاب المغرب بنكسة وعزلة إفريقية مازالت متواصلة حتى اليوم، وبالمقابل عززت الجمهورية الصحراوية حضورها عندما أصبحت عضوا مؤسسا للمنظمة التي باتت تعرف بالاتحاد الإفريقي بدل منظمة الوحدة الإفريقية وذلك سنة 2002. وازدادت عزلة النظام المغربي الذي ظلّ خارج المنظمة القارية بسبب استمراره في التنكّر لحق الشعب الصحراوي في الحرية وتقرير المصير. وبالمقابل أصبحت الدولة الصحراوية عضوا فعالا بحكم وجودها الدائم ومشاركتها في كل الاستحقاقات الإفريقية والفعاليات التي يقيمها الاتحاد.
شعب ينشد الحرية
تمر أربعون سنة والشعب الصحراوي في حضن دولته أكثر التحاما وتصميما على تحقيق الاستقلال وممارسة السيادة على كامل التراب الوطني رغم سياسة المماطلة المغربية والقمع المسلط عليه، وعدم جدية المجتمع الدولي في تصفية الاستعمار من آخر مستعمرة افريقية.
فعلى الرغم من كون الجمهورية الصحراوية حقيقة قائمة لا رجعة فيها، تعترف بها دول عديدة من مختلف قارات العالم، وعلى الرغم أيضا من خيبة أمل النظام المغربي في الحصول على دولة واحدة تعترف له بالسيادة على الصحراء الغربية، تبقى سياسة فرض الأمر الواقع وتخاذل المجتمع الدولي عنصران يعرقلان قيام الدولة الصحراوية على كامل ترابها الوطني.
لكن رغم كل العراقيل والمؤامرات، فإنّ الشعب الصحراوي الذي ضحى بقوافل من الشهداء على طول أربعة عقود من الاحتلال، متمسّك بأرضه ومصرّ على انتزاع حقّه في تقرير المصير، والأكيد أن الحرية قادمة لا محالة والاحتلال إلى زوال طال الزمن أو قصر.