مرة أخرى، يتأجل تشكيل حكومة الوفاق الوطني في ليبيا إلى الاثنين المقبل بسبب عدم اكتمال النصاب القانوني، بعدما تمت مناقشة البرنامج الذي حمله فايز السراج لإيجاد حلول سريعة للمعضلة الليبية التي تشهد ظرفا استثنائيا لا تحسد عليه يوما بعد يوم، وهي مؤهلة لتصعيد عسكري خارجي مؤشراته تلوح في الأفق، الثقة هي الحلقة المفقودة في برنامج رئيس حكومة الوفاق الوطني ولن يتأتى ذلك إلا ببلوغ النصاب القانوني الذي يؤهلها إلى ذلك، وإن كان التأجيل ليس في صالح الحكومة ولا في صالح المشهد الأمني والسياسي برمته، فإن أوساطا دولية تدعو النواب إلى عدم تفويت فرصة الحضور والتصويت على البرنامج وتقديم يد العون للتشكيلة الحكومية، لكسب ثقة البرلمان بأغلبية نيابية يمكنها أن تمارس حقها الرقابي في حالة ما خالفت حكومة السراج برنامجها وتطلعات حلحلة المسألة الأمنية التي تمثل العائق الأكبر أمام الجهود الدبلوماسية والسياسية التي تشرف عليها الأمم المتحدة، والتي تراهن عليها الجزائر للخروج من الأزمة الراهنة، منذ أولى جلسات الحوار الليبية – الليبية، معتبرة الوحدة الليبية خطا أحمر.
إن التصويت على حكومة السراج المشكلة من 23 حقيبة وزارية، من بينها خمسة وزراء دولة، يمكنها في ظل التداعيات الراهنة تفعيل دور الأجهزة الأمنية وإعادة ترتيبها حتى تتمكن من مراقبتها، بالنظر إلى التشكيلات المسلحة المنتشرة عبر كامل التراب الليبي، وحول إمكانية إعادة دمجها مع عناصر الجيش أو الشرطة، لتكون الخيار الأقرب لفرز كل مظاهر السلاح، أمام الخطر الكبير الذي يتربص المنطقة من جماعات داعش الإرهابية.
ملفات ثقيلة ومتشعبة نتيجة التراكمات السياسية الاقتصادية والأمنية منذ ثورة 17 فيفري.أمام كل هذه التطورات تحاول الجزائر جاهدة بكل الوسائل الدبلوماسية والسياسية والوساطة الأممية، إيجاد المخرج الأقل ضررا، لهذا الشتات الليبي، حرصا منها على استتباب الأمن للبلد الذي تربطنا معه حدود مشتركة واستقراره من استقرار المنطقة برمتها.