التقت «الشعب» على هامش الندوة التي نظمتها جمعية البحوث والدراسات لاتحاد المغرب العربي الاسبوع الماضي بتونس تحت عنوان «العلاقات الجزائرية – التونسية»، بالوزير الدكتور خالد شوكات المكلف بمجلس الشعب والناطق الرسمي باسم الحكومة التونسية، وسألته عن تطوّرات الوضع في تونس والجهود التي تبذلها السلطات هناك للخروج بالبلاد إلى برّ الامان، خاصّة وأنها الدولة الوحيدة بين بلدان ما يسمىّ بالربيع العربي التي قادت عملية الانتقال السياسي بأمان، كما استغلت «الشعب» المناسبة،لتسأل الوزير خالد شوكات عن العلاقات المميّزة التي تربط تونس بالجزائر وعن المعضلة التي تشكلها اللأزمة الليبية للجوار والاقليم والدور الذي يمكن أن تلعبه تونس لمساعدة الاشقاء الليبيين على اقرار حل سياسي وتشكيل حكومة وفاق وطني،وهذه أجوبة الوزير:
«الشعب»: ما تقييمكم للندوة التي رعتها جمعية البحوث والدراسات لاتحاد المغرب العربي حول العلاقات الجزائرية - التونسية؟
الوزير خالد شوكات: مثل هذه الندوات والملتقيات تحافظ على جدوة الأمل لدى الشعوب المغاربية، وتصنع أسسا فكرية، معرفية وحضارية لمشروع الوحدة والتكامل المغاربي، وأشير الى أن السبيل المغاربي ليس خيارا، بل ضرورة إذا لم نقم به ونجسّده على ارض الواقع فقد رفعنا كلفة «اللاّمغرب»، وجعلناها عالية ضد مصالح شعوبنا وبلداننا، وضد مستحقات الأجيال القادمة.
لقد اتّسمت العلاقات الجزائرية - التونسية على مرّ السّنين بالمتانة والتّكامل، فما تقييمكم لها اليوم؟
بعد «الثورة» أصبحت الجزائر الشريك الاقتصادي الأول لتونس عربيا وإفريقيا، وعلاقتنا في طريقها إلى المزيد من الثراء والمشاريع والاتفاقيات المشتركة، وأيضا من التكامل الاقتصادي والاجتماعي وحتى السياسي، اعتقد أن السياسات المتبعة سواء في تونس أوالجزائر قائمة على احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية، وعلى تعزيز الدعم والتعاون، ولم يطرأ على العلاقات الثنائية رسميا، ما يمكن أن يعكّر صفوها طيلة السنوات الماضية رغم حجم التغيير السياسي الذي حصل في تونس.
بالملموس، ما حصيلة الشراكة الاقتصادية المتميّزة؟
لدينا مجموعة من الاتفاقيات التي نعمل على تفعيلها في المجال الاقتصادي،وهي اتفاقيات بإمكانها أن تعزّز قدرات البلدين في التكامل والعمل المشترك، وتدفع إلى خلق منطقة للتبادل الحر يستفيد منها الجميع.
نحن نعرف أن طبيعة الاقتصاد التونسي ونظيره الجزائري تصنع فرصا للتكامل بين الاقتصاديين، فما هو موجود بتونس ربما متوفر بدرجة اقل في الجزائر، وما هو متوفر بالجزائر موجود في تونس بدرجة أقل .. هناك فرص حقيقية نعمل لتجسيدها على أرض الواقع بعد أن صغناها في شكل اتفاقيات صادقت عليها اللجان العليا المشتركة بين البلدين التي تنعقد بشكل دوري وبشكل مستمر، ونشير الى أن حجم التبادل بين البلدين بلغ 4 مليار دينار تونسي، ما يعني أن الجزائر هي أهم شريك اقتصادي لتونس عربيا وإفريقيا، وهذا يترجم الآفاق الكبرى للعمل المشترك، ومن الواجب على حكومة البلدين أن تعمل للاستفادة منها.
تتحدثون عن اتفاقيات، هل يمكن أن نتعرّف على بعضها؟
^^ هناك اتفاقيات موقعة في إطار اللجنة العليا المشتركة التي تصب في إطار العمل على خلق منطقة للتبادل الحر، أي كسر الحواجز أمام حركة البشر ورأس المال، تيسير تواجد الصناعيين ورجال الأعمال التونسيين في الجزائر والعكس أيضا، تيسير حركة السلع والمنتوجات التونسية في السوق الجزائرية والعكس كذلك، المهم أن تكون ثمة شراكة في حجم أربعة مليار دينار تونسي، يعني أنها شراكة اقتصادية كبرى قابلة للتطور أكثر.
ومن المهم ان اشير الى وجود ثلاثة رهانات امام الجزائر وتونس، أولها رهان التنمية، إذ يجب أن نعمل بكل جد على تحقيق التكامل الاقتصادي بين البلدين، وصناعة أرضية اقتصادية مشتركة تعزز أي تقارب سياسي مستقبلي ممكن.
الأمن في صدارة الأوليات
بعيدا عن الاقتصاد، كيف هوالتنسيق الأمني بين الجزائر وتونس في ظلّ التحديات الأمنية التي تواجهها المنطقة؟
لقد أكدت تونس أن الإرهاب عدو مشترك، واعتقد ان التنسيق العسكري والأمني بين البلدين شهد الكثير من التطور في مواجهة الجماعات الدموية التي تنشط في المناطق الحدودية، اعتقد انه ليس هناك من سبيل أمام الجزائر وتونس وشعبيهما غير المزيد من التنسيق لإنهاء هذا الوضع والقضاء على الجماعات الإرهابية والمتطرفة.
لكن، أشير إلى أنّ التنسيق العسكري لم يمتد الى وجود تدريبات مشتركة، وهو ما أكّده وزير الدفاع التونسي، ومع ذلك فإذا استدعى الأمر سننسق مع الجزائر للتدريب وإجراء مناورات مشتركة ونعتقد أنها لمصلحة البلدين.
ما موقف تونس من الأزمة في ليبيا وأي دور تلعبه للمساعدة على حلّها؟
في البداية دعيني أؤكد أن الاتفاقية الثنائية المشتركة بين تونس والولايات المتحدة الأمريكية لا علاقة لها بالشأن الليبي كما يزعم البعض، وفيما يتعلق بالأزمة الليبية، أعتقد أنه لا يمكن تجاوز تونس بأي شكل من الأشكال، فلا توجد هناك منظومة إقليمية أو دولية قادرة على تجاوز تونس فهي محطة مهمة وأساسية في الشأن الليبي، ونقطة ارتكاز لا غنى عنها للتشاور والتنسيق معها.
لقد أثبتت التجارب فيما يتعلق بالمفاوضات حول الشأن الليبي سواء بين الأشقاء الليبيين أنفسهم أوفي الإطار الأممي، أنه لا يمكن تجاوز تونس، فبعد أن توجّهوا إلى أشقائنا في الجزائر وفي المغرب عادوا إلينا وسيعودون، وحجم المصالح والعلاقات بين تونس وليبيا اكبر من حجم العلاقات بين ليبيا وأي دولة أخرى في المنطقة والعالم.
ما قولكم حول ما يتردّد من احتمال التدخل العسكري في ليبيا؟
نحن نتابع ما يجري في ليبيا، فمن مسؤوليتنا حماية مصالحنا وحدودنا وسنتصرف وفقا لهذا الأمر، والموقف ما يزال سابقا لأوانه إذ لم يتقرر بعد إن كان هناك تدخل في ليبيا، لا نستطيع أن نذهب إلى مواقف استباقية قد يكون ضررها على مصالحنا اكبر من منافعها، ونحن نستعد ونتحرك وفقا للسيناريوهات في ليبيا سياسيا اقتصاديا ودبلوماسيا وامنيا وعسكريا، الاستعداد على جميع الواجهات، ولا نستبق الأحداث ونكلف بلدنا كلفة موقف قبل وقوع الحدث فهو يخالف أعرافنا الدبلوماسية.