شكّلت مواقع التواصل الاجتماعي - وتحديدا فيسبوك - الشرارة الأولى لانتفاضات التغيير التي اجتاحت العديد من الدول العربية قبل نحو خمس سنوات، والتي انتهت ببعضها في غياهب الحرب والإرهاب.
اليوم وبعد انقشاع الضباب، بات واضحا أن أغلب هذه الانتفاضات فشلت في تحقيق التغيير المنشود وبناء نظام سياسي بديل يحفظ الوحدة ويصون الأمن الذي أصبح في قبضة تنظيمات دموية مرعبة، الأمر الذي يطرح علامة استفهام كبرى عن الدور الحقيقي لمواقع التواصل، ويفرض السؤال التالي، “هل هذه المواقع أفضل في تدمير الأشياء من بنائها؟
الجواب نستشفّه من كلام أحد النشطاء السياسيين الذين ألهبوا الشوارع العربية سنة 2011، وأجبروا قيادات على ترك السلطة لكنهم أخفقوا في إقرار البديل المنشود.
يقول هذا الناشط إن “الربيع العربي أكد قوّة مواقع التواصل لكنه أيضا كشف عيوبها، فالأداة التي ساعدتنا على الإطاحة بالدكتاتوريات مزقت مجتمعاتنا”.
ولفت إلى أن الشعوب العربية التي ثارت ضد أنظمتها، عاشت أياما من الغبطة وهي تشاهد قياداتها إمّا تفرّ هاربة أو تتنحّى مرغمة، وبعدها تلاشت النشوة وكان الفشل الذريع في بناء مجتمع متعدد الآراء، كما ساهم الصراع في استقطاب شديد بين الأطراف، وقد ضخّمت مواقع التواصل هذا الاستقطاب عبر السماح بنشر المعلومات المغلوطة والشائعات وخطاب الكراهية، فباتت الأجواء مسمومة، وتحوّل العالم الافتراضي لساحة معركة مليئة بالأكاذيب والمتصيدين بالماء العكر.
ولخصّ الناشط أحوال مواقع التواصل الحالية في خمس نقاط:
لا نعلم كيفية التعامل مع الشائعات التي تنتشر عبر ملايين الأشخاص.
نتعامل فقط مع الأشخاص الذين يوافقون الرأي ونصد أو نتجاهل أي رأي مخالف.
النقاشات عبر الإنترنت سرعان ما تتحوّل إلى مجموعات غاضبة وكأننا نسينا أن الجالس خلف الحاسوب هو إنسان عادي.
بات من الصعوبة تبادل الآراء والأفكار لأننا نقفز مباشرة إلى الخلاصة ونكتب مواقف حادة من قضايا شائكة بـ140 حرفا وتبقى على الإنترنت مدى الحياة.
وتبقى مواقع التواصل الاجتماعي سيفا ذو حدّين، وعلى مستعملها إدراك ذلك.