إدماج الشّباب في الحياة العامة يحميهم من السّقوط في شرك الدّمويّين
من الخطأ الكبير الواجب تفاديه، الاعتماد على المقاربة الأمنية كسبيل وحيد لمجابهة ظاهرة الارهاب في دول الساحل الافريقي دون مراعاة الجوانب الاجتماعية والاقتصادية للمنطقة.
فالتّركيز على الحلّ الأمني على أهمّيته، يجب أن يكون مرافقا بمخطّطات تنموية تستجيب لتطلّعات شعوب المنطقة وفئة الشباب على وجه الخصوص، كونها تشكّل المورد الرئيسي للجماعات الدموية التي تستغل أوضاعها المزرية، فتستقطبها الى صفوفها وتحوّلها الى مرتزقة يسفكون الدّماء ويبثّون العنف والدّمار في كل مكان.
الشباب قوّة جذب للدّمويّين
وقد دقّ الكثير من الخبراء ناقوس الخطر، وشدّدوا على أهميّة الاهتمام بتلبية حاجيات الشباب وعدم تركهم للحاجة والبطالة والتهميش، وذلك من خلال إيجاد آليات تضمن إدراجهم ضمن مخططات إنسانية وتنموية على المستويين الوطني والاقليمي.
وحذّر أحد الخبراء من أنّ جماعة “بوكو حرام” النيجيرية الارهابية والجماعات الدموية التي تنشط في المنطقة، تقوم بتجنيد شباب بلدان الساحل الأفريقي، ما يعني أنه في صورة اكتفاء حكومات هذه البلدان بالحل الأمني، فإن القوات الأفريقية المشتركة التي تكافح الإرهاب في منطقة الصحراء الكبرى والساحل لن تكون سوى آلات لتصفية شبابها، والذي تصل نسبة من تقل أعمارهم عن 30 سنة، 60 بالمائة من سكان تلك البلدان.
وحسب إحصائيات حديثة للبنك الدولي، فإنّ 60 بالمائة من الشباب يعاني من البطالة والتهميش في بلدان الساحل، وقد دفعت الظروف الاجتماعية والاقتصادية الصعبة العديد منهم الى الانخراط في شبكات تهريب السلاح والمخدرات المرتبطة بالإرهاب.
علاج الأسباب لا الأعراض
ويعتقد الخبراء بأنّ مواجهة الارهاب بالسلاح، اعتمد دون الأخذ بعين الاعتبار أسباب الظاهرة، وطالبوا سلطات البلدان الأفريقية بالتركيز على أصل المشاكل عوض الاقتصار على معالجة الأعراض.
وفي هذا الصدد، قال أحد المهتمين بالشأن الامني الافريقي، أنّ “الساحل يمثل لوحده خزانا بشريا كافيا للإرهاب الدولي كله، حيث يسهل على التنظيمات الإرهابية تجنيد الشباب بهذه المنطقة لأن أغلب دولها لا تسيطر على 80 بالمائة من حدودها، بالإضافة إلى تردّي الوضع الاقتصادي والاجتماعي، وكذلك التمويلات والأفكار المتطرفة التي تقابل بالترحاب في الأوساط الفقيرة نتيجة ما تعيشه من تهميش.
وهذا ما تدعّمه أرقام دراسة أعدّتها الأمم المتحدة مؤخرا، وتفيد بأنّ 41 مليون شاب ممّن تقل ّعمارهم عن 25 سنة من بلدان الساحل مجبرون على مغادرة بلدانهم بسبب غياب فرص اقتصادية، وهم بذلك يشكّلون مصدر محتمل للتجنيد بالتنظيمات الإرهابية.
وأشار التّقرير الذي قامت به المبعوثة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة مكلفة بمتابعة الإستراتيجة المدمجة للأمم المتحدة في منطقة الساحل هيروت جيبر سيلاسي، إلى أنّ “انتشار الأسلحة وحرية تنقل المجموعات المسلّحة تنعكس سلبا على وسائل العيش والحكم الراشد، والتنمية البشرية بهذه المنطقة.
وخلص الخبراء إلى عدم إهمال مقاربة التوعية من خلال الاستعانة بدور علماء الدين والوعاظ في هذه المعركة، والتي ستساعد على تجفيف منابع الإرهاب الذي يجند هؤلاء الشباب باسم الدين، فيما شدّدت المسؤولة الأممية على ضرورة “تطبيق الاستراتيجية المدمجة للأمم المتحدة في دول الساحل التي ترتكز على ثلاثة محاور (الحكم الراشد، إنشاء آليات للأمن على المستويين الوطني والإقليمي، إدراج المخططات الإنسانية والتنموية).
كما دعت مجلس الأمن الدولي إلى تطبيق الآليات الموجودة لتعزيز المراقبة على تهريب المخدرات وتسجيل الأشخاص، والكيانات التي تموّل أو تدعّم النشاطات الإرهابية في الساحل على قائمة العقوبات للمجلس.