إدانة واسعة لعودة “كرانس مونتانا” إلى الداخلة المحتلّة
في انتظار حلول الأمين العام للأمم المتّحدة السيد بان كي مون بالمنطقة لاستكمال المساعي السّياسية التي يقوم بها مبعوثه الشّخصي روس من أجل استئناف المفاوضات بين جبهة البوليزاريو والمغرب، يحاول هذا الأخير التّأثير والتّشويش على المواقف المبدئية والثّابتة لبلدان بصدد التّحضير للاعتراف بقضية الشّعب الصّحراوي العادلة، كالسويد التي تبدي تضامنا قويا مع الصّحراويّين أحرج كثيرا هذا البلد إلى درجة تعرّضه لهيستيريا حادّة. وبالتّوازي مع ذلك هناك مناورات خفية على مستوى الإتحاد الأوروبي يريد أصحابها استنساخ تلك الإدّعاءات الباطلة بخصوص الإعانات الأوروبية للاّجئين الصّحراويّين، والتي أسندت مهمّة التّرويج لها لأحد أشباه السّياسيّين جيل بارنيو، الذي بإيعاز من المغرب لم يستح في المطالبة بإحصاء الصّحراويّين في تندوف.
ولم يتوقّف الأمر عند هذا الحد، بل أنّه مرّة أخرى يتحدّى المغرب المجموعة الدّولية، وهذا بفتح مدينة الداخلة لمرتزقة “كرانس مونتانا” للمرّة الثّانية على التّوالي، وفي أقل من سنة، بالرّغم من الأصوات العادلة الصّادرة من هنا وهناك والمطالبة بتوقيف هذه المهزلة، التي كانت فاشلة خلال طبعتها الأولى، وهذا بتسجيل غياب شخصيات عالمية ذات وزن ثقيل على مستوى العلاقات الخارجية، وكذلك المؤسّسات ذات الصلة.
ولابد في هذه التّقاطعات، من الإشارة إلى التّصريح التّافه الصّادر عن ذلك الشّخص الحقود ساركوزي، الذي تفوّه بأشياء ذاتية بحتة، تجاه القضية لا يفقه فيها أي شيء، متجاهلا عمّا ورد عن الأمم المتّحدة من لوائح لتقرير مصير الشّعب الصّحراوي، ودعوة القوة المحتلة إلى احترام الشّرعية الدّولية.
هذه المستجدّات السياسية الأخيرة، جديرة بأن تكون محل الكشف عنها، كونها تصنّف في خانة التّغطية الخطيرة على ما يرتكب ضد الصّحراويّين في الأراضي المحتلة، من اغتيالات واعتقالات، وهذا بإلهاء الرّأي العام العالمي عمّا يحدث بالصّحراء الغربية، وإخفاء التّجاوزات لقوات الإحتلال، هذا ما يفسّر رفض المغرب إدراج آلية حماية حقوق الإنسان في مهمّة المينوروسو، وهناك نقاش حاد حول هذا الموضوع الحسّاس، بدأت بوادره الملموسة تظهر في التحركات الأوروبية المتوجّهة نحو إلغاء كل الإتفاقيات الإقتصادية مع المغرب (الفلاحية والموارد الصّيدية).
تضاف إلى هذا فسخ الكثير من الشّركات البترولية العالمية عقود التّنقيب عن النّفط، وهذا بعد أن تفطّنت إلى أنّ ما تقوم به نشاط غير شرعي يمسّ بقداسة حقوق الشّعب الصّحراوي، وأنّ الأرض توجد تحت احتلال غاشم، لا يرحم أي واحد من أحرار هذا الشّعب المناضل.
وفي خضم هذا التخوف المغربي من الإنتصارات السياسية الباهرة للصّحراويّين، سارع وفد برلماني إلى السويد قصد محاولة جس نبض الحكومة السويدية اتجاه موقفها الدّاعم للشّعب الصّحراوي، وراحت وسائل الإعلام المغربية تهلّل لهذه الزّيارة، محاولة إيهام المتتبّعين بأنّ “السويد تراجع عن تأييده للصّحراويّين”، وهذا عن طريق اختلاق تصريحات لا أساس لها من الصحة، هي من وحي الإشاعة والدعاية والتّهريج، ولا يوجد حتى الآن أي تصريح رسمي في هذا الشّأن صادر عن الخارجية السويدية، وبالنسبة للجميع فإنّ الموقف السويدي يبقى قائما وساري المفعول في تأييده للشّعب الصّحراوي.
ويأتي هذا التحرك والتخبط عقب إعلان بن كيران صراحة بأنّ الموقف السويدي أضرّ كثيرا بالمغرب، وسبّب له متاعب لا تعد ولا تحصى، وهكذا تقرّر احتواء التداعيات النّاجمة عن مثل هذا الموقف بانتقال وفد برلماني لهذا البلد إلى السويد.
وفي التّواصل مع هذا الحدث، حرّك المغرب أدواته في الاتحاد الأوروبي لغلق ملف العقوبات المرتقب تطبيقها على هذا البلد والتّغطية عليها، وحتى نسيانها. وفي هذا السّياق، حاول هؤلاء إعادة ملف الإعانات المقدّمة للصّحراويّين، والتي ردّ عليها الإتحاد الأوروبي بأنّها سليمة وصحيحة، رافضة الادّعاء بأنه كان هناك “تحويل”.
فلماذا يريد أو يطالب المغرب بإحصاء الصّحراويين اللاّجئين في الأراضي الجزائرية عن طريق أحد “خادم” هذا البلد في الاتحاد الأوروبي، ومحاولته جرّ البعض إلى هذه الطّروحات الكاذبة؟ لا يحق لأحد المطالبة بمثل هذا الأمر، ماعدا الأمم المتحدة وهذا في إطار واضح، كتنظيم الاستفتاء بشكل رسمي. هنا يكون كلام آخر على أساس ضمانات أكيدة لا يمكن التّلاعب بها، أما غير هذا مجرّد أوهام.
ويستغل المغرب الزيارة المرتقبة لبان كي مون قصد إعطاء الإنطباع بأنه حاضر من خلال سعيه لخلط الأوراق، ونسف أهداف هذه الجولة، وتجريدها من طابعها الأممي، أي رفضه تمرير الحلول القائمة على الشّرعية الدولية، منها الإستفتاء، وهذا ما يقلق المغاربة في الوقت الرّاهن، ويأملون في أن لا يأتي أو تؤجّل زيارة الأمين العام للمنطقة حتى يحافظ هؤلاء على الوضع الرّاهن المتميّز بالترقب خاصة ومعرفة الإتجاهات، هذا لا يمنع أبدا من متابعة عن قرب أوضاع الصّحراويّين بداخل الأراضي المحتلّة.