تزداد الأزمة في ليبيا قتامة يوما بعد آخر، ليس فقط بسبب مستقبلها الغامض والمجهول ، ولكن أيضا جراء سواد أعلام داعش التي أضحت ترفع في مواقع كثيرة ونرى رقعتها تتمدد يوما بعد يوم على خارطة البلاد وبدعم غربي مادي ومعنوي، ونعتقد أن الأسوأ ستشهده ليبيا مستقبلا إذا لم تتوحد الإرادات وتغليب المصلحة العليا للبلد على المصلحة الحزبية الضيقة.
إن ليبيا ولسوء حظها محرومة من المناعة الاستراتيجية الإقليمية حيث أن جيرانها دول ضعيفة وفقيرة تغرق في مشاكلها اليومية المتعددة سواء مصر أو السودان أو التشاد أو تونس والنيجر بعكس سوريا والعراق المحاطتين بقوى كبرى لن تسمح للتنظيم الإرهابي بالتوسع.
وليس وحده المحيط الإقليمي يعقد مستقبل ليبيا بل أيضا عدم الاهتمام الدولي بمنطقة المغرب العربي فقد أدارت ايطاليا المستعمر السابق ظهرها والتي كانت تعتبرها من قبل قاعدتها الخلفية وهي غارقة في أزمتها السياسية والاقتصادية والأمنية.
أما فرنسا التي حققت أمنية ساركوزي بالتخلص من القذافي فلم تعد ليبيا ضمن أولوياتها بعد صعود هولند للحكم والذي يحبذ التدخل في مالي، أما داخليا فما كان يعد بالأمس امتيازا أصبح اليوم نقصا فعدد سكانها محدود لا يتجاوز 6,5 مليون في حين أن مساحتها تفوق مساحة فرنسا ثلاث أضعاف، ما يجعل الخيارات الشعبية في محاربة الإرهاب محدودة الفعالية في ظل انتشار الإرهابيين في اللعديد من المناطق، ولا شك أن التدخلات الدولية في الفنادق المكيفة لا تحل أزمة الليبيين وكذا عبارات التنديد والشجب، ويبقى التقدير الدقيق لخطورة الوضع والتحرك العاجل للمجتمع الدولي بعيدا عن الحسابات السياسية الضيقة كفيل بإعادة توجيه المسار الليبي بعيدا عن الهاوية وعدم اتخاذ ليبيا عاصمة للدولة الإسلامية تنظيم “داعش “ الإرهابي.