الملّف النّووي الإيراني

الرّابح والخاسر في تأجيل المفاوضات

س ــ ناصر

يعمل عامل الزّمن لصالح إيران في مفاوضاتها النّووية، حيث يعدّ إحدى نقاط قوّتها التي تفرض على إدارة أوباما إنجاز اتّفاق معها، إلى جانب نقاط قوة كثيرة بحوزتها بعضها معروف وبعضها لم يكشف.

فتأجيل المفاوضات لستة أشهر أو سنة له نتائج وتبعات، منها استمرار إيران بإجراء أبحاثها النّووية السّلمية، فكلّما تأخّر إنجاز الاتفاق كلّما تطوّرت إيران خطوة إضافية في برامجها النّووية. بالمقابل تمتلك الولايات المتّحدة أوراق ضغط على إيران، منها العقوبات الاقتصادية وافتعال فتنة طائفية في المنطقة.
ويذهب الطّرفان للمفاوضات لعقد اتّفاق يسمح لكل منهما بتحقيق إنجاز، غير أنّ خبراء ومراقبين يعتقدون بأنّ مكاسب إيران من التّفاهم ستكون أكثر من مكاسب أمريكا، لأنّ ذلك يعتبر ضمنيا اعترافا دوليا بتحوّل  الجمهورية الفارسية من لاعب إقليمي أساسي إلى طرف دولي فاعل يحسب له حسابه، وهو الرّأي السّّائد في أوساط الحزب الجمهوري الأمريكي وعدد من الديمقراطيين، حيث يعتبر أصحابه أنّ التّوقيع على اتفاق مع إيران سوف يؤدي إلى تقويتها وتعويم دورها الاقليمي، وهنا لابدّ من الاشارة لعلاقات الجمهوريين الوطيدة مع إسرائيل المعارض الشرس للاتّفاق النّووي.
وللرّئيس باراك أوباما نظرة مخالفة للموضوع، فهو يريد أن يسجّل ضمن  منجزاته أنّه أوّل رئيس أمريكي استطاع تدجين إيران واحتوائها بعد مرور ٣٥ سنة من العداء.
لكن الوقائع والتحديات تجعل أي إدارة أمريكية مضطرّة للتّعامل مع إيران سواء باتفاق أو بدونه دون تجاهل نفوذها في المنطقة أو الحد من قدراتها أو إيقاف برنامجها النّووي.
يقول المحلّل السياسي الدكتور فياض “أنّ العلاقات بين إيران وأمريكا لا يمكن أن تستمر إلى ما لا نهاية على هذا النّحو من المراوحة في حالة اللاّحرب واللاّسلم، وهو الشيء الذي سرّع  من وتيرة المفاوضات برأيه ودفع إلى التّوقيع على اتّفاق جنيف أواخر العام الماضي (٢٠١٣)، لأنّ القراءة الأمريكية تقول أنّ بديل الاتّفاق والتّفاهم هو الدخول بمواجهة عسكرية مباشرة، ولذلك فتأجيل المفاوضات يبقى أفضل من انهيارها لأنّ بديل الحرب  كارثي على الجميع، ويبقى الحل الدّبلوماسي هو الأفضل”.
 إيران رابحة في كلّ الأحوال
 عدم التوصل إلى نتيجة في المفاوضات النّووية، تجعل أمريكا المتضرّر الأكبر وليس إيران بحسب المرشد الأعلى للجمهورية الاسلامية السيد علي خامنئي، مؤكّدا على أنّ طريق الحل لدى بلاده هو الاقتصاد المقاوم. يقول الدكتور فياض “أنّ العقل الغربي عندما يتّهم إيران بإمكان امتلاك قنبلة نووية يعني بالحسابات الاستراتيجية الغربية التّعامل معها على أنّها قوة عسكرية”. والمرشد يشير إلى مسألة أساسية وهي أنّ إيران سوف تذهب إلى تنفيذ كل مشاريعها النّووية السّلمية، وهو الأمر الذي يضع أمريكا أمام خيارين إمّا التّفاهم مع إيران حول هذا الموضوع، وإمّا أن تتعامل معها كقوة نووية عنوة أو رغما عنها، وهذا ليس من مصلحة أمريكا كقوة عظمى أن تجد إيران قوة نووية بعيدا عن حالة التّفاهم معها”.
فالإيرانيّون يتمسّكون بحقّهم في امتلاك الطّاقة النّووية السّلمية خارج التّجاذبات السياسية، وهذه نقطة من نقاط قوتها، إضافة إلى أنّها أنجزت بنية تحتية لمشروعها النّووي بالرّغم من كل الضّغوطات والعقوبات، وأصبح الموضوع أمرا واقعا.
ولذلك فإيران تفاوض على ما لم ينجز وليس على ما أنجز، فهي لا تسمح بمسّ بنيتها النّووية، لكنها تلتزم من خلال تعاملها مع الوكالة الدولية للطّاقة الذرية بكل المعايير الدّولية.
يضاف إلى ذلك تحسّن العلاقة بين طهران وموسكو من التفاهم إلى التحالف، حيث تقف روسيا إلى جانبها وتحثّ الايرانيّين على الثّبات وعدم التّنازل رغم أنّ روسيا شاركت من قبل على فرض عقوبات ضد إيران في مجلس الأمن.
هل يمكن تجاوز المعارضين؟
هناك اعتراض من الجانب الأمريكي على التّفاهم مع إيران، وبالمقابل لا يبدو  المحافظون في إيران متحمّسين للاتفاق مع أمريكا، وبذلك يمكننا القول أنّ هؤلاء سيعملون لإعاقة الاتفاق لاسيما من الجانب الأمريكي، وخاصة بعد أن نجح الجمهوريّون بالحصول على الأكثرية في الكونغرس، غير أنّ أوباما سبق وأن أعلن أنّه سيتكفّل بإقناع الجمهوريين والأمريكيين بالاتفاق في حال التّوقيع عليه. وفي هذه الحالة لن تكون هناك عراقيل من الدّاخل الأمريكي، ويبقى الاعتراض من طرف المحافظين في إيران على أي تقارب مع واشنطن، كونهم مازالوا يعتبرونها استكبارية وشيطانية، ولا توجد  بنظرهم معطيات يمكن البناء عليها تبرّر التّقارب مع الجانب الأمريكي.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024
العدد 19519

العدد 19519

الثلاثاء 16 جويلية 2024
العدد 19518

العدد 19518

الإثنين 15 جويلية 2024