« الشعب “: مأساة المناضل حسنة الوالي الذي اغتيل قبل أسبوعين في سجن الداخلة حلقة في سلسلة جرائم الاحتلال المغربي ضد الصحراويين، فأين هي الشرعية الدولية؟
الأستاذ حميداني: بالنسبة لما يقع في الأراضي الصحراوية والتي تعد في القانون الدولي أراض واقعة تحت الاحتلال، فإن المغرب وعلى غرار كل محتل يمارس أقوى وأقصى درجات القمع لمنع تنظيم إستفتاء المصير .
إن طبيعة هذا النظام المغربي المقترنة بخاصية الملكية المطلقة تدفعه إلى المراهنة على القوة والحل الأمني، وفي سبيل تكريس احتلاله يستبيح كل الوسائل العنيفة ويقمع كل الخيارات المناوئة لرغبته الجامحة في ضم الإقليم الصحراوي عنوة، وليس أدل على ذلك من العدد الكبير للمعتقلين الصحراويين الذين تعجّ بهم سجون الاحتلال ويتعرّضون فيها لمعاملة غير الإنسانية، ويتضاعف حجم القمع والتعذيب والتنكيل إذا كان المعتقل سياسيا ومناضلا في سبيل الحرية والاستقلال.
دون تحرك دولي ؟ على هذا الإساس تفهم انتهاكات حقوق الإنسان .
إن خطورة الانتهاكات التي يقوم بها الاحتلال المغربي، تتعزّز أكثر من خلال تزييفه للحقائق عبر إعلامه المأجور وعمله على تغليط الرأي العام العالمي، وكذا إصراره الدائم على وضع العراقيل أمام الوصول إلى مواقع الحدث والحصول على المعلومة الصحيحة والصادقة .
ويستفيد المغرب في ذلك من العلاقات البينية التي يقيمهامع اللوبيات وجماعات الضغط بالغرب وخاصة في الولايات المتحدة، ما يجعله حتى الآن على الأقل بمنأى عن المتابعات القانونية والضغوطات الدولية .
لقد استفادت السياسة المغربية في احتلال الصحراء خارج الشرعية الدولية، من سياسة الاستيطان وشراء الصمت الدولي والقدرة على استمالة عدد من الهيئات والأنظمة إلى درجة من التواطؤ المفضوح، وهو واقع يجعل جهود حل النزاع تراوح مكانها، وتبقي المغرب بمنأى عن أي مساءلة بخصوص الانتهاكات التي لحقت بالشعب الصحراوي منذ 1975.
والغريب في الأمر أن الاحتلال المغربي كلما تعرّض للانتقاد بخصوص مسألة حقوق الإنسان والحق في تقرير المصير في الصحراء الغربية، إلا وساق مبررات زائفة بزعمه أنه ينشد إقرار الأمن والاستقرار ومحاربة الإرهاب، وهو للإسف يلقى تعاطف الذين يدعمون سياسته الاستعمارية والقمعية .
الرئيس الصحراوي جدد المطالبة بآلية أممية لمراقبة حقوق الإنسان في الصحراء الغربية، متى ستكون الاستجابة ؟
يدرك الرئيس الصحراوي تماما بأن قواعد اللعبة تغيرت كثيرا منذ 1991 تاريخ توقيع اتفاق وقف إطلاق النار بين البوليساريو والمغرب، فالشعب الصحراوي لم يستفد شيئا من هذا الاتفاق، ومازال يئن تحت القمع والضغط المغربي، وهو في نفس الوقت يدرك أن هناك تخاذلا دوليا فيما يخص مساندة قضيته العادلة، وحتى في تكييفها على أنها تصفية استعمار، المغرب اليوم يتمتع بشبكة علاقات خارجية تضعه فوق الشرعية تحول دون محاسبته على جرائمه ضد الصحراويين، ما أجهض حتى الآن كل محاولة لتشكيل آلية لمراقبة حقوق الإنسان في إطار المينورسو كما هو الحال مع كل البعثات الأممية المشابهة .
لهذا فإن تلبية مطلب الرئيس الصحراوي لا بداية يرافق بسند دولي للتجسيد لكن رغم كل العراقيل، هناك اليوم أنصار الشرعية الدولية
والمتعاطفون مع الشعب الصحراوي الذين ينددون بجرائم الاحتلال ويعملون على فرض آلية مراقبة حقوق الإنسان في الصحراء الغربية.
قبل شهر مرت الذكرى الـ23 لوقف إطلاق النار في الصحراء الغربية لكن تقرير مصير الصحراويين يراوح مكانه ؟
لو عاد الزمن إلى الوراء، لكان على الصحراويين أن لا يقبلوا وقف إطلاق النار دون الحصول على مقابل أو ضمانات لسيرورة عملية التفاوض نحو حل نهائي للنزاع، لقد كان من المفروض حدوث تزامن بين التفاوض وسير العمليات العسكرية، لماذا ؟ لأن وقف إطلاق النار أتاح للمغرب هامشا من الحركة والحرية، كما أتاح له أن يبني جدارا عازلا، وهو بالمناسبة نسخة عن الجدار الإسرائيلي بفلسطين.
إن عامل الوقت الذي يراهن عليه المغرب يحظى بدعم دول بحكم مصلحتها مع المملكة، أقام المغرب خلال 23 سنة التي أعقبت وقف إطلاق النار شبكة علاقات مع قوى كبرى ومن ممارسة سياسة التضليل الإعلامي والمناورة ساعيا بكل الوسائل اللاشرعية للتحكم في سيرورة النزاع لصالحه.
” روس” منتظر قريبا في المنطقة، فأي جديد تحمله جولته
قبل أن يأتي “روس “ إلى المنطقة، كان قبل سنوات مبعوثا للسلام في الشرق الأوسط، وتبدو مهمته في إقرار الحل النهائي العادل في الصحراء الغربية صعبة بالنظر إلى السياسة التي ينتهجها المغرب واللعب بالوقت.
كيف ترى الدور الجزائري في حل القضية الصحراوية؟
موقف الجزائر ثابت ومقدس بخصوص دعمها لحق تقرير المصير في الصحراء الغربية، وهي ليست طرفا في النزاع كما تروّجه دعاية الاحتلال المغربي، وبرغم المعطيات الإقليمية وانشغال الجزائر بالأوضاع الأمنية المتردية في المنطقة، إلا أنها تولي اهتماما عميقا لحل المشكلة الصحراوية وفق ما تنصّ عليه المقررات الأممية ووفق رغبة الصحراويين .
وضع إنساني صعب للاجئين الصحراويين ولا أحد يحرك ساكنا ؟
بالنسبة للوضع الإنساني لللاجئين الصحراويين، يمكن أن نقول دون مبالغة أنهم يعيشون أسوء الظروف مقارنة باللاجئين المنتشرين عبر ربوع العالم، فآلة القمع المغربية تطالهم، ومن الصعب جدا أن نتحدث عن قدرة فعلية لحماية حقوق الإنسان أو إثارة قضايا التدخل الإنساني في الصحراء الغربية، لذا فإن مفاهيم الحماية الدولية لحقوق الإنسان تغيب بالمغرب وبالأراضي الصحراوية المحتلة التي مازال ينظر إلى النزاع فيها على أنه نزاع هامشي ولا أحد يعرف ما يجري وما يوجد في معتقلاتها وسجونها بسبب الحصار الذي يفرضه السجّان المغربي.
حميداني أستاذ العلاقات الدولية بجامعة قالمة لـ”الشعب”:
التخاذل الدولي عرقل “ المينورسو” لمراقبة حقوق الإنسان
من ڤالمة: آمال مرابطي
شوهد:972 مرة