يختار الأمريكيون اليوم، بين مرشح الحزب الديمقراطي المنهتية ولايته باراك أوباما ومرشح الحزب الجمهوري ميت رومني، كي يكون رئيسا للبلاد لأربع سنوات قادمة سيعمل خلالها على تنفيذ الوعود التي قطعها في الحملة الانتخابية، وهي تلك المتعلقة بالاقتصاد و التعليم و الرعاية الصحية، والحقوق المدنية.
واتخذ الخلاف بشان الخطط و السياسات الاقتصادية بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي لتحسين أوضاع الأمريكيين، قاعدة انطلق منها المتنافسان على كرسي البيت الأبيض رومني وأوباما، فالأول استطاع استدارك ما فاته بعدما فهم متاخرا ان الاقتصاد هو أكثر ما يهم الناخبين، ووجه انتقاذات لاذعة لخصمه معتبرا ما حققه في السنوات الأربع الأخيرة حصيلة هزيلة، أثقلت كاهل المواطن الأمريكي، بعد زيادة الضرائب واستمرار الكساد والوتيرة البطيئة للخروج من الأزمة الاقتصادية لعام ٢٠٠٨.
واستغل مرشح الجمهوريين نقاط ضعف خصمه أوباما معتمدا على الأرقام كي يستميل الناخبين، واعتبر عدد الوظائف المسجلة في العهدة الأولى والبالغة ٩ ملايين وظيفة غير كافية وأقل مما وعد به، وذهب أبعد من ذلك عندما قال انه منذ الحرب العالمية الثانية لم يتم اعادة انتخاب أي رئيس أمريكي ومعدل البطالة يتجاوز ٧ ٢ ، بالمائة وزادت طوال ٤٢ شهرا عن نسبة ٨ بالمائة وبقي ٢٣ مليون أمريكي عاطلا عن العمل، وخاطب الناخبين مستدلا بما حققه كحاكم لولاية ماساتشوستس بين عامي ٢٠٠٣ و٢٠٠٧، حينما عمل على تخفيض الصرف وزيادة الأجور وازالة عجز متوقع بحوالي مليار دولار، اضافة إلى نجاحه كمدير لشركة باين كبتال للاستثمارات، وتقوم سياسة رومني على المساواة وتكافؤ الفرص ويرفض زيادة الضرائب على ذوي الدخل المحدود.
لكن الرئيس باراك أوباما مرشح الحزب الديمقراطي، ورغم ارتباكه في التعاطي مع الازمة الاقتصادية إلا انه حاول تذكير الأمريكين بالسياسة التي انتهجها سابقه جورج بوش الذي ورث عنه اقتصادا محطما، ويعيد رومني طرحها على انها سياسات جديدة، وساعدت شهر اكتوبر أوباما على استعادة توازنه، حيث نزلت نسبة البطالة الى مادون ٨ بالمائة وعلان وزارة العمل ايجاد ١٧١ الف وظيفة جديدة في الشهر المنقضي، اضافة إلى انخفاض مستوى التضخم من ٢,٩٣ بالمائة شهر جانفي ٢٠١٢ الى ١,٦٩ خلال شهر أوت الماضي، وقال أوباما ان هذا يدل على التحسن، وفي مهاجمته للسياسة الاقتصادية لخصمه خاطب الناخبين محذرا «رومني سيلغي القوانين المتعلقة بالشركات ويكافئ الأميركيين الأثرياء بخمسة آلاف مليار دولار عبر تخفيض الضرائب الذي يترافق مع تقليص النفقات العامة ولا سيما تلك المتعلقة بالتعليم»، وحذر محللون من ان تعصف احداث وول ستريت بامال أوباما في الفوز بعهدة جدية وهو الذي وصف تلك الاحتجاجات بأنها تعكس مشاعر الاحباط لدى الشعب الأمريكي.
وكشفت المناظرة الأخيرة التي جمعت المرشحين ، بشكل كبير، أن كلا من أوباما ورومني استوعبا جيداً أن السلاح الفتاك في معركة الانتخابات هو ـ الاقتصاد ـ ، فقد كانت المناظرة مخصصة للسياسة الخارجية والأمن القومي وربطهما بالاقتصاد والتجارة، لكنهما جنحا معا إلى المسائل الأخيرة أكثر من القضايا المرتبطة بالسياسة الخارجية.