قبل تفجيرات نيويورك في ٢٠٠١.. كانت الجزائر تحذر المجموعة الدولية بأن الإرهاب الهمجي «ظاهرة» عابرة للأوطان.. وبإمكان شبكتها أن تضرب استقرار الشعوب الآمنة.. التي تعيش في كنف الهدوء.. داعية قادة هذا العالم إلى الإسراع في اتخاذ التدابير الردعية والوقائية التي تمنع حدوث أي طارىء.
سلبية الساسة في الغرب وحساباتهم الضيقة كانت حقا مؤثرة جدا واستفزازية إلى حد كبير كونهم رفضوا الإنصياع والإذعان لكل ما كان يقال لهم من نصائح تحسيسية قاعدتها أن هناك دلائل ملموسة على أن أي بلد ليس في منأى عن ضربات الجماعات الإهابية.. عن طريق ما سموه في تلك الفترة بالخلايا النائمة.
ولابد من القول هنا.. بأن رؤية الغرب وأمريكا كانت خاطئة من الأساس.. لأنها اعتمدت على المقاربات الايديولوجية المبنية على صراع ملاحقة المد الشيوعي من قبل الجماعات الإسلامية في كثير من الأماكن منها الوجود السوفياتي في افغانستان هذا المنطق هو الذي كان يتحكم في توجهاتهم دون أن يلتفتوا لما يقوله الآخر مثل الجزائر التي اكتوت بنار الإرهاب.. وبقرار غزو أفغانستان ومطاردة بن لادن في جبال تورابورا.. إستحضر فجأة هؤلاء ما كانت تنبههم منه الجزائر.. على أن الإرهاب لا يرحم أحدا مهما كانت معتقداته شيوعي أو اشتراكي أو رأسمالي.. هي آلة لقتل كل من تجده في طريقها.
إلا أن ١١ ديسمبر كان بمثابة المنعرج الحاسم.. في استفاقة عالمية لغطرسة الإرهاب.. وهذا عندما ضربت أمريكا في الصميم.. وحاول الجميع أن يعيد الشريط إلى أوله لمعرفة ما كان يجري في تلك الفترة من اتباعهم لسياسة «النعامة» ورفضهم القاطع لما كان يقال لهم بأن الخطر يداهمهم.. وهو في مدخل أبوابهم.
ولم يجدوا أمامهم سوى الجزائر التي كانت لوحدها تقاوم بعزم وحزم هذه الجماعات.. مطالبين إفادتهم بتجربتها الإستراتيجية في كيفية شل قدراتها وتقليص أذاها.. ومنعها من مواصلة استعراض عضلاتها عن طريق تلك العمليات ضد المواطنين.. من هنا تغيّر مفهوم النظرة لما يحدث في العالم.. من تنامي مخيف للإرهاب وكل من سار على هذا الدرب المشين.
ورويدا رويدا اقتنع الجميع بأن السياسة المتبعة من قبل الجزائر.. كفيلة بأن تكون الدرع الواقي لكل البلدان المهددة.. ونقصد هنا المكافحة الميدانية للإرهابيين.. ودك معاقلهم.. وضرب شبكات الإسناد والإمداد التي تزيد إطالة عمر إجرامهم.. وازدادت أواصر العلاقات عمقا في البحث عن أفضل السبل وأحسن الصيغ لعمل مشترك لتبادل المعلومات.. أي التنسيق على نطاق أوسع للتحكم أكثر في تنامي هذه الظاهرة الهمجية، وهذا ما جرى بوضح بين الجزائر والولايات المتحدة والجزائر وبريطانيا والتي تعتبر اتصالات نموذجية في مكافحة الإرهاب، عن طريق ترقية هذا التعاون بشكل مكثف باعتراف هذه الأطراف.. تنوّه بدور الجزائر في هذا الشأن واستباقها في وضع استراتيجية شاملة للإطلاع على كل ما يجري في المنطقة.
هذه التجربة الفريدة من نوعها التي كسبتها الجزائر كانت محل اهتمام الأطراف الأخرى.. التي ماتزال تثمن دورها في هذا المجال.. سواء بالنسبة لمشاركتها القوية والمؤثرة في الآليات الدولية لمكافحة الإرهاب ضمن إطار الأمم المتحدة ومجلس الأمن أو في المنتدى العالمي الذي تأسس في ٢٠١١.. أو على المستوى الإفريقي أو العربي أو الملتقيات الأخرى.. وفي هذا الشأن أشاد الجميع بالطرح الجزائري القاضي برفض منح الفدية للمختطفين.. حتى لا يجدوا ما يمونون به مشروع الإبادة. وهذا ما ورد في تقرير كتابة الدولة الأمريكية لسنة ٢٠١٣، حول مكافحة الإرهاب والموجه لأعضاء الكونغرس بخصوص أحداث وتوجهات هذه الآفة بإقرار بأن الجزائر شريك استراتيجي في مجال مكافحة الإرهاب.. والقدرة الفائقة والكفاءة العالية لجيشها في إفشال العديد من العمليات الإرهابية.. وممارسة الضغط على شبكة القاعدة في المغرب الإسلامي ومصادرة عتاد عسكري والقضاء على مخابىء للأسلحة.. وعزل كل هذه التنظيمات جغرافيا.. هذه الشهادة تؤكد الاعتراف الأمريكي باليقظة الجزائرية في مكافحة الإرهاب.. بعدم ترك لهؤلاء أي مبادرة عسكرية في الميدان للاستمرار في استعراض العضلات.. في المنطقة كما كان الشأن في السابق.. بالرغم من التحذيرات التي كانت تطلقها الجزائر بخصوص تداعيات تدخل الناتو في ليبيا.. على أن الوضع لا يستطيع التحكم فيه أي أحد مع الإنتشار الواسع للأسلحة وتهريبها إلى منطقة الساحل.. هذا ما أبرزه الخبير الأمريكي المختص في شؤون الإرهاب دافيد غاز نتشاين أمام الكونغرس حول آثار الوضع في ليبيا على الأمن في الجزائر.
واعتبر هذا الخبير أن تدخل الحلف الأطلسي كان خطأ استراتيجيا للولايات المتحدة وحلفائها كونهم لم يأخذوا في الحسبان ما كانت الجزائر تنبه إليه بأنه في حالة فلتان الوضع الأمني..يستحيل العودة إلى الإستقرار وهذا لأسباب محورية أهمها فتح جبهة جديدة للصراع في المنطقة تكون وكرا لكل الجماعات المسلحة التي تنشط في منطقة الساحل مع غياب الدولة المركزية وإحلال محلها الميليشيات التي أسقطت حكم القذافي.. واستغلت هذه الجماعات تردي الحالة الأمنية لتغيير وجهتها باتجاه محاولة إلحاق الأذى بدول الجوار.. تحت شعارات وتسميات عديدة.. تقف خلفها أطراف تسعى لزعزعة استقرار الجزائر.. لكن رد فعل الجزائر في تيغنتورين يبقى راسخا في أذهان الإرهابيين.. إن حاولوا تخطي الحدود فلا يعودون أبدا إلى قواعدهم سالمين معافين.
تعتبرها شريكا إستراتيجيا في محاربة الإرهاب
إعتراف أمريكي بالكفاءة العالية للأمن والجيش الجزائري
جمال أوكيلي
شوهد:1397 مرة