مستغلة الأزمة الصحية العالمية

التنظيمات الإرهابية توقظ خلاياها النائمة وتكثّف هجماتها

فضيلة دفوس

يستغل تنظيم «»داعش» الإرهابي أزمة فيروس كورونا وانخراط الدول في مكافحته واحتواء اتشاره، في العودة من جديد موجّها  بذلك رسالة مفادها أن الهزائم التي مني بها  منذ عام 2014  بالعراق و سوريا لم تقض عليه، كما تشهد  دول منطقة الساحل الافريقي هي الأخرى تصعيدا في الهجمات الدموية ما يعني أن الحرب المعلنة ضدّ الإرهاب مازالت طويلة.

مع القضاء على آخر معاقل «داعش» الارهابي  في الباغوز شرق سوريا قبل أكثر من سنة، اعتقد كثيرون  بأن هذا التنظيم الدموي انتهى الى غير رجعة خاصة بعد أن تراجعت الهجمات و الاعتداءات التي كانت عناصره تشنّها و التي وقعت إما في الأسر ،أو قتلت ، أو فقط انتقت إلى مناطق أخرى ، لكن هذا الاعتقاد كان خاطئا ، حيث تجلى  واضحا أن الهدوء الذي ساد العراق و سوريا   كان مؤقّتا  و تكتيكيا ،  لتعود  الحياة و  تدبّ  من جديد في الخلايا النائمة للدمويين  التي استيقظت  لتواصل سفك الدماء و ارهاب الآمنين   ، و لتبدأ فصلا جديدا من القتل و العنف الذي لا يعلم أحد إلى أين سيصل مداه.
عودة هجمات «داعش» تزامنت  و انتشار وباء كورونا  وانشغال الدول بمواجهته ، و هكذا هي دائما التنظيمات الدموية ، تستغل ظروف الناس الصعبة و أزماتهم  لزرع مزيد من المآسي  و الآلام  و الموت.

«داعش « يطلّ برأسه من جديد
يعتقد المهتمون بقضايا الإرهاب و المجموعات الدموية ، أن تنظيم «داعش» الدموي  قد يستعيد سيطرته على عدد من المناطق في سوريا والعراق، و هو -حسب تقديراتهم – يحتفظ بنحو 20 الى 30 ألف إرهابي و لا ينقصه المال أو السلاح لتنفيذ ضربات موجعة تسجّل من حين لآخر.
والمثير ، أن هذا التنظيم الإرهابي  شن  في الأشهر و الأسابيع الأخيرة العديد من الهجمات المنسقة و المعقدة ، ما يوحي  بأنه يستعيد  مجدّدا قوّته  و له من الامكانيات البشرية و المادية ما تكفيه ليشكل خطرا كبيرا على الامن في الدولتين ،  و قد حذّر تقرير  وجّهته الأمم المتحدة في 20 جانفي الماضي الى مجلس الأمن الدولي  من أن هذا التنظيم بدأ  يفرض وجوده مجدّدا و يشكل خطرا حقيقيا.
 عوامل العودة
وحتى من الناحية المالية يبدو أن الارهابيين بعد انهيار ما يطلق عليها «الخلافة  المزعومة» قد أعدوا العدة، وهذا ما يكشف عنه تقرير صدر في 11 ماي الجاري  للمفتش الأمريكي العام للقوات العسكرية الأمريكية.
ويفيد التقرير أن داعش  الارهابي له منفذ لاحتياطات مالية كبيرة، كما أنه يحصل على موارد مالية من أنشطة إجرامية ويمكن له تحريك مبالغ مالية في  أيّ المنطقة عبر وسطاء.
 هذا ويقول الخبراء أن عناصر تنظيم  «داعش «الارهابي لهم حالياً حليفان: من جهة فيروس كورونا، ومن جهة أخرى النزاعات و الأزمات ، فوباء كورونا أثّر على العمليات العسكرية التي تشنها الجيوش ضدّ الدمويين ، كما أن هذا التنظيم الدموي  يستفيد من التوترات السياسية و الأمنية  التي تعرفها عدّة دول.  
الارهاب يتمدّد في الساحل
بعد سقوط تنظيم «داعش» الإرهابي في معاقله الرئيسية بسوريا و العراق، كان التساؤل مطروحا حينها حول مركز الثقل القادم للتنظيم ،  و تجلى مع مرور الأيام و تزايد العمليات الدموية  بمجموع دوله، أن الساحل الإفريقي سيكون المعقل الجديد للإرهابيين  الذين وسّعوا  قواعدهم خاصة  في المنطقة المعروفة بـ «الحدود الثلاثة» بين مالي والنيجر وبوركينا فاسو التي تشهد بانتظام هجمات للإرهابيين الذين  يستغلون هم أيضا انشغال الحكومات بمحاربة وباء كورونا لسفك المزيد من الدماء.
ويلاحظ المراقبون أنه على الرغم من الأزمة الصحية العالمية، فإن أعمال الإرهاب لم تتقلص في دول غرب أفريقيا ومنها النيجر والتشاد، حيث وقعت عدة اشتباكات بين الجيش النيجيري والارهابيين من جماعة بوكو حرام الذين تعهدوا بالولاء لتنظيم الدولة الإسلامية،  و لم تسلم لا دولة مالي و لا  بوركينافاسو  أو نيجيريا من الاعتداءات الدموية ، ما يعني  أنّ التحدي الأمني يزداد حدّة، ووقعه يشتدّ على دول المنطقة التي تعاني أصلا من أزمات اقتصادية و  شحّ في الامكانيات المالية و اللوجستيكية التي  تسمح لها بمحاربة الارهابيين و الوباء القاتل و الفقر في ذات الوقت.
في الأخير ، نقول ، «إنّنا نعلم جيّدا بأن وقع الجائحة و تداعياتها خطير على العالم ، لكن الانشغال بمحاربتها  يجب أن   لا ينسي المجموعة الدولية أن هناك شعوبا كثيرة  تعاني الويلات تحت رحمة المجموعات الارهابية   ،و هي بحاجة الى المساعدة لمواجهة هذا العدوّ الذي يرتفع رقم ضحاياه  مئات المرات عن رقم ضحايا كورونا».  

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19628

العدد 19628

الأربعاء 20 نوفمبر 2024
العدد 19627

العدد 19627

الثلاثاء 19 نوفمبر 2024
العدد 19626

العدد 19626

الثلاثاء 19 نوفمبر 2024
العدد 19625

العدد 19625

الإثنين 18 نوفمبر 2024