مصر مفتوحة على الرّئاسيات

تحدّيات أمنية، سياسية واقتصادية

جمال أوكيلي

تتوجّه مصر إلى آفاق سياسية واعدة وهذا بالعودة إلى المسار الانتخابي، وإضفاء طابع الشّرعية على مؤسّسات الدّولة المتأثّرة بفعل تداعيات الثورات المتتالية التي حقّا زعزعت استقرار هذا البلد إلى درجة أقلقت المصريّين.
وحرصا على إعادة مصر إلى سكّتها، وتجاوز هذا الوضع المحرج سياسيا واقتصاديا،طرحت الجهات المسؤولة خارطة طريق عبارة عن أولويات جديرة بأن توصل البلد إلى برّ الأمان، والتخلص من تبعات الثورات وردود أفعالها، وهذا بالانتقال إلى فضاءات رحبة منها خاصة الإنتخابات وتعديل الدستور. كل هذا يندرج في إطار الاسراع في إعادة تشغيل المؤسسات الحاملة للسلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية.وهذا في حدّ ذاته تنفيذا للتّعهّدات السّابقة التي أقرّها المسؤولون المصريون في العودة إلى المسار الانتخابي وفق منطق جديد ونظرة مخالفة لما سبق، تبنى على مبدأ إنقاذ البلد من الانهيار الاقتصادي خاصة والتفاعل مع المحيط الخارجي سواء الإقليمي منه أو الدولي. واستنادا إلى الأرقام المتداولة، فإنّ اللاّإستقرار الحاصل في البلد أثّر تأثيرا كبيرا في الآداء الاقتصادي والمالي والسياحي إلى مستوى يتطلّب التّفكير مليّا في صيغ استعجالية لاسترجاع هذه القطاعات الحيوية في البلد نظرا لما كانت تحدثه من توازنات كبرى في هذا المجال، والتحكم فيها أكثر من أي وقت مضى، وهذا هو الشّغل الشّاغل للسّلطات المصرية في الوقت الرّاهن.والإرادة القائمة حاليا هي فتح الملف السياسي، وهذا من خلال إتاحة الفرصة أمام كل المصريين للمساهمة في إخراج البلد من هذه الضّائقة المتولّدة عن تجارب معيّنة.السياق الرّاهن في مصر هو الآن للرئاسيات التي ستجري في أواخر شهر ماي، والترشيحات مفتوحة لأبناء هذا البلد للاستفادة من تجاربهم وخبرتهم في إدارة الشؤون السياسية والإقتصادية الصعبة لمصر، والتطلع إلى مستقبل يأمله الجميع، وإبعاد الأحكام المسبقة التي صدرت على البعض من المنظمات المهتمة بحقوق الانسان وغيرها  بحكم إزالة حكم الإخوان.
والتحديات عظيمة أمام كل من يريد اقتحام هذا المعترك منها الأمنية بالخصوص، وما تشهده مصر كل جمعة من احتجاجات، ولم يتوان عبد الفتاح السيسي الرّجل العسكري في إبداء نيّته رسميا لقيادة مصر نحو مرحلة أخرى أكثر وضوحا بإعلان ترشّحه للموعد الانتخابي القادم، ودخول هذه التجربة بكل ما لديه من قدرة وكفاءة لإنقاذ مصر من التأثيرات المباشرة سياسيا واقتصاديا.وما ورد على لسانه خلال إعلان ترشّحه يدلّ دلالة واضحة على أنّ الرجل عازم كل العزم على خوض المنافسة على هذا المنصب رفقة صبحي حمدين وكل من يرغب في ذلك. ويرى المصريون أنّ الفترة الحسّاسة والشّائكة لبلدهم تتطلّب أن يكون هناك رجل قادر على الذهاب بمصر بعيدا، أي إزالة عنها كل هذا الهمّ والغمّ المتولّد عن ممارسات سياسية سابقة أضرّت بالبلاد والعباد. ومنذ ظهور شخصية السيسي وهو محل اعتبار من قبل المصريين كي يتقلّد منصب رئيس الجمهورية، وقبوله لهذا الإلحاح الشعبي ما هو إلا ترجمة عميقة لإرادة قوية للتخلص من تراكمات الماضي، وكذلك الصعوبات الكبيرة النّاجمة عن أساليب التسيير السابقة، وقد تعهّد شخصيا  على تغيير المعادلة باتجاه استرجاع مكانة هذا البلد على أكثر من صعيد، داخليا فالأمر يتعلق بتفعيل المؤسسات الممثلة للشعب كالمجلس الشوري، وخارجيا رفع الحصار غير المعلن عن هذا البلد.وهذا من أولويات السيسي في غضون الآجال القادمة بعدما لاحظ أنّ الأوضاع غير مستتبّة في البلد، وصلت إلى مستوى من الفلتان في البعض من المناطق خاصة في سيناء. وفي مقابل ذلك تأثّر الإقتصاد مباشرة وانهار قطاع من القطاعات الاستراتيجية في هذا البلد ألا وهي السياحة، وتقلّص عدد السياح إلى مستويات مخيفة انعكس على المداخيل. هذا ما يقلق حقا الجميع الذين يرغبون في أن تتم التسويات بالسّرعة اللاّزمة دون المرور بالمرحلة الإنتقالية، وإنما التقرب من الشرعية بدءا من رئاسة الجمهورية مرورا بالمجلس الشوري إلى بناء المؤسسات الأخرى المدعّمة والمكمّلة للأولى. ولا شك أنّ الجهات المسؤولة ستحرص على توفير كل الظروف الملائمة لإجراء الانتخابات الرئاسية ماديا وبشريا وأمنيا قصد العودة إلى الاستقرار النهائي.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19631

العدد 19631

الأحد 24 نوفمبر 2024
العدد 19630

العدد 19630

السبت 23 نوفمبر 2024
العدد 19629

العدد 19629

الجمعة 22 نوفمبر 2024
العدد 19628

العدد 19628

الأربعاء 20 نوفمبر 2024