دخلت الأزمة السورية عامها الرابع وقد غرقت البلاد في معضلة إنسانية غير مسبوقة حيث قتل نحو ١٥٠ ألف سوري وشرد أكثر من ٤٠ ٪ من السكان حسب آخر تقرير للمفوضية السامية للاجئين بالأمم المتحدة، كما ألحق دمار هائل بالبنى التحتية مع تواصل المعارك بين المعارضة المنقسمة ونظام بشار الأسد الماضي في السيطرة على الوضع ميدانيا.
ولا يلوح في الأفق أي حل قريب للأزمة لاسيما وسط تباين كبير بين الدولتين العظيمتين الراعيتين لمفاوضات السلام في جنيف ( روسيا والولايات المتحدة) والتي زادتها الأزمة الأكرانية مؤخرا أكثر تباينا، حيث تدعم أمريكا المعارضة السورية والانقلابيين في أوكرانيا بينما تدعم روسيا النظام في دمشق وشبه جزيرة القرم في أكرانيا، ويبدو أن الصراع الدموي في سوريا قد يستمر لسنوات أخرى إذا ما استمر الوضع على ماهو عليه وإذا بقي أطراف النزاع مصرين على تحقيق أهدافهم المتناقضة والمتباينة دون تنازل.
فمع مرور ٣ سنوات من الأزمة الدموية ودخولها العام الرابع تكون سوريا قد فقدت قرابة١٥٠ ألف قتيل ونصف سكانها لاجئين ونازحين! وليس بإمكان أي طرف حسم المعركة لصالحه حيث لاغالب ولامغلوب حتى الآن على الأقل.
وقد اكتسب النظام السوري ثقة بقدراته العسكرية وخبرته بعد ابتعاد شبح الضربة العسكرية التي هددت بها واشنطن في البداية ضده، فاتخذ استراتيجية الاحتفاظ بسيطرته على المناطق ذات الأهمية في البلاد كالمناطق الساحلية حيث الموانئ التجارية بالإضافة إلى المدن الكبرى والطرق الأساسية والرئيسية.
وتقدم النظام السوري وقواته في الأسابيع الماضية على محاور ثلاث أولها جنوب دمشق ومنطقة القلمون الاستراتيجية شمال دمشق بالقرب من لبنان وأطراف مدينة حلب شمالا.
ومع ذلك يقدر الخبراء أن النظام يجد صعوبة في استعادة سيطرته الكاملة على الميدان مشيرين إلى وجود ما بين ١٠٠ و ١٥٠ ألف مقاتل معارض بينهم من ١٠ آلاف الى ٢٠ ألف من الأجانب موزعين على أكثر من ألفي مجموعة مقاتلة.
ويقول مدير المعهد الألماني للسياسة الخارجية وشؤون الأمن فولكربيرتيس” أن أي طرف ليس في صدد الربح وقد يسيطر النظام على الجزء الأكبر من الميدان إلا أنه لن يكون قادرا على إعادة كامل أراضي البلاد تحت سيطرته أو سلطته، ويضيف أن تفكك سوريا ليس احتمالا لكنه أمر واقع”.
ويرى الخبير في الجغرافيا السورية فابريس بالانش أنه في ظل عدم وجود انتصار لطرف على آخر، ثمة انقسام بين مناطق سيطرة المعارضة في الشمال والمناطق الواقعة تحت سيطرة النظام في الوسط ويضيف قائلا “ البلاد بحاجة إلى وقت أطول للعودة إلى وضعها الطبيعي لأن إعادة الإعمار سيضاف إلى المشاكل البنيوية التي سبقت الأزمة ولكنه أفضل الخيارات بالنسبة للنظام”.
جدل حول الرئاسيات وترشح الأسد.
أقر مجلس الشعب السوري مشروع قانون يمهد الطريق أمام إعادة انتخاب الأسد لولاية ثالثة ويفتح المجال لمنافسيه من المقيمين بسوريا خلال العشر سنوات الأخيرة على الأقل ويحظون بتزكية عدد من نواب الشعب وهو ما يجعل المعارضين المقيمين في الخارج أو المنفى يجدون صعوبة في الترشح للرئاسة وهو الشيء الذي جعل المبعوث الدولي إلى سوريا الأخضر الابراهيمي يحذر من إجراء انتخابات رئاسية معتبرا أن تنظيمها ينسف مفاوضات السلام الهادفة إلى وضع حد للنزاع في هذا البلد، وقد اعتبرت دمشق يوم الجمعة الماضي ان الابراهيمي تجاوز مهمته بالحديث عن الرئاسيات السورية كونها أمر داخلي.
وقد عبرت الولايات المتحدة عن رفضها عزم النظام السوري تنظيم انتخابات رئاسية كل حظوظ الفوز فيها للأسد، ورغم أن الموعد المحدد لإجراء الانتخابات لم يتم الإعلان عنه بعد غير أن دعوة الناخبين يجب أن تتم قبل ٦٠ إلى ٩٠ يوما من انتهاء ولاية الأسد في ١٧ جويلية القادم .
وعلى خطى واشنطن حذر الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون من تداعيات إعادة انتخاب الرئيس السوري مرة جديدة على عملية السلام في جنيف مثلما قال مبعوثه الخاص الابراهيمي، ودعا روسيا وايران الى ممارسة ضغط على النظام السوري للعودة الى طاولة المفاوضات في جنيف بشكل بناء أكثر، لكن رحيل الرئيس السوري عن السلطة الذي كان يطالب به الغربيون في بداية النزاع لم يعد كما يبدو مطروحا، وكان المسؤول الأول عن الخارجية وليد المعلم قد نبه من قبل بأن جنيف ٢ يجب أن لا يستمر الى مالا نهاية وهدد بعدم الذهاب اليه في جولة أخرى اذا لم تكن الأمور مأخوذة مأخذ الجد معتبرا الذهاب الى جنيف ليس لتسليم السلطة او مناقشة المستقبل السياسي للأسد.