يبدو أن الماليين على موعد مع مصالحة وطنية موسعة وهي كذلك لأنّ البلاد فتحت كل الملفات المعنية بهذا المسار لتضعه على الطاولة، حتى تلك التي كانت تعتبر من الطابوهات كمقترح اللامركزية الذي خُصّصت لمناقشة جلسات عامة بداية السنة الجارية تلتها جلسات خاصة بمناطق الشمال، وأخيرا أي هذا الأسبوع الورشات التحضيرية للمفاوضات والتي تمّ خلالها إنجاز خطوة مهمة طالما عطّلت المسار التصالحي في البلاد، وهي مسألة السلاح التي قال بشأنها الرئيس أبو بكر كايتا أنه من غير المنطقي أن تفاوض الحكومة أولئك الذين يحملون السلاح في وجهها.
لكن يبدو أن هذا المشكل لم يعد مطروحا بعد التوصل إلى اتفاق يقضي بإنشاء مخيمات لتجميع المسلحين في المدن الرئيسية الثلاثة للشمال وهي تمبوكتو، غاو، كيدال، أي معاقل الحركات الإنفصالية، ويأتي هذا كحل وسط بين موقف باماكو والحركات المتمردة، يسمح بإرساء الثقة وتحضير الأجواء لمفاوضات الحل النهائي إن كان يمكن تسميتها كذلك.
وهذا يؤكد مرة أخرى أن السلطات المالية لديها إرادة سياسية ثابتة في المضي قدما بوتيرة السلام والمصالحة.
ومن ناحية أخرى فيبدو أن هذه الحكومة تمتلك نفس الإرادة في إرساء دولة المؤسسات ومبدأ القانون فوق الجميع من خلال إطلاق يد العدالة التي يجب أن لا تكون بعيدة عن المسار التصالحي الشامل الذي تبنّته البلاد، وتجسّد ذلك من خلال استدعاء وإيقاف الجنرال “ياماموسى كامارا” وزير الدفاع الأسبق ورئيس الأركان الشخصي للرئيس كايتا حاليا بتهمة تورطه في ملف (القبعات الحمر) وهي فرقة من المظليين اتهمت بمحاولة القيام بعملية انقلابية مضادة ضد الجنرال “سانوغو” الموقوف منذ شهر نوفمبر الماضي بأمر من قاضي التحقيق “يايا كارومبي” بتهمة قتل العشرات منهم عندما كان المسؤول الأول في البلاد بعد الانقلاب على الرئيس أمادو توماني توري في مارس ٢٠١٢، في حين كان الجنرال كامارا وزيرا للدفاع.
كل هذه المؤشرات توحي بأن دولة مالي تسير في الطريق الصحيح نحو المصالحة الشاملة والتي ستتشكل فيها العدالة والقانون أكبر ضامن لهذا المسار، وبهذا فإن الجميع سيحتكم إلى القانون وليس السّلاح لحل المشاكل والخلافات، وبهذا سيكون السلاح وبمقتضى القانون في يد من يملك ممارسة حفظ الأمن، وهي الدولة التي يقع عليها فيما بعد الحفاظ على السلام والأمن.