بعد مرور سبع سنوات على سقوط النظام الليبي السابق، لا تزال البلاد تغرق في معضلة أمنية وأزمة سياسية متداخلة الأطراف، وسط محاولات دولية لحلحلتها، ورأب الصدع بين الفرقاء.
- تعاني ليبيا منذ الإطاحة بنظام القذافي انفلاتا أمنيا وانقساما سياسيا، وأزمة اقتصادية حادة.
- أحد أبرز وجوه الانقسام تجلى في تنافس حكومتين على الشرعية والسيطرة، إحداهما حكومة الوفاق الوطني التي تحظى بدعم أممي برئاسة فايز السراج غربي البلاد، والثانية الحكومة الليبية المؤقتة برئاسة عبد الله الثني جهة الشرق.
- زادت حدة الأزمة بوجود العشرات من المليشيات والقوات المسلحة الموالية لأطراف النزاع والمتنافسة فيما بينها، وطيلة سنوات أنهكت البلاد الاشتباكات التي ما إن تهدأ حتى تعود من جديد تحت أسباب ومسميات مختلفة، وأثرت على الاقتصاد والخدمات العامة، وقطاع الصحة العمومية، وتسببت بنزوح عشرات الآلاف.
أطراف الأزمة
حكومة الوفاق الوطني: معترف بها دوليا، يقودها فائز السراج. وتراهن عليها الأمم المتحدة ودول كبرى من أجل مواجهة «الإرهاب» وبسط السيطرة.
الحكومة المؤقتة: انبثقت عن برلمان طبرق في سبتمبر 2014، وتوجد بمدينة البيضاء شرقي البلاد، ويترأسها عبد الله الثني.
خليفة حفتر: أطلق ذلك اللواء المتقاعد منتصف ماي 2014 عملية عسكرية تدعى «كرامة ليبيا» ضد مجموعات وصفها بـ «الإرهابية» في بنغازي، وانتقلت العملية لاحقا إلى العاصمة طرابلس، فأسفرت عن مقتل العشرات وجرح المئات، وها هويكررها اليوم بشن عملية عسكرية على طرابلس.
قدم حفتر نفسه باعتباره قائد «الجيش الوطني» و»منقذ» ليبيا من الجماعات الإسلامية التي يتهمها بـ «الإرهاب» وزرع الفوضى.
مجلس النواب: انتُخب في 25 جوان 2014. وعقدت مراسم تسليم السلطة التشريعية من البرلمان السابق (المؤتمر الوطني العام) بمدينة طبرق في أوت 2014.
في نوفمبر 2014، نزعت المحكمة العليا الشرعية عن مجلس النواب المنعقد بطبرق شرقي البلاد وما انبثق عنه من قرارات ومؤسسات ومنها حكومة الثني.
الجماعات والمليشيات المسلحة: أدى تكدس السلاح في البلاد وتهريبه إلى نشوء تنظيمات مسلحة محلية تختلف انتماءاتها وولاءاتها، كما وجدت التنظيمات الارهابية كالقاعدة وتنظيم الدولة موطئ قدم لها في البلاد.
المجتمع الدولي: يدعم رسميا الحكومة الانتقالية بطرابلس، لكن دول عربية تدعم حفتر بينما تودّدت دول أوروبية منها فرنسا لحفتر مع تنامي نفوذه.
تجليات الأزمة
أدى الانقسام السياسي والعسكري لتكريس وضع «اللادولة» وغياب المؤسسات الموحّدة والنافذة، وبهذا الوضع تمكّنت المليشيات والتنظيمات المسلحة من السيطرة على مناطق النفوذ والثروة في البلاد.
وخلال فترة الانفلات الأمني - وبحسب منظمة هيومن رايتس ووتش - قامت الجماعات المسلحة بجميع أنحاء البلاد، بإعدام أشخاص خارج القانون، والهجوم على المدنيين والممتلكات المدنية، واختطاف وإخفاء أشخاص، وفرض حصار على المدنيين.
محاولات الحلحلة
- أدت جهود الأمم المتحدة 17 ديسمبر/ كانون الأول 2015 إلى توقيع اتفاق بين أطراف ليبية، نصّ على تشكيل حكومة وحدة وطنية، غير أن الاتفاق لم يحظ بالإجماع.
- رعت تونس في سبتمبر وأكتوبر أول 2017، مباحثات للحوار الليبي بهدف إجراء تعديلات على الاتفاق السياسي الموقع في 2015، بمشاركة ممثلين عن البرلمانين ومجلس الدولة الناجم عن الاتفاق المذكور.
في ماي 2018 أشرفت فرنسا على مؤتمر للحوار الليبي، وحينها اتفقت أطراف الأزمة المجتمعة في باريس على تنظيم انتخابات برلمانية ورئاسية في أقرب وقت ممكن، والمفضل نهاية العام، مع الالتزام بتهيئة الأجواء لتكون نزيهة، والموافقة على نتائجها.
- إن الخطة المدعومة من فرنسا لإجراء انتخابات في 10 ديسمبر تأجلت بعد رفض الولايات المتحدة وروسيا وقوى أخرى لجدولها الزمني في مجلس الأمن.
- استضافت مدينة باليرموالإيطالية يومي 12 و13 نوفمبر الماضي مؤتمرا دوليا، بمشاركة أطراف ليبية من الداخل والخارج، وذلك لمناقشة خطّة السلام التي وضعها المبعوث الأممي إلى ليبيا غسان سلامة.
- سلامة دعا لعقد مؤتمر وطني في الأسابيع الأولى من 2019، ثم البدء بالعملية الانتخابية هذا الربيع، لكن الوعد لم يتحقق.
- المبعوث الأممي حدد يومي 14 و16 من أفريل الجاري لعقد المؤتمر الوطني الجامع.
- اللواء خليفة حفتر يصعّد ويعلن في 4 أفريل الجاري شنّ هجوم على العاصمة طرابلس في خطوة قد يكون هدفها عرقلة تنظيم المؤتمر الوطني، وبالتالي إعادة الأزمة إلى المربع الأول.
النقاط الخلافية
تتعلق أغلبها بالمناصب السيادية في الدولة، ودور المؤسسة العسكرية.
ويبقى في الأخير التاكيد بأن إيجاد حل للأزمة يبقى مرهونا بالليبيين أنفسهم ومدى قدرتهم على تجاوز الخلافات وتقريب وجهات النظر، ووفقا لسلامة فإنه لن يتم شيء ما لم يقرّر الليبيون أنفسهم بأنه آن الأوان لطي صفحة الفوضى وانعدام الدولة وهشاشة السلطة المركزية.
ويخلص المبعوث الأممي بالقول: نحن وكل المجتمع الدولي موجودون لمساعدة الليبيين ولكننا لسنا بدلاء عنهم، فإذا لم يقرروا أن الوقت قد حان لبناء دولة شرعية واحدة مؤسساتها موحدة فلن تقوى أي قوة في العالم على ذلك، لذلك الكلمة الأخيرة تبقى لهم.