عددهم يتراوح بين 3900 و4300 فرد

الإرهابيون العائدون... شبح يرعب العالم

فضيلة دفوس

دعا الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قبل أسابيع، الدول الغربية الى استعادة مواطنيها الذين انخرطوا في تنظيم «داعش» الارهابي بسوريا والعراق، وامتدّ به الأمر إلى درجة التهديد بإطلاق سراحهم، خاصة مع إعلانه سحب قواته من بلاد الشام.

 دعوة ترامب، كانت بمثابة الكابوس المفزع  الذي أيقظ الدول الأوروبية على معضلة أمنية يصعب التعامل معها، ما جعل ردود الفعل تتباين بين من أبدت رفضها التام لإعادتهم، وبين من ربطت قبول استقبالهم  بشروطً قانونية، وفي المقابل،فضّلت دول أخرى تجاهل الأمر على أمل أن  تستقطبهم  تنظيمات دموية أخرى وتريحها من عبئهم.
حيرة كبيرة تشعر بها أوروبا التي غضّت الطرف والتزمت  الصمت عندما كان الآلاف من مواطنيها يشدّون الرحال للالتحاق بتنظيم داعش الدموي في سوريا والعراق، وها هي اليوم في وضع لا تحسد عليه، بين خيارين أحلاهما مرّ، إما أن ترفضهم وبالتالي تتركهم في الطبيعة يسرحون ويمرحون، وإما أن تقبلهم  بالمهارات التي اكتسبوها وتتحمّل التبعات الخطيرة والرّفض الشعبي لهم.

العودة المرعبة

 تورد الإحصائيات، أن ما بين 3900 و4300 من مواطني الاتحاد الأوروبي انضموا إلى تنظيم داعش الإرهابي، ومعظمهم من المملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا وبلجيكا،
وحاليا يقدّر عدد المعتقلين في شمال شرق سوريا في آخر جيب للدمويين، ما بين 800 و1000 ارهابي، ممن يلقبون بالمقاتلين الأجانب، من بينهم بريطانيين وأمريكيين وفرنسيين وألمان، وهؤلاء هم الذين يطالب ترامب بإعادتهم، لكن ردود  الدول الغربية تباينت بشكل كبير، ففرنسا، عبرت عن استعدادها لاستعادة مواطنيها ومحاكمتهم رغم أن وزير الخارجية جان إيف لو دريان وصف في السابق دمويي «داعش» وزوجاتهم بأنهم «أعداء» لفرنسا، وقبله اقترح الرئيس الفرنسي السابق فرانسوا هولاند تجريد مواطنيه الارهابيين من الجنسية، لكن تمّ العدول عن الاقتراح لأنه لا سند دستوري له.
لم تسر المملكة المتحدة على نفس النهج، بل كانت أكثر شدةً وحزمًا، وقال ساجد جاويك، وزير الداخلية إنه «لن يتردّد» في منع عودة المواطنين البريطانيين الذين دعمّوا المنظمات الإرهابية، وأضاف في حال وجود إمكانية للعودة، فسيتعرّض العائد للاستجواب والمحاكمة، وحتى التجريد من الجنسية.

خياران أحلاهما مرّ

 إذا كانت فرنسا وبريطانيا حدّدتا نوعا ما موقفيهما، فإن ألمانيا في حيرة من أمرها وهي لا تدري كيف سترد على طلب ترامب، خاصة وأن عدد مواطنيها الذين التحقوا بداعش الإرهابي في سوريا والعراق منذ عام 2013 تجاوز الألف.
كما تواجه بلجيكا نفس المأزق، فهي تحاول حاليًّا أخذ قرار بشأن إعادة أطفال بلجيكيين مع أمهاتهم اللواتي انضممن إلى التنظيم الدموي، ولا تدري كيف تتعامل معهم، خاصة وأن الكثير من الأطفال انخرطوا في عمليات ارهابية.
 وفي كندا تثير مسألة عودة الارهابيين جدلا كبيرا وتوترا بين السياسيين، فبينما يؤكد رئيس الوزراء جاستين ترودو على إعادة الدمج والتأهيل على اعتبار أن الرحمة والتعاطف أساس القيم والمبادئ في المجتمع الكندي، إضافة إلى أن عدم استقبالهم وتركهم مشتتين سيحفّزهم على ارتكاب الفظائع في أماكن أخرى، ترافع أطراف معارضة  للملاحقة القضائية والسجن.

المأزق
 المؤكد أن دعوة ترامب إلى إيجاد حل سريع لمعضلة الارهابيين المحتجزين في شمال شرق سوريا قبل الاضطرار الى إطلاق سراحهم، يضع الدول الغربية في مأزق حقيقي  وأمام خيارات صعبة، فإذا سدّت أبوابها في أوجههم، فهذا يعني أنهم - كما قالت كندا ـ سيرتكبون فظائع في أماكن أخرى، وقد يعزّزون صفوف تنظيمات دموية منتشرة في أماكن متفرقة من العالم كأفريقيا مثلا، أما إذا قبلت عودتهم فهي تخشى خطرهم على أمنها، لأنهم بمثابة القنبلة الموقوتة، وأي قرار يتمّ اتخاذه ضدهم سيكون متبوعا بعواقب لا حصر لها.  
 
ماذا عن مصير «داعش»؟

يتردّد هذه الأيام أن تنظيم «داعش» الارهابي يدق آخر مسمار في نعشه، حيث تمضي سوريا إلى تحرير آخر جيب للدمويين المتحصنين في منطقة الباغوز بدير الزور، يأتي هذا بعدما أعلن العراق قبل سنة بأنه حرّر أراضيه من قبضة الدمويين.
 وبإعلان الدولتين تخلّصهما من سفّاكي الدّماء الذين عاثوا في بلاد الرافدين وأرض الشام تقتيلا وفسادا، يتساءل كثيرون عن مصير هذا التنظيم الارهابي، هل فعلا انتهى، أم أنه سيظهر في منطقة أخرى تحت اسم جديد لأداء مهمة قذرة جديدة؟
 في الواقع ليس بالبساطة الجواب عن هذا السؤال، لكن القول بأن تنظيم «داعش» انتهى يجانب الحقيقة ، لأن الآلاف من عناصره فرّوا لما كانت الطائرات تدكّ مواقعهم في سوريا والعراق، والمؤكد أنهم انتقلوا الى مواقع اخرى ليشكلوا تنظيما جديدا أو يلتحقوا بمجموعات ارهابية كتلك المستقرة بالساحل وأفريقيا عموما، إضافة إلى أن مثل هذه التنظيمات هي كالخلايا السرطانية التي إن هي بقيت منها خلية واحدة فإنها ستتكاثر وتستعيد بطشها، ما يعني أن الحرب ضد داعش لم ولن تنتهي قريبا، وهي بحاجة الى ملاحقات استخباراتية جدية قد تستمر لسنوات، والقول بصعوبة دحر «داعش» يعود بالأساس إلى اعتقاد الجميع بأن هذا التنظيم تقف وراءه جهات  قوية أسّسته لتدمير دول بعينها.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19628

العدد 19628

الأربعاء 20 نوفمبر 2024
العدد 19627

العدد 19627

الثلاثاء 19 نوفمبر 2024
العدد 19626

العدد 19626

الثلاثاء 19 نوفمبر 2024
العدد 19625

العدد 19625

الإثنين 18 نوفمبر 2024