في الوقت الذي توجّه فيه المجموعة الدولية رسائل واضحة المعالم إلى المغرب مفادها عدم اعترافها «بسيادته» على إقليم الصحراء الغربية كان آخرها الكونغرس الأمريكي الذي قرّر القطيعة النهائية مع التلاعبات ووأساليب التحايل لما يسمي «باللوبي المغربي» في توجيه المساعدات المالية إلى غير الوجهة المقرّرة لها طيلة سنوات خدمة للاحتلال يتحرّك هذا البلد أي القوة المحتلة باتجاه مجلس الأمن لمخاطبته بخصوص طلائع الوحدات الصحراوية العاملة بمنطقة الكركرات».
ما هذه المفارقات العجيبة والتصرفات الغريبة في آن واحد وغير المستساغة من أحد لا يحق للمغرب أن يسعى لنقل أي انشغال إلى مجلس الأمن كونه يحتل الصحراء الغربية زيادة على تواجده وراء جدار العار.. وفي هذه الحالة فإن شكواه باطلة ولاغية لا يعتد بها وقد كان الرد حاسما من مصالح الأمم المتحدة عندما نفت نفيا قاطعا ما ورد على لسان الدوائر المغربية...
من حقّ الصحراويين التحرّك في كل الاتجاهات التي يرونها مناسبة لهم في تلك المنطقة الفاصلة وهم يدركون جيدا ما يفعلون في وضع حسّاس كهذا، انطلاقا من ت ت تجربتهم الفائقة في إدارة مثل هذه الحالات المفتعلة من طرف المغرب.
نؤكد على هذا الجانب من باب محاولة المغرب فرض أمر واقع معين على الصحراويين من خلال سعيها لإعطاء الانطباع أو الظهور بمظهر الناهي والآمر في قضية محل نزاع منذ قرابة ٤٣ سنة لم تحسم إلى غاية يومنا هذا نظرا لتعنّت المحتل الرافض للشرعية الدولية المطالبة إياه بتقرير مصير الشعب الصحراوي كيف يسمح له اليوم بإخطار الأمم المتحدة وهو يضرب عرض الحائط بكل لوائحها؟ ما هذه التناقضات الصارخة التي يحملها هذا المحتل؟.
كلما يشعر المغرب بأن هناك وعيا سياسيا دوليا متزايدا تجاه القضية الصحراوية ومنعطفا حاسما لمسار النزاع عقب المائدة المستديرة بجنيف، وتصريحات مستشار الأمن القومي الأمريكي جون بولتون حول تشديده حيال تسوية هذا الملف إلا وتراه يتخبّط خبط عشواء فاقدا صوابه، لا يدري ما يفعل ماعدا محاولة إلحاق الضرر وشن حملة ضد الصحراويين كما اعتاد على ذلك.
ولا ينتظر المسؤولون الأمميون أي شيء من المغرب باعتباره قوّة محتلة ولا يستند إلى إدعاءاته المغرضة والحاملة للكثير من المغالطات استاء منها هؤلاء كثيرا عندما اتضح لهم بأن ما في الميدان غير ذلك.. هناك جهة رسمية يتعاملون معها ألا وهي الـ«مينورسو» التي ترفع تقارير مفصّلة عن كل ما يجري في الكركرات وغيرها.
هذه الصلاحية أو المهمة التي خوّلتها وكلفت القوة المحتلة نفسها أصبحت في خبر كان بالنسبة للأمم المتحدة، لأن هناك معطيات جديدة طرأت منذ المائدة المستديرة بجنيف بعد أن وقف كوهلر بنفسه على ما قاله كل واحد من الوفود الحاضرة واستمع إلى كل الأطراف والاحتمال الأكثر ورودا في هذا الشأن هو تنظيم الاستفتاء لتقرير مصير الشعب الصحراوي وهذا ما يتخوّف منه المغرب حاليا لذلك يعمل على اصطناع سيناريوهات وهمية استطاع فيما سبق تمريرها بتواطؤ حلفائه عندما ألحّ بولتون على تسوية النزاع آجلا أم عاجلا.. والكل فهموا تلك الرسالة وعليهم الانضمام إلى هذا المسار أو الحيوية الجديدة.
وضمن هذا التوجّه حذرت جبهة البوليساريو من أن أي توغل للاحتلال المغربي في الشريط العازل بمنطقة الكركرات، سيعتبر انتهاكا واضحا لوقف اطلاق النار والاتفاقية العسكرية رقم ١ وهذا في حد ذاته يعد ردا وافيا وشافيا على الاستفزازات المغربية على أنها ليست الجهة الوصية على المنطقة وعليها أن تدرج في حساباتها طلائع الصحراويين الأحرار الذين يقفون كرجل واحد دفاعا عن أرضهم المحتلة.
وفي هذا الإطار، فإن القيادة الصحراوية الحكيمة تسيّر الأحداث السياسية وما تولّد عنها من تداعيات برؤية سديدة وفاء للعهد الوطني الذي قطعته على نفسها وتمسّكا بالشرعية الدولية وجاء ذلك واضحا في اجتماع أركان جيش التحرير الشعبي الصحراوي الأخير والذي أكد على أن سنة 2019 ستكون مليئة بالتحديات للشعب وللجيش مبرزا رقعة النضال القادمة، الأرض المحتلة، جنوب المغرب، الفضاءات الجامعية، الأراضي المحررة، مخيمات العزة والكرامة والجاليات تصدّ بالاحتلال وإسماع دوي صوت شعب مكافح.