حقّقت تقدّما في دحر الإرهاب

سوريا في 2018..بداية الخروج من النّفق

فضيلة دفوس

بخلاف جميع الدول التي غرقت في فوضى «الربيع الدموي» قبل نحو ثمانية أعوام، كانت سوريا في السنة المودعة الأكثر حظا، حيث تجلى بوضوح أنّها بدأت تطوي فصول صراعها الدموي، وتتقدّم بخطوات ثابتة نحو عودة الأمن حتى وإن كان استقرار الوضع وعودة درة الشام الى سابق عهدها سيحتاج الى بعض الوقت، وكثير من الجهد والعمل.

سنة 2018 كانت بالفعل سنة سوريا بامتياز، إذ واصلت الدولة  تحرير الارض من قبضة المجموعات الارهابية التي عاثّت في البلاد فسادا وفي العباد تقتيلا وتشريدا، ونجحت في تقويض ما يسمى بـ  «المعارضة المسلّحة» التي استسلمت لهزيمتها، وأخذت تفرّ من المناطق المحرّرة وهي تجرّ أذيال الخيبة والمذلّة بعد أن أدّت مهمّة قذرة كلّفت بها من طرف جهات خارجية، همّها الوحيد كان تدمير بلاد الشام لا أكثر ولا أقل.
 لقد تمكنت قوات الجيش السوري في الاشهر الماضية من حسم الحرب لصالح النظام، الذي حقق انتصارات متلاحقة أدت إلى تجريد المعارضة من معظم الأماكن التي كانت تسيطر عليها، حتى أنه لم  يتبق لها على الأرض سوى إدلب وبعض المناطق المتاخمة لها.
في الواقع، لم يكن صعبا على القوات السورية تحرير إدلب أيضا، لكن وبما أن ما تسمى بالمعارضة تفضّل دائما الاحتماء بالمدنيين الذين ترهنهم كذروع بشرية، فقد آثر النظام عدم استعجال الامر، وتمّ التوصل بمبادرة روسية – تركية الى اتفاق لإقامة منطقة منزوعة السلاح في المحافظة الى حين تحريرها في يوم من الأيام .
وبالموازاة مع انحسار القتال، تواصلت جهود التسوية السلمية التي انخرطت فيها العديد من الدول بما فيها فرنسا وألمانيا التي شاركت في قمة اسطنبول المنعقدة في اكتوبر الماضي الى جانب تركيا وروسيا، والتي شددت على الالتزام بوحدة سوريا وسيادتها واستقلالها، وعلى تسهيل عودة المهجرين السوريين.
وقبل قمة اسطنبول استهلّ العام بمؤتمر الحوار الوطني في سوتشي، الذي عُقد في 29 و30 جانفي 2018 بمشاركة طيف واسع من ممثلي الشعب السوري، والمبعوث الأممي إلى سوريا دي ميستورا، وكان من أبرز مخرجاته الاتفاق على تأسيس لجنة دستورية من ممثلي النظام والمعارضة ترعاها الأمم المتحدة، مهمتها صياغة دستور جديد للبلاد وفقا لقرار مجلس الامن الدولي 2254، ورغم الجدل الذي يحيط بهذه اللجنة وتشكيلتها، هناك أمل بأن تعقد أولى اجتماعاتها في بداية السنة القادمة.
مسار المصالحة
بينما واصلت الأزمة السورية البحث عن الحل الذي ينهي الكابوس  عبر لقاءات ومؤتمرات تنقّلت بين أستانا وجنيف واسطنبول، لم يضيّع النظام السوري الوقت، وأطلق مسار المصالحة الوطنية الذي كانت أول نتائجه عودة ملايين السوريين للاستقرار بمناطقهم التي هجروها قصرا وهربا من ويلات الحرب والارهاب.   
وتبقى سوريا، كما تتمسّك به الحكومة، ماضية في رؤيتها لحل الأزمة عبر مسارين هما مكافحة الإرهاب والعملية السياسية، بالانفتاح على الحوار مع الجميع شرط إلقاء السلاح والالتزام بالدستور، لاسيما وأن مسيرة المصالحات تحظى بدعم الشعب السوري، وكل هذا في ظل الاستعدادات الحثيثة لإعادة بناء البلاد.
سوريا تودّع عاما آخر من أزمتها، لكنه عام مشعّ بالأمل في قرب الانفراج، خاصة بعد قرار الولايات المتحدة الأمريكية سحب قواتها من هناك.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19628

العدد 19628

الأربعاء 20 نوفمبر 2024
العدد 19627

العدد 19627

الثلاثاء 19 نوفمبر 2024
العدد 19626

العدد 19626

الثلاثاء 19 نوفمبر 2024
العدد 19625

العدد 19625

الإثنين 18 نوفمبر 2024