استمرّ مسلسل الهجرة السرية في السنة المودّعة يحصد مزيدا من الضحايا، حيث أورد تقرير أممي، إن أكثر من 1600 مهاجر غير نظامي ممن حاولوا الوصول إلى أوربا عبر المتوسّط لقوا مصرعهم، أو باتوا في عداد المفقودين منذ جانفي 2018.
وبالرغم من أنّ أعداد المهاجرين تقلّصت مقارنة بالسنوات الماضية، فإنّ حالات الغرق على العكس تماما ازدادت حدّة، وبات واحدا من بين كل 18 مهاجرا، يلقى مصرعه قبل أن يصل الضّفة الأخرى، بينما كان المعدل واحدا من بين كل 42 مهاجرا، خلال 2017.
ولا عجب من هذه الأرقام التي تطرح معضلة إنسانية خطيرة وتعكس بوضوح ذلك الوضع المعقد التي تعيشه المجموعة الدولية، سواء تعلّق الأمر بالحروب والأزمات التي ترغم كثيرين على البحث عن مكان آمن،أو بالصعوبات الاقتصادية والأوضاع الاجتماعية البائسة التي تدفع بجموع الشباب لركوب مخاطر البحر وامتطاء زوارق الموت المتهالكة أملا في تحسين وضعهم.
والحقيقة أن الارقام المعلنة لا تعكس بشكل دقيق أعداد الضحايا،لان كثيرين يلقون حتفهم في الصحارى أو يسقطون فريسة مهربي البشر.
ورغم أن الهجرة السرية تحوّلت الى قضية الساعة، لأجلها تعقد الاجتماعات وتوقّع الاتفاقيات، فإنّ حلّها لا يبدو ممكنا بالنظر إلى تضارب المواقف، واصرار كل دولة على تحميل المسؤولية لغيرها، فأوروبا مثلا تريد أن تتخلّص من عبء المهاجرين بإلقائه على عاتق دول شمال افريقيا أو دول ثالثة مقابل مساعدات مالية، وهذا حلّ غير منطقي بالمرة، ولا ينهي الظاهرة مطلقا.
سنة أخرى بائسة ارتسمت فيها صور زوارق الموت وجثث الشباب والأطفال الغرقى، كما ارتسمت فيها صور حشود المهاجرين وهم يزحفون من بلدان أمريكا اللاتينية في اتجاه الولايات المتحدة الامريكية التي لم يكتف رئيسها بصد الأبواب في وجوههم بل نشر جيشه على طول الحدود، وقرّر بناء جدار لمنعهم من الدخول.
الوضع كما نرى مأساوي لكنّنا للأسف لا نرى نهاية قريبة لظاهرة الهجرة السرية.