إنتهاكات ضد الصحراويين والمهاجرين ونشطاء الرّيف

سجلّ أســــــود لحقـــوق الإنسان فـــــــي المغرب

فضيلة دفوس

ما فتئت المنظّمات والمتضامنون يُلفتون أنظار العالم إلى الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي يرتكبها المغرب في الصّحراء الغربية ضدّ شعب هذا الإقليم الذي يتعرّض للاحتلال منذ أزيد من أربعة عقود، وتنهب ثرواته في وضح النهار.

لقد بات القمع والاعتقال وهدر الانسانية بكل ما تحمله من معنى، سياسة ثابتة ينهجها الاحتلال المغربي ضدّ الصّحراويين، وبرغم نداءات الاستنكار التي تطلقها المنظمات المدافعة عن حقوق الانسان، وصرخات الاستغاثة التي تدوّي سماء الإقليم المحتل، فإن ردّ الفعل الدّولي، هو في الغالب مجرّد لا مبالاة مطلقة، إذ لا أحد يحرّك ساكنا لانقاذ الشعب الصّحراوي من براثن آلة قمع وتعذيب تعمل دون توقّف.
ويبدو بأن سياسة الصّمت واللاّعقاب التي يقابل بها العالم انتهاكات المغرب ضد الصّحراويين هي ما يفتح شهيّته، ويطلق يده لهدر حقوق الانسان ضدّ المهاجرين القادمين من أفريقيا جنوب الصّحراء، حيث يتعرّضون لحملات رهيبة من العنف ومن المعاملة اللإنسانية أثناء ترحيلهم من مدن الشمال إلى مناطق الجنوب النائية حيث لا حياة ولا أمل.
وقد سجّلت مختلف المنظّمات المدافعة عن حقوق الانسان، تقارير سوداء عن سوء المعاملة والقمع الفظيع الذي تعرّض له ٧ آلاف مهاجر بين جويلة وسبتمبر الماضيين على أيدي القوّات المغربية، التي تلعب دور الدّركي الذي يعمل على منع بلوغ المهاجرين الضفّة الشمالية نظير مكاسب مادية وسياسية يحصل عليها المغرب من الاتحاد الأوروبي، لعلّ أهمها تغاضي هذا الأخير عن احتلاله للصّحراء الغربية وصرف نظره عن نهبه المتواصل لثرواتها.

الرّصاص ضد المهاجرين السرّيين

والمفارقة العجيبة، أن خروقات المغرب لحقوق الانسان لا تقتصر على الصّحراويين والمهاجرين، بل تمتدّ إلى مواطنيه سواء الذين يحاولون ركوب المتوسّط فرارا من أوضاعهم المعيشية الصّعبة، أو الذين يخرجون إلى الشّوارع للتّعبير عن سخطهم من حالة الإقصاء والبطالة والفقر التي يعانونها.
وقد سجّل الجميع قبل أيام بكثير من الدّهشة، كيف أن البحرية المغربية أطلقت الرّصاص بدم بادر على زورق يركبه مهاجرون سرّيون، فأصابت من أصابت، وقتلت الشابة حياة بلقاسم البالغة من العمر ٢٠ سنة، لا لذنب إلا لأنها كانت تنشد بلوغ إسبانيا قصد العمل والاستجابة لمطالب عائلتها.
وهذه العملية لم تكن مجرّد حادث عابر، بل تكرّرت مرّة أخرى، حيث تعرّض مهاجر مغربي لجروح بعد إصابته برصاص خفر السواحل.
في الواقع بإمكان الصّحراويين أن يواسوا أنفسهم، لأن المغرب لم يحصر إنتهاكاته ضدّهم فقط، وإنّما هو يمارسها بنفس الحدّة ضدّ شعبه تحت مبرّرات واهية وتهم يختلقها ويطلقها جزافا على كل من يطالب بحقّه في العيش الكريم، ولنا فيما حصل لنشطاء الرّيف الذين يقبعون وراء أسوار السّجون تلاحقهم تهم ثقيلة، خير مثال.
لقد أصدرت محاكم المغرب على نشطاء «حراك الرّيف» أحكاما بالسّجن وصل بعضها الى ٢٠ سنة، وهو حكم يعكس بوضوح رهان النظام المغربي على المقاربة الأمنية في معالجة المشاكل الاجتماعية الصّعبة التي تتخبّط فيها العديد من مناطق المملكة، وهذا الخيار البوليسي، هو ما يجبر الشباب على ركوب مخاطر البحر، فهم يفرّون من الفقر والبطالة، ومن القمع والاضطهاد.
المعالجة الأمنية لملف الرّيف، هي بكل تأكيد أكبر نقطة سوداء في سجّل حقوق الانسان المغربي، تضاف إليها المعاملة القاسية ضدّ المهاجرين الأفارقة، وقبل ذلك الانتهاكات المريعة التي تطال الصّحراويين، وهذه السياسة الممنهجة في هدر حقوق الإنسان، سوف لن تمرّ بردا وسلاما على المغرب، بل على العكس تماما، فهي ستجعل الغضب الشعبي يكبر ككرة الثلج، ليتحوّل السّخط والاستياء إلى قنبلة موقوتة ستنفجر يوما.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19628

العدد 19628

الأربعاء 20 نوفمبر 2024
العدد 19627

العدد 19627

الثلاثاء 19 نوفمبر 2024
العدد 19626

العدد 19626

الثلاثاء 19 نوفمبر 2024
العدد 19625

العدد 19625

الإثنين 18 نوفمبر 2024