الدورة 73 للجمعية العامة للأمم المتحدة

أي حلول لتعقيدات العالم!

حمزة محصول

 

اختتمت أشغال الدورة 73 للجمعية العامة للأمم المتحدة، قبل يومين، وانتهت كما بدأت. حيث سعت كل دولة لتعزيز مواقفها ورؤيتها للأزمات، باستثناء بعض الأفكار المطروحة في الاجتماعات الجانبية والتي قد تفيد مبعوثي الأمين العام الأممي إلى مناطق النزاعات في تطعيم خططهم للسلام.


انعقدت دورة الجمعية العامة خلال الفترة الممتدة بين 25 سبتمبر والفاتح أكتوبر، في وقت تراكمت فيه الخلافات بين القوى الدولية الكبرى بعد قرارات “خطيرة” اتخذت بشكل أحادي، جعلت الأمم المتحدة ومبادئها وقوانينها في وضع “محرج”.
ولعلّ تخطي بعض الدول وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية، لحواجز لطالما شكّلت صمام النظام العالمي، كالانحياز للاحتلال الإسرائيلي بشكل كامل على حساب الدولة الفلسطينية وحقوقها التاريخية، وتوجيه ضربات عسكرية لدولة ذات سيادة (سوريا) دون العودة لمجلس الأمن الدولي، ونشوب حرب تجارية طاحنة تهدّد النمو العالمي بركود غير مسبوق، دفعت بالأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيرس إلى قرع ناقوس الخطر.
وحذّر غوتيريس في كلمته الافتتاحية قائلا “اليوم ومع تغير ميزان القوى فإن خطر المواجهة قد يتزايد”، مضيفا “أن أجندة حقوق الإنسان تتراجع والسلطوية تتزايد”.
وتابع “الثقة في النظام العالمي الذي يستند إلى القوانين وبين الدول عند حافة الانهيار، وأن التعاون الدولي أصبح أكثر صعوبة ويزداد النظام العالمي اليوم فوضى، وأصبحت علاقات القوة أقل وضوحا وتتعرض القيم العالمية للاندثار، والمبادئ الديمقراطية محاصرة”.

تشبث بالمواقف

وبدا واضحا أن جل البلدان الكبرى، اغتنمت منابر الجمعية العامة الأممية، لشرح مواقفها “التصادمية” وبذل جهد أكبر لتسويقها بشكل أفضل.
وقد ركز الرئيس الأمريكي دونالد ترامب هذه المرة في خطابه على “تكثيف العقوبات والضغط إلى أقصى درجة على إيران”، كما حاول ممارسة “السلطة الاستعلائية على دول منظمة الأوبك”، التي أنهت اجتماعها بالجزائر بالاتفاق على عدم رفع الإنتاج وهو ما أدى إلى تجاوز البرميل الواحد عتبة الـ80 دولار لأول مرة منذ 4 سنوات، الأمر الذي سيسبب متاعب لترامب ويجعل معركته في انتخابات الكونغرس المنتظرة نهاية أكتوبر الجاري على المحك جراء ارتفاع سعر البنزين.
وبرّرت المتحدثة باسم كتابة الدولة الأمريكية للشؤون الخارجية، إيريكا شليسانو، في ردها على سؤال لـ«الشعب” خلال ندوة صحفية بمقر السفارة الأمريكية بالجزائر قبل أيام “استراتيجية الصدام الدبلوماسي الشديد” التي يقودها ترامب، “وسيلة لتحقيق غاية السلام في الشرق الأوسط، مستدلة “بنجاح هذا النهج مع كوريا الشمالية ولو مبدئيا”.
واعتبرت الحرب التجارية التي شملت حلفاء واشنطن “ضرورية لحماية المصالح الأمريكية”.
لكن رؤية الإدارة الأمريكية بقيادة ترامب للعلاقات الدولية، جعلتها المعنية الأولى بخطاب غوتيرس الذي أقر “بفوضى ومخاطر محدقة بالنظام العالمي”، وجعله يؤكد على “عدم وجود سبيل مستقبلي سوى العمل الجماعي المنطقي من أجل المصلحة الجماعية”. في إشارة إلى النزعة الأحادية التي تنتهجها أمريكا.
من جانبها، رفضت إيران تقديم أدنى تنازلات، وأكد الرئيس حسن روحاني من على  منبر الجمعية العامة أن “سياسة التهديد لن تجدي نفعا”، ورأت روسيا التي قاد وفدها وزير الخارجية سيرغي لافروف أن “ممارسة طهران لنفوذها في الخارج حق من حقوقها”.
وخلافا للمواقف المتصلبة، حاول الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إظهار نوع من الليونة عندما دعا إلى حوار شامل بين الغرب وروسيا لتدليل القضايا الخلافية.

حل الدولتين ..؟

لافروف الذي دافع عن إيران وسوريا، حذّر من تفرّد واشنطن بالحل في فلسطين، هذه الأخيرة تعتبر أكثر القضايا الشائكة التي تطرح دوريا على الجمعية العامة الأممية دون أدنى مؤشرات إيجابية على الحل العادل.
ومن الواضح أن الرئيس الأمريكي يعد استراتيجية ضخمة لطرح خطة “لحل الدولتين”، كما يزعم، ولكن لا تشمل القدس التي ستكون حصرا للاحتلال الإسرائيلي، بعدما جاءه الرد من الرئيس الفلسطيني محمود عباس الذي أكد أن “القدس ليست للبيع”، وأن الدولة الفلسطينية  “لن تقبل بأمريكا وسيطا وحيدا لعملية السلام نظرا لانحيازها”، داعيا إلى آلية دولية تضمن حقوق فلسطين.
ودعا ماكرون نظيره الأمريكي إلى عدم انتهاج “سياسة الأمر الواقع” على الفلسطينيين، مؤكدا على ضرورة الحل العادل للدولتين وفق حدود 1967.

الهمّ المشترك

في المقابل، تقاطعت جل مداخلات رؤساء دول وحكومات البلدان العربية والإفريقية، على “الهم المشترك” المتمثل في مكافحة الإرهاب وكل عوامل الخراب التي تقوّض أمن ودول عديدة.
حيث دعا العاهل الأردني الملك عبد الله ثاني إلى تكاثف جهود الجميع لمحاربة الإرهاب ومن أسماهم “بالخوارج والمسيئين للدين الإسلامي”،  فيما قال الرئيس اليمني عبد ربه هادي منصور أن جماعة الحوثي تعمل لصالح جهة خارجية دمرت اليمن وزعزعت استقرار المنطقة.
فيما أعلن وزير الخارجية السوري وليد المعلم قرب نهاية الحرب على الإرهاب في بلاده بعد 7 سنوات من أزمة طاحنة راح ضحيتها الملايين.
كما طالبت جل الدول العربية والإفريقية، بضرورة إصلاح منظمة الأمم المتحدة وبالأخص مجلس الأمن الدولي، وفتح المجال أمام عضوية دائمة لإفريقيا بمقعدين والحصول على حقّ الفيتو.
هذه المداخلات، أكدت أن النظام العالمي الذي يدافع عنه الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيرس، ويحذر من انهياره، بمثابة المطرقة المسلطة على رؤوس دول العالم الثالث سواء في أحسن أحواله أو في أسوئها، بالنظر للنتائج الوخيمة التي تكبدتها جراء العولمة وسباق المصالح ونشر الفوضى الخلاقة وتداعيات الحرب على الإرهاب وربطه بأجندات خفية.
لذلك، تكفي معاناة الشعوب الضعيفة منذ عقود لتكون مبررا لإعادة صياغة النظام الدولي القائم على الهيمنة ويتجه حاليا نحو الانفرادية والصدام المحموم، وستكون العواقب أكبر كلما أشد الصراع بين القوى الكبرى.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024
العدد 19519

العدد 19519

الثلاثاء 16 جويلية 2024
العدد 19518

العدد 19518

الإثنين 15 جويلية 2024