العديد من المكتسبات المحققة فعليا بولاية ورقلة أعطت دفعا نوعيا للساحة الثقافية المحلية رغم تسجيل الكثير من النقائص والمطالب المتكرّرة للمختصين والمهتمين، وكذا المواطن المحلي الذي لازال يأمل في توافر كل الإمكانيات لترقية واقع المشهد الثقافي بالولاية، هذا ما يتفق عليه أغلب المهتمين والمتابعين لواقع الساحة الثقافية المحلية.
ولاية ورقلة اليوم والتي تحتوي على زخم ثقافي كبير ومتنوع في مجالات عدة كالفن التشكيلي، المسرح والسينما وكذا الشعر والرواية والأدب والفنون المختلفة تبقى في حاجة إلى فضاءات أوسع وهياكل ثقافية لاحتضان وتأطير كل الإبداعات والفنون، إذ يجمع المسرحيون من جهة، على أهمية توفر ولاية بحجم عاصمة الجنوب ورقلة على مسرح جهوي وكذا قاعات عروض سينمائية كما يطالب الكثير من المهتمين بالموسيقى بمعهد للموسيقى، إلى جانب مطالب عدة يتبناها المهنيون والمهتمون والمثقفون على حدّ سواء.
أما في مجال الرفع من مستويات المقروئية والتي تعدّ استراتيجية هامة تبناها القطاع محليا فقد كان دخول المكتبة الرئيسية للمطالعة العمومية التيجاني محمد حيز الخدمة بعاصمة الولاية حسب العديد من المثقفين والأساتذة الجامعيين والطلبة بمثابة الجرعة التي أعادت الحياة من جديد بفعل احتضان هذا الصرح للعديد من النشاطات الثقافية المختلفة التي أعطت وجهة مختلقة لواقع المشهد الثقافي بورقلة، في انتظار دخول بقية فروعها المتواجدة عبر مناطق مختلفة بالولاية حيز الخدمة.
وقد اعتبر مدير الثقافة لولاية ورقلة مختار قرميدة أن سنة 2017، شهدت العديد من النشاطات الثقافية ومواصلة إنجاز المشاريع على مستوى قطاع الثقافة مؤكدا على الدور الهام الذي تلعبه مختلف الهياكل الثقافية في الولاية وكذا الجمعيات ذات الطابع الثقافي والمتواجدة في مختلف مناطق الولاية والتي تعدّ ـ حسبه ـ شريكا فاعلا واستراتيجيا لدعم النشاط الثقافي الجواري، بالإضافة إلى جامعة ورقلة التي تعدّ شريكا أساسيا في تأطير كل النشاطات الثقافية وبلورة العمل الثقافي الأكاديمي على مستوى الولاية، حيث يجمعها بالقطاع اتفاقيات تعاون عديدة. وفي هذا السياق أشار المتحدث إلى أن مديرية الثقافة تضع كل الفضاءات المنجزة والموجودة على مستوى الولاية تحت تصرف الجامعة وفي المقابل الجامعة تؤطر كل النشاطات الثقافية خاصة الموجهة منها لمجال الأدب، الرواية، منوها إلى أن الجائزة الولائية الأولى للأدب التي أُنشئت هذه السنة كانت ثمرة تعاون ناجح بين الجامعة وقطاع الثقافة وقد أطرها أساتذة وباحثون جامعييون.
من بين أبرز المحطات الثقافية الهامة محليا كانت زيارة وفد وزاري مكون من خبراء لمدينة سدراته الأثرية، هذه الزيارة التي كانت حسب مدير الثقافة بطلب من والي الولاية عبد القادر جلاوي لإيفاد خبراء من وزارة الثقافة حتى يتم معاينة الموقع الأثري لمدينة سدراته المغمورة تحت الرمال واتخاذ إجراءات في عين المكان وتقديم خبرتهم في كيفية حماية هذا الموقع والمحافظة عليه، وذلك نظرا لكون هذه المدينة الأثرية تعرف بعض التوسعات في المحيطات الفلاحية المجاورة، كما أن هناك تطلعات لإنجاز بعض المشاريع المتعلقة بالسكن ومشاريع لتمرير إمدادات الكهرباء من الضغط المتوسط وكذا شبكة السكة الحديدية بمجاورة الموقع الأثري لسدراته. وتبعا لذلك قد تمّ إيفاد مدير الحماية القانونية وتثمين الممتلكات الثقافية رفقة مدير المركز الوطني للأبحاث في علم الآثار كخطوة أولى، وفي المرحلة الثانية من العملية تم إيفاد العديد الباحثين في علم الآثار الذين عاينوا موقع مدينة سدراته الأثرية وأخذوا كل المعطيات المتاحة والممكنة حتى يتم إعادة رسم حدودها وتقديم دراسة فيما يخص حماية هذا الموقع في انتظار نتائج الأبحاث للتكفل بحماية هذه المدينة الأثرية التي معالمها كلها موجودة تحت الأرض.
أما فيما يخص انجاز مشاريع القطاع، فقد عرفت هذه السنة استلام كل الهياكل الثقافية المتمثلة في إنجاز 11 مكتبة مطالعة عمومية موزعة عبر دوائر وبلديات الولاية، ما عدا مكتبة واحدة التي تتواصل فيها عملية الإنجاز والتي بلغت حوالي 99 في المائة والمتواجدة على مستوى بلدية تقرت، هذه المكتبات حسب مدير القطاع استلمت لكنها لم توضع حيز الخدمة فعليا بسبب نقص الاعتماد المالي للشروع في عملية تجهيزها.
وقد أوضح نفس المتحدث، أن هذا المشروع كان يطمح من خلاله توسيع شبكة من المكتبات الريفية والحضرية كفروع للمكتبة الرئيسية للمطالعة العمومية المتواجدة بعاصمة الولاية ورقلة وتهدف هذه الفكرة إلى توسيع حركة انتشار الكتاب وتسهيل المطالعة.
عدا هذه المشاريع التي سجلت في إطار الخماسي الثاني، لم يسجل القطاع في إطار الخماسي الثالث أي مشاريع وتمّ تأجيلها وذلك بالرغم من الاقتراحات الكثيرة التي شملت طلبات لإنجاز العديد من المنشآت الثقافية من بينها قاعة سينما، مسرح جهوي، معهد موسيقى، قاعة معارض ومحاضرات كذلك فروع لدار الثقافة على مستوى المقاطعة الإدارية تقرت ودائرة حاسي مسعود كل هذا لتدارك النقص المسجل في الهياكل الثقافية المتشعبة، وفي هذا الصدد، أوضح قرميدة أن كل هذه المطالب والمقترحات كانت بناءة لدعم الساحة الثقافية وتفعيل المكتسبات المحققة وقد أخذت جميعها بعين الاعتبار، إلا أنها أجلت في الوقت الحالي.