عاشقة الشجرة والموسيقى والكتاب «الفنانة صليحة إمكراز»

تيبازة: علاء ملزي

 القراءة علمتني حب الفن وديمومة الجمال تحثك على الإبداع
 أعمالها لاقت استحسان وإعجاب أكبر نقاد العالم

 هي إمرأة ليست كباقي النساء وفنانة ليست كباقي الفنانات لا لشيء إلا لأنّها ظلّت طول حياتها ولا تزال تعشق القراءة والمطالعة حتى النخاع إلى درجة أنّها لا تطيق تناول قهوة الصباح بلا كتاب تستنبط منه أفكار وآراء الآخرين، هي تجمع بين كتابة الشعر والقصة وتعليم أبجديات الموسيقى وروائع الفن التشكيلي ومن هذا المنطلق فقد أشارت الفنانة إلى أنّها تعشق الموسيقى العالمية أسوة بأبيها وأنّ الشجرة إختارتها بالصدفة لتكتب عنها وتنقل جمالها وعطرها لجنس البشر.

صليحة إمكراز هي الفنانة التشكيلية الوحيدة التي أعطت أروقة نادي عيسى مسعودي بالإذاعة الوطنية ديكورا متميّزا على هامش حفل افتتاحه الرسمي بمناسبة الذكرى الواحدة والأربعين لاسترجاع الإذاعة والتلفزيون سنة 2003، ولا تزال لوحاتها الفنية تصنع الحدث ويكثر عليها الطلب عند كلّ معرض تشارك فيه، وهي الفنانة التي أنتجت أكثر من 700 لوحة فنية بيعت معظمها لعاشقي فنها الجذاب الذي يتّخذ من الشجرة ينبوعا لديمومته وانتشاره.
أكّدت صليحة أنّها ليست من اختارت الشجرة موضوعا لأعمالها الفنية وإنّما قد تكون الشجرة هي التي إختارت الفنانة لتكون سفيرة لها لدى جنس البشر لاسيما أولئك الذين لا يدركون بقصد أو غير قصد مساهمة الشجرة في الحفاظ على التوازن البيئي بالمعمورة، بحيث ظلّت معظم أعمال الفنانة وهي لا تزال كذلك تستنبط جمالها ورونقها من جمال الشجرة التي تمنع إنزلاق التربة بجذورها وتوفّر الظلال بأوراقها وتروي الكائنات الحيّة بثمارها إلا أنّ البشر لا يعشقون بها غير خشبها الذي يستغلّ لأغراض شتّى، مما يفتح الباب أمام مصراعيه لظواهر التصحر والجفاف وانزلاق التربة على أقلّ تقدير، ومن هذا المنطلق بدأ الرباط الذي ضمّ الفنانة إلى الشجرة ينمو شيئا فشيئا إلى أن أصبحت هذه العلاقة أزلية أبدية وأضحت مع مرور الزمن ثقافة مكتسبة لدى الفنانة لا يمكن محوها أو تناسيها.
خريجة المدرسة الوطنية للفنون الجميلة بالعاصمة في فترة السبعينات لتشرع منذ بداية الثمانينات في المشاركة في عدّة معارض متخصصة داخل الوطن وخارجه ولاسيما بالجارة تونس أين قضت قرابة عقد من الزمن فترة التسعينيات لأسباب لها علاقة بعمل زوجها، وبالنظر إلى متطلبات الرسالة الفنية التي ظلّت الفنانة تجدّ وتكدّ من أجل إرسالها لعمق المجتمع فقد احترفت استغلال تقنية الحبر الصيني المرفق بالريشة وهي أدوات لم تتمكن الفنانة من الاستغناء عنها طوال مشوارها، بحيث لاقت أعمالها استحسان وإعجاب أكبر نقاد العالم على هامش الملتقى الدولي لدائرة اللغة الفرنسية بجامعة تونس في أفريل 2002، إضافة إلى عدّة مشاركات أخرى اكتسبت طابعا دوليا باعتبارها نظمت بالتنسيق مع سفارات أجنبية تابعة لعدّة دول.
لا تهتمّ بالفن التشكيلي لوحده بالرغم من كون لوحاتها يكثر عليها الطلب إلى يومنا هذا، بحيث أقدمت على كتابة ديوان الشعر «تالا» الذي نشر بفرنسا باللغة الفرنسية سنة 1996 وهو الديوان الذي يتحدّث عن منطقة تيبازة عموما وشنوة على وجه التحديد باعتبارها تزخر بتضاريس خلابة ومناظر رائعة كما شاركت الفنانة بمعية 3 كاتبات أخريات في إصدار ديوان الشجرة الزرقاء سنة 2009، إضافة إلى قصة موجهة للأطفال بعنوان «شمس» سنة 2010 لتتفرّغ عقب هذه الفترة لإنتاج عدّة قصائد متنوعة تعنى بمواضيع شتى على غرار رثاء فقيدة منطقة شرشال السنة ما قبل الماضية «أسيا جبار» وهي تحضّر لجمعها في ديوان شعر جامع قريبا، كما عكفت الفنانة على تدريس الموسيقى العالمية بإحدى متوسطات العاصمة لفترة طويلة قبل أن تلجأ إلى ممارسة ذات المهنة ببتها العائلي لفائدة محبين لهذا النمط الفني باعتبارها خريجة المعهد الوطني للموسيقى خلال فترة السبعينات.
وفي رسالتها لنساء الجيل الجديد فقد أكّدت الفنانة صليحة إمكراز على أنّ قاعدة التعلّم تعتمد بالدرجة الأولى على القراءة والمطالعة مشيرة الى أنّ الادمان على ذلك يفتح الباب واسعا أمام عدّة فرص للتألق والتميّز مع الإشارة إلى أنّ الفنانة الجدّة حاليا لا تزال تتردّد على المكتبات لمؤازرة الكتب والحديث معها فهل يصغى الجيل الجديد بتمعّن وجدية لهمسات محترفي الريشة والكلمة؟ 

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024
العدد 19519

العدد 19519

الثلاثاء 16 جويلية 2024
العدد 19518

العدد 19518

الإثنين 15 جويلية 2024