تحدث عن الصيانة الدورية التي تغنينا عن الترميم

أسامة إفراح

الإنسان هو قلب القصبة النابض
 مصنفة عالميا لشقّين متلازمين تراثهاالمادي واللا مادي
 إفراغ القصبة من سكانها  هو إفراغ للتراث الإنساني
 ليست منطقة عبور وعلى الأشخاص الاعتناء بها كمعلم ضروري

اغتنمنا هذه السانحة لنسأل السيد زكاغ عن دور الإنسان المحوري في الحفاظ على القصبة ودور التواصل بين الأجيال في تناقل وتوارث التراث اللامادي من جهة، وطرق العيش الكفيلة باحترام خصوصيات القصبة من جهة أخرى. وفي إجابته، اعتبر زكاغ بأن لهذا النوع من المحميات التراثية الثقافية عدوان رئيسيان، أولهما العامل البشري، وثانيهما عامل الوقت.


دعا إلى توظيف الإعلام والمجتمع المدني وكل الأساليب لتثقيف الإنسان وإشراكه في الحفاظ على التراثين المادي واللامادي للقصبة. وفيما يتوجب علينا أن نمنع ساكن القصبة من بعض الممارسات السلبية والضارة، فإنه علينا في نفس الوقت أن نوفر البديل ونقدم له الحلول، فالساكن يحل مشاكل آنية وعاجلة، ويجب على الدولة أن تكون بجانبه وترافقه وتسدّ احتياجاته.
وقسّم زكاغ سكان القصبة حسب الإحصائيات إلى ثلاثة أقسام: ثلث السكان من الملاك، وهؤلاء حافظوا في معظمهم على المنازل، والثلث الثاني هم من المستأجرين، أم القسم الثالث فهم الذين استولوا على المنازل بطرق غير شرعية، وهذا النوع الأخير هو الذي يتسبب في أضرار للقصبة، لأن الأمر يتعلق بأشخاص لا يحسون بأنهم معنيون بالحفاظ عليها، ولا يرون فيها سوى منطقة عبور وفرصة للحصول على سكن، بل إن من بين هؤلاء من يقوم بكل شيء ليتهدم المنزل، «لقد حاولنا إقناع الناس بأن من يحافظ على منزله هو الذي يحصل على سكن.. أما من لا يهمه أمر الحفاظ على القصبة فالأولى أن لا يسكن بها». ورأى زكاغ بأن على الناس أن يبقوا في القصبة، لأنهم روحها وقلبها النابض، ولكن بوجود ميكانزمات معينة، خاصة وأن قانون 98 يخصص دعما للسكان، كما أن القصبة مصنفة عالميا لأجل شقّين متلازمين هما تراثها المادي واللا مادي، وإذا أفرغنا القصبة من سكانها نكون قد أفرغناها من تراثها اللامادي.
أما بخصوص استفسارنا عن إمكانية تحقيق شرط استعمال المواد الأساسية في الترميم كتلك الأصلية المستعملة قديما، قال زكاغ إن ذلك أكثر من ممكن، وأعطى أمثلة عن ذلك، فمن بين المواد نجد الجير الذي هو بمثابة الإسمنت في عمليات البناء العادية، وهو موجود ومتوفر في مناطق عدّة، بل إن أهل غرداية وواد سوف مثلا ما زالوا يستعملونه، وهناك تقنيات في استعماله، حيث يتضمن الخليط التراب أو الرمل، وبعض الأعشاب، وكمية صغيرة من الكربون للحصول على الصلابة المطلوبة. ومن المواد الذي ذكرها زكاغ نجد الآجر التقليدي، والحجر، والخشب، وبالأخص أخشاب شجرة العرعار الذي هو خشب مقاوم ولا يتضرر بالحشرات ومطاط، وموجود في تيسلمسيت والمدية، ولكن المشكل هو أن غابات العرعار محمية، لذلك نجد من بين الحلول الممكنة الشروع في حملة وطنية لغرس أشجار العرعار الذي يلزمه 5 سنوات لاستعماله ثم نقوم بتجفيفه، وهناك طرق حديثة تستعمل في التجفيف. وقد سمح التنسيق مع جامعة تيزي وزو بالوصول إلى نتيجة أن شجرة بلوط الزان (أو بلوط الكناري وهو ينمو في الجزائر وتونس والمغرب وإسبانيا وجنوب البرتغال) له نفس خصائص العرعار، وغاباته ليست محمية.
أما بخصوص حرفيي القصبة قال زكاغ إن بعضهم ما يزال موجودا، وبإمكانهم تكوين ألشباب ولكنهم يحتاجون إلى تسهيلات على غرار التحفيزات الضريبية، دون أن ننسى الحرفيين الموجودين في مختلف ربوع الوطن، الذين لا ينتظرون سوى فرصة سانحة لإبراز مهاراتهم. ولم يستبعد زكاغ فكرة الاستعانة بحرفيي دول مجاورة من أجل التكوين كما شدّد على إعادة الاعتبار للتكوين المهني.
إعادة الاعتبار للتكوين المهني المتخصص
كما سألنا ضيف «الشعب» عن العلاقة بين الترميم والمحافظة أو الصيانة، والتكلفة والوقت والمجهود الذي يتطلبه كلّ منهما. واعتبر ضيفنا بأن ميثاق أمستردام 1975، وحتى المواثيق التي سبقته كأثينا والبندقية، لم تمنع التأقلم مع احتياجات الناس، وإدخال أشياء جديدة في النسيج  ليس ممنوعا خاصة حينما يستجيب ذلك للمصلحة العامة، ولكن بشرط أن لا يؤثر ذلك على الخصائص التراثية للمنطقة المحمية.
وتحدث زكاغ عن ضرورة إيجاد برنامج محافظة دائم، وهو المعمول به منذ الأزل، فالقصبة كان يتم تجييرها سنويا، لذلك يجب أن تلعب السلطات المحلية دورها، كأن تقوم بحملات دورية للصيانة، دون إغفال دور المجتمع المدني، وهذه ميكانزمات يجب أن نخلقها ونتعود عليها، خاصة وأن الصيانة والحماية الدورية تغنينا عن اللجوء إلى الترميم فيما بعد، وإذا كانت عملية الترميم مكلفة من حيث المال والوقت والجهد، فإن عملية المحافظة والصيانة اليومية أقلّ تكلفة وأسهل تحقيقا وتغنينا عن أعباء الترميم، و»السيارة التي تصرف عليها في البداية من أجل تصليحها، لكنها لن تكون مكلفة إذا ما اعتنينا بها بشكل يومي»، يقول زكاغ.


رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024
العدد 19519

العدد 19519

الثلاثاء 16 جويلية 2024
العدد 19518

العدد 19518

الإثنين 15 جويلية 2024