حققت نسبة مقروئية عالية مالم تستطع الوصول إليه القصيدة العمودية اليوم
الكتابات الحديثة شكلت الأدب الافتراضي باستحقاق
أوضحت الأستاذة شامة درويش من جامعة أم البواقي بأنه لايمكن لأحد أن ينكر دور الصفحات الافتراضية التي فتحت أفق الكتابة والنشر، والتعبير بمختلف أشكاله. فهذه الوسائل التواصلية الاجتماعية مكّنت كلّ واحد منّا من خوض معترك الكتابة وتدوير معاني الحروف؛ سواء أكان حرفا للإبداع أم حرفا للتعبير المطلق عمّا يختلجنا من أفكار وانفعالات آنية خاصّة.
فلِسان حال هذه القنوات الإلكترونية يقول إنّه لا مجال للنصوص الطويلة، والأمجاد والبطولات والقصائد الحماسية، واعتلاء المنابر، وشحذ الهمم، بل هو تفاعل آني تحكمه الفكرة والصورة، والكلمة الومضة، تعبيرا عن تلك اللحظة الملحّة في الخروج ذلك الوقت وليس في وقت لاحق. وهكذا تكون تلك النصوص القصيرة قد تولّدت وتناسلت من صفحات شبكات الاتصال الاجتماعية ، والتي جرّدها مرتادوها من روح الواقع ربّما، وبقي العمود واقفا دون روح، بل إنّ بعض القصائد العموديّة هي تعبير فجّ، وخواء فاضح، من دون صورة تحاكي المشاهد الحيوية المقيتة. هذا التشظّي بين واقع موجع وحرف حالم مترفّع هو بالضبط ما خلق الهوّة بين الومضة والنص العمودي.
في السياق ذاته تضيف بل تكاد تجزم أنّ الشعراء أنفسهم لم يحيّنوا أفكارهم تماشيا مع ما هو كائن. ثمّ إنّ فكرة الصراع بين القديم والجديد التي تصرّ الأزمنة تكراره كلّما ظهر فنّ جديد أو غرض شعري ما، أو حتّى فكرة جديدة، تعدّ واحدة من كُبْريات العراقيل الواقفة أمام اندماج الشقّين.
لتصل في الاخير الى انهم أي الشعراء لا يمكننهم تجاوز فكرة الهايكو، ولا الومضة، ولا النصوص المباشرة على الأنترنت، لأنّها باختصار،. وهنا يمكننا الوقوف أمام نقطة مهمّة جداّ؛ غربلة ما ينتج؛ سواء أكان افتراضيا أم ورقيا في شكل كتب مطبوعة، أو كتب إلكترونية. والغربلة لا تتمّ هكذا دون إعمال الفكر والذوق، وإخضاع النصوص للمناهج الحداثية في استنطاق مكنونات الخطاب فيها، بل هي تمحيص وتدقيق شكّلت ما يصطلح عليه بالأدب الافتراضي لما يصدر، وفتح لأفق التأويل، وهنا ينبغي علينا أن نفعّل دور الناقد القارئ، بشرط أن يكون له صورة كاملة عن ذلك النوع الذي هو بصدد دراسته.
خاتمة حديثها ل «الشعب « بأن الشعر العموديّ لم يكن يوما ضلعا أعوج، ولم تعوّضه هذه النصوص المفتوحة والومضات الآنية، لكنّ روح العصر لها ريحها، وعبقها، وتشكيلها المتميّز، والحرف مهما احتوته قوالب سيبقى دوما عصيّا عن الإحاطة به. أليس قدر الشعر أن يدهش؟.