اعتبر الروائي أمين الزاوي حضوره ضيفا على الشعب الثقافي، بأنه في بيته الثاني ولا يمكنه إضافة شيء أخر طالما هي عميدة الصحافة باللغة العربية في الجزائر وهي محج المبدعين والأدباء والكتاب وفضاء الإعلاميين في الجزائر ومدرستهم الأولى، معربا عن سعادته بالاستضافة التي حظي بها في وسط الطاقم الصحفي للجريدة من كتاب ومترجمين وأدباء ومهتمين بالشأن الثقافي أيضا، للحديث عن شؤون الأدب والترجمة وشؤون الثقافة في الجزائر بشكل عام معتبرا أن ما يشغله الآن في هذه الفضاءات المتعددة.
أنا كاتب المرأة بامتياز وأحمل مشروعا روائيا لا رواية مفتتة
الليبرالية قوة متوحشة تستغل الحرية لتكريس عبودية جديدة
«الشعب»بيتي الثاني ومحج الأدباء والمثقفين ومنبر الإعلاميين في الجزائر
تحدث ضيف «الشعب الثقافي» عن فلسفته في الكتابة بعد تجربة تجاوزت خمسة وعشرين سنة من الكتابة حصد فيها اثنتا عشرة رواية باللغة العربية ومثيلاتها باللغة الفرنسية، إضافة إلى بعض الكتب النقدية باللغتين، معتقدا في الشأن ذاته أنها محطة لتأكيد فلسفته وتقديم رؤيته للكتابة، حول ماذا تعني الكتابة بالنسبة اليه، ومن منطلق أنها ارتباط ومصير ووجود بمعنى أنه لا يرى نفسه خارج هذا المعطى.
ومن جهة أخرى يقول أنه منذ أن بدأ الكتابة ونشر أول رواية باللغة العربية وهي «صهيل الجسد « سنة 1985، إلى أخر رواية وهي «الساق فوق الساق» سنة 2016، مرورا بروايته بالفرنسية «ميموزا» إلى أخر رواية «عسل القيلولة»، يقول بأنه في هذا المسار يكتب ضمن مشروع روائي، ليؤكد في الصدد ذاته بأنه لا يكتب رواية مفتتة، بل يكتب لمشروع روائي، فكل رواياته تدور حول الدفاع عن مشروع ورؤية فلسفية واجتماعية وسياسية في المجتمع الذي نعبره الآن، خاصة ذلك المرتبط بالجزائر الذي فيه يدافع بالأساس عن المرأة معتبرا نفسه كاتب المرأة بامتياز إن صح التعبير.
المجتمع الذي لا يحترم المرأة
لا يمكنه التمتع بالمواطنة
مبررا ذلك بأن المجتمعات التي لا تعتبر المرأة كوجود حقيقي سياسي اقتصادي واجتماعي وثقافي، هي مجتمعات ليست متطورة أو حداثية، أما عن كيفية تحقيق ذلك يبرز ضيف الشعب الثقافي أن هذا الوجود الحقيقي لها هو أن تكون مواطنة، ولا يمكن أن يكون هذا إلا إذا كانت المرأة محترمة، لأنها الضمان الأساسي لتواجدها كقوة مبدعة بكل ما تحمله الكلمة من معاني، فالمجتمع الذي لا يحترم المرأة لا يمكنه أن يتمتع بالمواطنة، وبالتواجد الحقيقي وهذا الدفاع عن المرأة ليس قادما فقط من رؤية نظرية، إنما من إيمانه بأسرته وكيف يدافع الفرد عن والدته وأخته وزوجته ..الخ، داخل قيم المواطنة هناك انفصام في المجتمعات العربية والمغاربية ما بين ما ندعو إليه وما نعيشه. وشخّص الكاتب من خلال القيم التي يدافع عنها فهي جزء من ممارسته اليومية، لا يمكن فصل الكتابة في باب الدفاع عن المرأة لأنها السلوك اليومي للكاتب.
أما النقطة الثانية في هذا المشروع الروائي الذي خاضه الروائي أمين الزاوي، هي الدين والتدين، والفرق شاسع بينهما، وعن الهاجس الذي يتبعه يقول بأنه يعود إلى كونه كبر وترعرع في أسرة متدينة والده كان إماما، ومن داخل هذا الوسط الذي يحمل كل قيم المجتمع الجزائري منها احترام الأخر والعيش معه وحينما يصل إلى مرحلة معينة من العمر والانسجام.
الدين مع التطور والتواصل مع الأخر
انتقد الزاوي حالة الدين اليوم حيث أصبح تجارة دينية وتارة ورقة سياسية، وتارة بندقية للحرب، أو لقتل الأخر، لذلك يشعر الزاوي بجزء كبير من أزمتنا الثقافية والحضارية والسياسية ـ والإنسانية وأزمتنا مع الأخر هي ناتجة، عن رؤيتنا للدين الإسلامي بشكل عام وكيف نعيشه، وكيف نتدين هذا الدين وهو المشكل الكبير في المجتمعات العربية، لذلك يقول الزاوي أن طرحه لهذا الإشكال نابع من هذا الانتماء، وهو سؤال ظل دوما يؤرقه،
ويؤرق الجميع وما نشاهده منذ جمال عبد الناصر إلى اليوم هو هذا الاقتتال الدائم والمتواصل باسم الدين، معتقدا أنه موضوع لن ينتهي بانتهاء الحرب بل يتواصل إذا لم نتدارك هذا الموضوع باجتهاد جديد وفتح باب الاجتهاد الذي بات مغلقا منذ القرن الخامس هجري ما يعادل القرن الحادي عشر والثالث عشر ميلادي، بمعنى كيف نجعل هذا الدين في تواصل مع التطور والتواصل مع الأخر، وهذا شغل يشغل الروائي أمين الزاوي في كل إصداراته وجميعها تطرح هذا السؤال سواء من باب التصوف، أو التسيس، وهل جمعنة الدين تجيب عن ذلك، كل هذه الأمور مطروحة في رواياته المكتوبة بالعربية أو بالفرنسية.
ما نعيشه اليوم عبودية جديدة متوحشة يمارسها الغرب والبنوك
أما النقطة الثالثة التي تشغل فكر الزاوي فهي العدالة الاجتماعية، بمعنى الأنظمة السياسية وارتباطها بالعدالة لأنه من المدافعين عنها، ولا يزال يعتقد بأن الليبرالية قوة متوحشة، وأنها تستغل الحرية لتكريس عبودية جديدة وما يعيشه المجتمع المعاصر اليوم على المستوى الغربي أو الأمريكي اليوم، وانعكاسا على المجتمعات العربية والجنوب هي امبريالية جديدة.
يؤكد بأن ما نعيشه اليوم هو عبودية جديدة متوحشة
يمارسها الغرب وقوة البنوك والرأسمالية الجديدة المتطرفة، هذا الأمر يشغله كثيرا، وكيف أن الأنظمة العربية أصبحت اليد الثالثة أو الرابعة لتكريس اللاعدالة، واللاديمقراطية، هذا ما يتفرع عنه حرية التعبير، الديمقراطية السياسية، وغيرها من الأمور التي لا يمكن الدخول إلى المعاصرة في حضورها ما يعني أن المجتمعات العربية تعيش خواء ثقافيا، وهو مرعب وأساسه الكوارث التعليمية، والفقر والإقصاء، كل هذه الظواهر تشغل الزاوي، لكن ليس معناه، بعد الركائز الثلاثة المفصلية في رواياته، المرأة، الدين، العدالة الاجتماعية، أن الرواية تفكير خارجي، بل هي بالنسبة إليه انشغاله بها كمواطن، مبرزا أنه يكتب للإبداع ما يتطلب مجموعة من المعطيات من بينها الصدق الذي يجب توفره، وليس معناه أنك على حق وإنما أن تكون صادقا فيما تدافع عنه، وهو الذي يجعلك تراجع نفسك.
معتبرا أنه، في الفكر والكتابة لا يوجد دين، بل يوجد إبداع وهو المسؤول، وهي ليست عملية خارجية بل تتطلب ثقافة ومعرفة وأفكار ومعرفة متعددة وبعد ذلك تتطلب جنون الإبداع ويعني به الشجاعة والجرأة فيما يؤمن به لا ينتمي إلى حقل الكتابة مثلما ذهب إليه الزاوي.