إن الليبرالية التي جاءت لتجرد الإنسان من إيمانه ، مبادئه وكل قناعاته الأخرى لتكريس ما اصطلح على تسميته بـ (وحدانية اله السوق) لتصبح بهذا لغة البيع و الشراء (البزنس) في الأسواق العالمية هي الصيغة التي تحدّد على ضوئها العلاقات بين البشر عبر كل العالم ليتسنى ذلك لدعاة و منظري هذه الليبرالية المتوحشة كان لا بد من إزاحة الدين من الحياة العامة باعتباره آخر الحصون التي تقف في وجه تمدد هذا التسونامي الذي اكتسح كل شيء.
وعلى عكس ما يتوقّعه الكثيرون، اعتبر الدكتور أمين الزاوي أن الليبرالية و رغم الانطباع الذي تعطيه تسميتها (حر) توظف الحرية لتكرس عبودية جديدة وبالتاي فهي في صيغتها المتوحشة تنتج العبودية لا الحرية وهذا المشهد الاستعبادي الذي تسيطر عليه البنوك والرموز أصبح فيه الإنسان عبدا لقرارات بنكية تتم عبرها العمليات دون أن يرى هو شيئا من ذلك في إشارة إلى تبخر المحسوسات والملموسات في هذا العالم المتطور الذي لم تعد فيه هناك حاجة لحمل النقود العينية في جيبك بل مجرد بطاقة مغناطيسية تستعملها للتبضع والحصول على كل حاجاتك لان المطلوب منك هو الاستهلاك وليس التفكير وهذا الارتباط الكبير بالنزعة الاستهلاكية هو الذي يحولك إلى مجرد رقم في الأسواق التي تقوم عليها الفلسفة الليبرالية.
وفي السياق ذاته، اعتبر الدكتور أمين الزاوي ـ لدى نزوله ضيفا على ركن ضيف الشعب - أن الليبرالية ولكي تنتعش أسواقها عبر كل العالم عليها أن توحّد النمط المعيشي لكل سكان العالم و تجعله على مقاسها لهذا أصبح التنميط هو الحالة المشتركة لكل الدول والشعوب وعبر هذا المنطق تمّ تصدير النموذج الأمريكي الليبرالي لكل الدول إلى درجة أن شعوبها أصبحت تتشابه إلى حدّ التطابق سواء فيما يتعلق بالعادات الغذائية أو الهندام وأشياء أخرى كثيرة وأصبحنا نرى كيف أن من يسكن في آخر دشرة معزولة في الجزائر أو في غيرها لديه نفس النزعة الاستهلاكية التي لدى الأمريكي لأن الليبرالية تريده أن يكون كذلك وهذا اعتبره الزاوي اكبر تهديد للتنوع والاختلاف وما اضمحلال لغات وثقافات محلية في القارة الإفريقية وفي غيرها لحساب هذا النموذج الليبرالي المعولم الذي يكفر بالخصوصيات ويعمل على إزالتها إلا دليل على أن القادم أسوأ.