يرى مدير دار النشر «فيسيرا» والشاعر توفيق ومان أن الكتاب الديني في الجزائر ليس له رواج كبير، مرجعا ذلك لعدم وجود فقهاء كثيرين بإمكانهم الكتابة في هذا الميدان، فضلا عن وجود حساسية مفرطة بالنسبة لهذا الموضوع، بسبب العشرية السوداء التي مرت بها الجزائر، وما عرفته من أحداث.
أشار توفيق ومان في حديث لـ «الشعب» إلى أنّ هناك القليل من دور النشر الجزائرية، والتي تعد على أصابع اليد الواحدة تعمل على طبع ونشر الكتب الدينية، ولكن بتحفظ ـ حسب الشاعر ـ حيث يمر قبل نزوله إلى السوق على وزارة الشؤون الدينية للموافقة عليه، مشددا على أن هناك حساسية في الجزائر في مجال الكتاب الديني.
الشاعر توفيق ومان يرى بأن الجزائر بسبب قلة الترويج لهذا النوع من الكتب، استهلكت الكتاب الديني من الدول الأخرى، مؤكدا بأن ذلك لا يخدم الجزائر، على اعتبار أن كل دولة تروج لمذهبها وعقيدتها، وهو ما يجعل الجزائريون يتشبعون بأفكارهم ومعتقداتهم من خلال مطالعة الإصدارات التي تأتينا من مختلف الدول.
وتحدّث توفيق ومان عن الصالون الدولي للكتاب الذي تحتضنه الجزائر سنويا، مشيرا إلى أنها تتحفّظ على العديد من الكتب الدينية، حيث تعمل على مراقبة كل ما يدخل عن طريق دور النشر الأجنبية، مبرزا في سياق حديثه أن هناك لجنة هامة تضم أعضاء من وزارة الشؤون الدينية، وزارة الثقافة، الأمن الوطني، الجمارك، رئاسة الجمهورية، تقف على الكتب التي تقوم بتوجيه الرأي العام للمذاهب التي لا تخدم ديننا في الجزائر،وقال بأن الجزائر إنتاجها في مجال الكتب الدينية لا يتعدى 1 أو 2 في المائة.
وعن دور الكتاب الديني في صناعة الثقافة وتجسيد الهوية الوطنية، أكّد الشاعر توفيق ومان على الدور الذي يمكن أن يلعبه الكتاب الديني، ومنه الإنتاج الجزائري المحض في ترسيخ الهوية الوطنية، مشيرا إلى أن الجزائر استطاعت الترويج لدينها عن طريق الزوايا التي لعبت دورا مهما في نشر تعاليم الإسلام، وأضاف بأن الكتاب الديني المدروس جيدا يمكن من الترويج للثقافة الدينية.
«ومان» أكّد أنه من خلال زيارته للعديد من الدول لم يجد بلدانا تحافظ على مبادئها وهويتها مثل الجزائر، على اعتبار أن لديهم أقطابا ومذاهب كل منها تروّج لطريقتها الخاصة، قائلا «بأنّنا نحاول أن لا نتقبّل إلاّ الكتاب المعتدل الذي يعتمد على القرآن والسنّة».
وفي سؤالنا حول قلة الكتب الدينية في الجزائر، والتي تدفع القارئ الجزائري إلى اقتناء الكتب التي تأتينا من خارج الوطن، وهو ما نراه في الصالون الدولي للكتاب، حيث الإقبال على الكتب التي تطبع في السعودية ومصر وغيرها، يرى مدير دار النشر «فيسيرا» أنه على وزارة الشؤون الدينية الأخذ بزمام الأمور والاهتمام بالكتاب الديني الذي يغطي الاحتياجات الدينية للقارئ ويكون مدروسا بطريقة جيدة، وعدم فتح المجال لأي كان لإصدار فتاوى كما يرغب ويكتب ما يشاء، ففي نظر توفيق ومان يجب أن تعم ثقافة الاطلاع والتأكد من الأحاديث الصحيحة، وإتباع مذهبنا المالكي، وليس الكتب الأخرى التي تتصارع على بقية المذاهب، مطالبا بأهمية إشراك وزارة الشؤون الدينية في إصدار هذا النوع من الكتب.
وأكّد الشاعر توفيق ومان أن الكتاب الديني أصبح يُعتمد اليوم كسوق تجارية، والجزائر تعرف في السنوات الأخيرة إقبالا كبيرا على هذا النوع من الإصدارات، خاصة في الصالون الدولي للكتاب والذي يعرف نسبة مبيعات كبيرة، وحسب ومان فإنّ 40 أو 45 في المائة تعود للكتاب الديني وحده.
وشدّد ومان على أنّ طبع كتاب ديني في الجزائر أمر في غاية الحساسية، وبدوره لا يتجرّأ على الخوض في هذا المجال، بسبب قلة الأقلام ذات التوجه الصحيح إلا البعض منها، وقال: «بالنسبة لي صعب في الوقت الراهن أن أتوجّه إلى هذا الجانب».