حول ظاهرة الكتاب الديني في بلادنا، قال عنها الناشر محمد مولودي، بأنها ظاهرة بتنا نشاهدها تتكرر في معظم معارضنا وصالونات الكتاب لدينا، طغيان الكتاب الديني على المشهد العام، وأخذه الحيز الأكبر من المساحات والجمهور، متسائلا في السياق ذاته هل يعد هذا المشهد مشهدا صحيا ومؤشرا على تنامي المطالعة في عالمنا العربي، أم أن الأمر لا يعدو أن يكون خدعة بصرية؟ الجواب مخبأ في كواليس مهنة الكتاب، والخطوات التي يمر عليها الكتاب حتى يصل إلى المستهلك، ثم في تعريف الكتاب الديني.إن دور النشر المهتمة بهذا النوع من الكتب، تعلم أنها مصنفة في دائرة الكتب الواسعة الانتشار، فكتب الأخلاق والزهد والتصوف والتفسير والحديث والفقه وما يحوم في هذا الفلك من أصول وعقيدة وفكر إسلامي. يشكّل نواة المكتبة لدى أي
مثقف مسلم، وهو في حاجة مستمرة إليها كمراجع ومصادر لبحوثه أو مطالعاته اليومية، ثم تتسع دائرة المطالعة انطلاقا من هذه القاعدة.
ويضيف في نفس السياق بما أن معظم الكتب الأخرى تتوقف عند دوائر اختصاصها فقط، كالأدب والرواية والشعر، والعلوم بكل تخصصاته، كان الطلب عليها أضيق وعليه لم يعد المعرض عاما إنما يمتاز بالخصوصية.
لما علمت دور النشر ذلك قامت باستثمار أموالها فيه، إلى درجة أنها دخلت في منافسات كبيرة فيما بينها، مما أدى إلى انخفاض الأسعار، وبالتالي زيادة الإقبال، وتحولت من مهنة للنشر إلى مهنة لبيع الورق فقط، واكتفاء الناشرين بهوامش الربح التي يحققونها في شراء كميات كبيرة من الورق وطبعها وبيعها. مرت مهنة النشر بأزمة حقيقية، بعدما تحولت المعارض الدولية في البلاد العربية إلى مكبات للورق وخصوصا معرض اليمن والجزائر والقاهرة، حيث وصل عدد حاويات معرض الجزائر في معرض 2007 إلى رقم لا يمكن توقعه ولا بيعه حتى في ثلاث سنوات.
فاتخذت إدارة المعرض قرارا بتقليص عدد الدور المشاركة بالكتاب الديني حتى تصنع توازنا مع الكتاب الآخر،وتعرضت الإدارة حينها إلى ضغط كبير بحجة أنها تمنع الكتاب الديني.
وكان القرار الثاني هو إلزام كل دار بعرض كتبها فقط، وبهذا توازنت المعارض، وخرجنا من تجارة الورق إلى سوق الكتاب واستفاق الجميع من الصدمة. «أنا لا أقول أننا دخلنا مرحلة التقييم الحقيقي للمقروئية في الجزائر، فهناك مشاكل أخرى لا تقل حدة عن هذه، ولهذا لن نستطيع الحصول على النتائج الصحيحة للمقروئية في الجزائر، ومن أهم هذه المشاكل تدخل الدولة في دعم لم يكن مدروسا جيدا ولا وفق خطة واضحة المعالم، وهذا الكلام قد يزعج بعض الأطراف إلا أنها الحقيقة.
أضف إلى ذلك تفضيل النصوص التشريعية، للاستيراد على الإنتاج، وأولية المستورد والناشر على مكتبات البيع بالتجزئة وهذا أمر يستحيل معه بناء مهنة ولا قراءة أرقام صحيحة عن المطالعة في بلادنا».