لقد تغيّر تعريف المتحف خلال القرنين اللّذين أعقبا ظهوره، وذلك وفقا للتغيرات والتحولات التي عرفتها المجتمعات. وقد عمل المجلس العالمي للمتاحف «إيكوم» منذ تأسيسه سنة 1946 (وهو الذي يملك شبكة تضمّ أكثر من 30 ألف متحف ومتحفي محترف) على تحديث هذا التعريف ليكون «في خط واحد» مع واقع مجموع المتاحف في العالم.
لذا فحسب النظام الأساسي للمجلس العالمي للمتاحف، الذي تبنّته الجمعية العامة الثانية والعشرون، المنعقدة في 24 أوت 2007 بالعاصمة النمساوية فيينا، فإنّ المتحف «مؤسسة دائمة غير ربحية تعمل في خدمة المجتمع وتنميته وهي مفتوحة أمام الجمهور، وبإمكانها امتلاك التراث المادي وغير المادي للبشرية وبيئتها، وحفظها وإجراء البحوث بشأنها ونقلها وعرضها لأغراض الدراسة والتعليم والترفيه». ويلقى هذا التعريف إجماعا داخل المجتمع الدولي.
أما عن الدور المنوط بالمتحف، فإنّ منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة «يونسكو» تلخّص الهدف الأساسي للمتاحف في «صون التراث بمجمله والحفاظ عليه. فهي تنجز الدراسات العلمية اللازمة بغية التوصل إلى فهم وتحديد لمعنى هذا التراث وملكيته». كما تساعد المتاحف «في إعداد أخلاقيات عالمية مرتكزة على الممارسة بهدف الحفاظ على قيم التراث الثقافي وحمايتها ونشرها».
«أما المهمة التربوية التي تضطلع بها المتاحف على اختلاف طبيعتها، فتوازي عملها العلمي أهمية»، تضيف المنظمة الدولية، التي تعتبر أن للمتاحف أدوارا أخرى على غرار «التفاعل بين الثقافة والطبيعة، حيث يقوم عدد متزايد منها بتركيز اهتمامه على العلم والعلوم الطبيعية والتكنولوجيا».
كما تعتبر اليونسكو بأنّ المتاحف تعمل «على تحقيق التنمية داخل المجتمعات التي تحافظ على أدلّتها وتعير أهمية لتطلّعاتها الثقافية. كما تولي متاحف المجتمعات، من خلال اهتمامها الكبير بجمهورها، انتباهاً شديداً للتغيرات الاجتماعية والثقافية، وتساعدنا في التعريف عن هويتنا وتنوّعنا وسط علم متغير أبدا».
وترى المنظمة الدولية بأنّ التراث المحفوظ في المتاحف يعتبر «عاملا وأداة للحوار بين الأمم ولرؤية دولية مشتركة ترمي إلى تحقيق التنمية الثقافية، علما أن هذه التنمية قد تختلف بشكل كبير من حيث طبيعتها وشكلها وفقاً للإطار التاريخي والثقافي».
ولكن هذه الأدوار المذكورة، وحتى التعريف المتفق عليه، قد تشهد تغييرات هي الأخرى مع مرور الوقت، ولعلّ السبب الأول سيكون الثورة الرقمية التي نعيشها منذ الثلث الأخير من القرن الماضي ومطلع القرن الحالي. إذ بدل النظرة التقليدية للمتاحف، صرنا نتحدث اليوم عن «المتحف الرقمي» أو بصفة أدقّ «المتحف الافتراضي»، الذي يمكن زيارته والتجول في ردهاته دون تكبّد عناء التنقل إليه. كما تستعمل تكنولوجيا الاتصال، على غرار تطبيقات الهواتف الذكية، في التعريف بما تزخر به المتاحف من ثروات وزرع الاهتمام لدى الأفراد من أجل زيارة المتاحف.
كما أنّ للمتاحف علاقة وطيدة بالاقتصاد، سواء كمصدر دخل معتبر في الكثير من الدول، على رأسها تلك التي تعتمد السياحة كمحور لاقتصادياتها، أو كعبء على الاقتصاد لما تتطلّبه المادة المتحفية من صيانة وترميم، وهو ما ترُصد له ميزانيات هامة في ذات الدول المذكورة.